آخر الأخبار
مقاطعة طنجة المدينة تتوشح بلحاف التفاهة

هناك قول عربي يُؤكّد أنَّ «أسوأ مصائب الجهل، أن يجهلَ الجاهلُ أنّه جاهلٌ» قول ينطبقُ على رئيس مقاطعة طنجة المدينة، الَّذِي وجد نفسه عاجزًا تمامًا عن الإجابة على سؤال أحد الصحافيّين بخصوص مضامين القانون الداخلي للمجلس، الرئيس بعد تلقيه هَذَا السؤال العادي والمشروع، لجأ إلى وصف صاحب السؤال بالفوضوي، واسترسل في ذلك، ونسى الرئيس أنّه قبل ثوانٍ قليلة كان عاجزًا عن تقديم إجابة من شأنها أن تنوّر الرأي العام المحلي.
إنَّ الرئيس الحالي الَّذِي ينتمي لحزب «الحركة الشعبية» –الَّذِي شاب انتخابه على رأس مجلس مقاطعة طنجة المدينة، مجموعةً من الخروقات المرفوضة في منطق السياسة– عاد من جديد ليُؤكّد أنّه حديث العهد في المسؤولية، وبالتالي غير واعٍ بحجمها وثقلها.
لعلّ فُقدان المصداقية، هو أكبر درس مستفاد من تصريح رئيس مقاطعة طنجة المدينة، وما لجوؤه للهجوم (غير المبرر) على واضع السؤال سوى فصلٍ جديدٍ من فصول ادّعاء الشرعية، وتبنّي خطاب المظلومية، فكيف ستكون ردّة فعل الرئيس (الحديث العهد) في حال ما انتقدته المعارضة أو حاولت مأزقته بطرح سؤال ما؟ هل ستكون ردّة فعله كالآن؟ هل سيتّهم المعارضة بممارسة الفوضى واستهدافه؟
يبدو أنَّ المثل الشعبي القائل «ما تغير صاحبك غير بالأسوأ منه» يشير إلى كارثةٍ كبرى، لا نريد أن نقرّ بها، تنتظر ساكنة طنجة المدينة، فحينما تصبح لغة الخطاب السياسي الموجهة للجمهور محصورةً بين «الهوليوودية والمؤامرة» يضيع المخطط الاستراتيجي لتحقيق التنمية، ويحلّ محلّه هدر الزمن السياسيّ، وتضييع فرص الإصلاح بسبب سيكولوجية الرئيس.
من المؤكد، أنَّ التوهج الَّذِي تحدثه البروبغاندا السياسيّة سريع الانتشار؛ غير أنّه سريع التلاشي أيضًا، فهل يعقل أن يستمرَّ أزيد من 250 ألفَ مواطن، يقطنون بتراب المقاطعة المذكورة من سماع خطابات سياسيّة فارغة المحتوى، دون روح ودون علم مسبق بأهمية التأطير والتكوين للانخراط (جماعة وأفرادًا) في تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد؟
أليس هناك عاقل يقول كفى للعبث وحي على الاستغلال؟ إنّ الثمن الَّذِي يدفعه المواطن المغلوب على أمره، يكون غاليًا عندما يُجهض حلمُه خلال خمس سنوات، فيفقد الثقة في السنوات الخمسة المقبلة، وتصبح الخمس عجاف والخمس سمان متشابهة فيما بينها، إنَّ الثمن أيضًا الَّذِي تدفعه النخبة المُثقّفة –العازفة عن الانخراط المباشر في العمل السياسي– هو مشاهدتها تصريحات وقرارات وبيانات لا ترقى لمستوى حالة الطبيعة الَّتِي تتسم بالعشوائية والانفعالية.
