تواصل معنا

مقالات الرأي

موائد الرحمن في رمضان

يحمل شهر رمضان المبارك رمزية خاصّة، عند فئة كبيرة من المغاربة، ويكثر في هَذَا الشهر الفضيل التنافس على أعمال الخير وطلب الرحمة والغفران، تيمنًا بشهر أُنْزِل فيه القرآن، ويسارع معظم الناس إلى التآزر والتراحم؛ رغبةً في طلب الخير وتحصيل المنفعة عند الباري عزّ وجلّ، بالإضافة إلى تخصيص وقتٍ لتلاوة القرآن ونوافل الذكر وصلة الرحم بين الأهل والأحباب.

فضائل وشمائل تظهر مدى حاجة النفس إلى التزكية والتطهر من ماديات الحياة، وما يتعلق بها من عوارض في سائر الأيّام الأخرى، لذا حاز الشهر الكريم التفضيل دون غيره عن سائر الشهور والأيّام.

برمضان تميل النفس إلى فعل الخير، وتحاول جاهدة الإقلاع عن أمور عديدة، لا تقتصر بردع النفس عن الشهوات المباحة من أكل وشرب وما سوى ذلك، بل يتجاوز هَذَا الردع ترك ارتكاب المخالفات وعدم اتّباع هوى النفس.

نسمات رمضان بمنزلة اختبار للقيم والأخلاق، الَّتِي يستوجب على المسلم أن يتمسّك بها؛ ليكون إنسانًا نموذجًا بين باقي الملل والنحل، الَّتِي تشهد بهَذَا الاستثناء العجيب في شهر رمضان، وهي تمجد هَذِهِ العبادة لما فيه من صون النفس، وحثّها على سلوك الطريق الصحيح في العبادات والأخلاق، وفي كلّ ما ينفع الناس.

رمضان الخير لا يختزل في صيام وقيام وترك الملذات، بل في تثبيت اليقين، إن تغير نمط الحياة لا يحتاج إلى كبير جهد ومكابدة، بل في عزيمة صادقة عن الإقلاع والتغيير وإخلاص النية في إعمار الأرض باعتبارنا خيرَ أمّة أخرجت للناس، الاحتفاء برمضان لا يكون بإقامة ولائم والاجتماع على مائدة الإفطار من أجل إشباع النفس بالمأكل والمشرب والتعود على ذلك لثلاثين يومًا فقط، بل إنّ الغاية من هَذِهِ العبادة العظيمة والركن الثالث من أركان الإسلام هو تزكية النفس وتطهيرها وترويضها على الخير.

استقبال رمضان المبارك على الوجه الصحيح، يتطلّب مراجعةً دقيقةً للنفس، قبل الدخول بها إلى حضرة هَذَا الشهر الفضيل، لتنال حظّها من نفحات الرحمن، وتصل بها درجة شوق إلى مراتب عُليا تمكّنها من الفوز والظفر بمائدة الرحمن.. والله من وراء كل قصد.

تابعنا على الفيسبوك