إقتصاد
مغوغة” و”المجد”.. تحديات نقل مناطق صناعية من قلب أحياء مدينة طنجة

تُعدُّ المناطق الصناعيَّة داخل مدينة طنجة، مثل “المجد” و”مغوغة”، من أبرز المراكز الَّتِي أسهمت في دعم الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل للعديد من المواطنين.
ومع ذلك، فإن موقع هَذِهِ المناطق داخل النسيج الحضري للمدينة أصبح يُشكّل تحديًا كبيرًا على عدّة مستويات، أبرزها التلوث البيئي، والاختناقات المروريَّة، والضغط على البنيَّة التحتيَّة.
ومع تزايد الحاجة إلى التوازن بين التنميَّة الاقتصاديَّة والحفاظ على جودة الحياة، أصبح التفكير في قرارات جريئة ضروريًّا. فقد أصبحت المناطق الصناعيَّة الَّتِي أُنشئت سابقًا على أطراف المدينة اليوم محاصرة بالتوسّع العمراني، مما يضع سكان الأحياء المجاورة في مواجهة مباشرة مع الأضرار الناتجة عن الأنشطة الصناعيَّة، والروائح الكريهة المنبعثة من مصانع مغوغة، على سبيل المثال، إذ تثير استياء كبيرًا بين السكان القاطنين بالقرب منها، بالإضافة إلى الإزعاج الناتج عن حركة الشاحنات الثقيلة الَّتِي تعبر يوميًّا تلك المناطق، ما يسبب اختناقات مروريَّة حادة خاصة في ساعات الذروة. ولا تؤثر هَذِهِ المشكلات على السكان فقط، بل تضر أيضًا بالسمعة السياحيَّة للمدينة.
ولم تعد هَذِهِ المناطق تُلبّي متطلبات المرحلة الحالية، إذ إنَّ المساحات المحدودة والبنيَّة التحتيَّة المتقادمة تحدّ من استيعاب استثمارات صناعيَّة جديدة أو توسيع الأنشطة الحالية، مع ذلك فإن فكرة ترحيل هَذِهِ المناطق إلى أطراف المدينة لا تزال تواجه العديد من التحديات.
ويرى البعض أنَّ الكلفة العالية لمشروعات النقل وإعادة التأهيل قد تكون عقبة رئيسيَّة أمام التنفيذ، لكن هَذِهِ التحديات يجب أن تواجه بإرادة قويَّة، لأنَّ الفوائد طويلة المدى لهذه الخطوة تفوق التكاليف.
ورغم من هَذِهِ الصعوبات، فإن نقل المناطق الصناعيَّة إلى مواقع بعيدة عن الأحياء السكنيَّة يمكن أن يفتح آفاقًا جديدة للتنميَّة الحضريَّة، كما يمكن استغلال مساحات هَذِهِ المناطق في إنشاء حدائق عامة، ومراكز ثقافيَّة، ومؤسسات تعليميَّة، أو مرافق رياضيَّة، هَذَا التوجّه يمكن أن يُحوّل هَذِهِ المناطق إلى مراكز حيويَّة تسهم في تحسين جودة حياة سكان المدينة وتعزز من جاذبيتها السياحيَّة.
وتعد مدينة الدار البيضاء نموذجًا يحتذى به في ترحيل المناطق الصناعيَّة إلى ضواحي المدينة، إذ أسفرت هَذِهِ العملية عن خلق مناطق صناعيَّة جديدة مجهزة وَفْق معايير حديثة، مع توفير بيئة أكثر صحة للسكان، لذا يطالب العديد من الخبراء بتبني قرارات جريئة لبدء مرحلة جديدة من التنميَّة المستدامة الَّتِي تأخذ في الحسبان البعد البيئي والاجتماعي.
وفي حالة مدينة طنجة يمكن تحويل المواقع الحالية إلى مشروعات متنوعة تخدم المجتمع، مثل إنشاء مراكز تعليميَّة ذات مستوى عالٍ، أو مرافق رياضيَّة تستقطب الشباب وتوفر لهم فضاءات للتعبير عن طاقاتهم، كما يمكن أن تصبح هَذِهِ المناطق نقاط جذب ثقافيَّة من خلال إنشاء مسارح، متاحف، ومكتبات عامة.
ويبقى التعاون بين السلطات المحلية والمستثمرين ضروريًا لتحقيق هَذَا الطموح، مع الأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف، بما في ذلك العمال، والشركات، والسكان، فالمدينة الَّتِي تسعى لأن تنافس عالميًّا في مجالات الاقتصاد والسياحة يجب أن تبدأ أوّلًا بإعادة ترتيب أولوياتها، بما يضمن انسجامًا بين التطور الصناعي وجودة الحياة.
