تواصل معنا

القانون والناس

مستعملو الطريق السيار بين القانون وواقع الحال‎‎

في خضم ما يشهده المغرب من توسيع للطرق وتطورها يجد مُستعملو الطريق، خصوصًا السائقين المهنيّين أنفسهم عرضةً للتأخير، بعد دخولهم الطريق مباشرة؛ بسبب الأشغال، وكلَّما كانت المسافة أطولَ إلا وتجد هَذِهِ الأشغال مرَّات عديدة ولمسافة طويلة، والسرعة مُحدّدة في 60 كيلومترًا في الساعة، ناهيك عن أنَّ أغلب الطرقِ السيَّارةِ بالمغرب لا تحتوي على إنارة على طول الطريق، ما يجعل السؤال المطروح، كيف يمكن تعويض أي مُستعمل للطريق السيَّار عن الأضرار الناجمة عن التأخير أو الحوادث الاستثنائية الناتجة عن الإشارات الفارقة بين الممرات عند تلاقي الطرق؟! وما محل القانون من الإعراب في هَذِهِ الحالة؟ 

إن كان القانون رقم (89-4) المُتعلّق بالطرق السيَّارة، والصادر بموجبه الظهير رقم (109-91-1) بتاريخ 6 غشت 1992، والمرسوم التطبيقي له رقم (189-2) بتاريخ 2 فبراير 1993، يُشكّل الإطار القانوني الأساسي الَّذِي يُمهّد الطريق حقًا نحو إنشاء واستغلال الطرق السيَّارة وتنظيمها. تمّ تعديله بموجب القانون رقم (03-21) الَّذِي مكّن من إدراج توضيحات بخصوص المخالفات، وتعزيز العقوبات المرتبطة بها، قصد ضمان مستوى أفضل للسلامة بشأن حركة المرور على مستوى شبكة الطرق السيَّارة. فأين حقُّ السائق المهني وغيره في الخروقات الَّتِي تسبب في عزل السائق أو مشاكل أخرى لا علاقة له بها إلا أنّه فضَّل استخدام الطريق السيَّار. 

المُشرّعُ المغربيُّ في مقتضيات المادة (11) من القانون نفسه، نصَّ على وجوب استعمال المسالك الموصّلة للطرق السيَّارة، بمراعاة مقتضيات المادة (2) من القانون المتعلّق بطرق السيار، الَّتِي تنص على أنّه، لا تَغفل عن عدم استعمال أي مسلك مُمهّد للطريق السيَّار، سواء في حالة الشروع في إحداث ممر مخصص لذلك، أو في حالة صيانة ممر مُخصّص لذلك، أو حتّى في حالة خلق أصحاب مشروع الصيانة لمنفذ –إلى الطريق السيار- اقتضته ضرورة العمل داخل الطريق السيار. يعد مخالفة؟!!!

وبالتالي ففي حالة وقوع إحدى هَذِهِ الحالات، فإنّه يجب أن تُطبّق مقتضيات المادة (17) من القانون الإطاري، الَّتِي نصت على أنه: «يعاقب بغرامة من 500 درهم إلى 1500 درهم عن المخالفات لأحكام المواد 11 و 12 و 13 و 15 و 16 من هَذَا القانون»، ونفس الأمر يمكن أن نجده ضمن مقتضيات الموادّ 13 و 13 مكررة و 13 مكررة مرتين و15 و17، بحيث لا يجوز في وقت يتم فيه إما إنشاء أو صيانة أو استغلال طريق سيّار تلقين دروس في قيادة السيَّارات أو بتجربة المركبات، أو حتّى التوقّف كيفما كانت الأسباب، خصوصًا لركوب أو نزول المسافرين، أو في أشرطة التوقّف العاجل، وكذا عرض وبيع الموادّ والبضائع.. فضلًا عن مكوث المركبات في الشريط المركزي الفاصل بين قارعتي الطريق السيَّار… وهَذَا كلّه تحت طائلة تفعيل مقتضيات الباب المتعلق بالعقوبات، وأنّه في حالة العود يتم تطبيق هَذِهِ العقوبات بشكل مُضاعف. الأمر الَّذِي لا علاقة له بالطريق السيَّار للمملكة جلها!!!

وباستقرائنا مقتضيات المادة (5) من القانون، فإنّه يعتمد على كون مشاريع الطرق السيَّارة مندرجة ضمن الأملاك العامة للدولة، ما يجعلنا أمام ضرورة الحديث عن الحماية المدنية والجنائية لمستعملي طرق السيَّار.

إن كانت الحماية الجنائية تتجلّى في المادة (5) من قانون الإطاري، فهي تحيل في حقيقتها إلى مقتضيات الفصل 609 من القانون الجنائي، الَّتِي تنصّ على أنّه «يُعاقب بغرامة من 10 إلى 120 درهمًا من ارتكب إحدى المخالفات الآتية: 

  • من عيَّب أو أتلف، بأي وسيلة كانت طريقًا عامًّا أو اغتصب جزءًا منه.
  • من أخذ دون إذن من الطريق العام حشائش أو ترابًا أو أحجارًا أو أخذ ترابًا أو موادّ من مكان مملوك للجماعات.
  • من كان مُكلفًا بإضاءة جزءٍ من شارع عام، أهمل إضاءته.
  • من ألقى أو وضع في الطريق العام قاذورات أو فضلات أو أزبالًا أو ماء الغسيل أو أي مادة من شأنها أن تؤذي بسقوطها أو أن تنشر روائحَ ضارة أو كريهة.
  • من وضع بأية وسيلة كانت دون إذن من الجهة الإدارية المختصّة كتابات أو خطط علامات أو رسومًا على منقول موجود في تلك العقارات، إما من أجل إنجاز مصلحة عمومية وإما موضوع تحت تصرف الجمهور.
  • من وضع أو ترك في مجاري المياه أو الينابيع موادَّ أو أشياءَ أخرى من شأنها أن تعطل جريانها.

فيما يخص الحماية المدنية لمشاريع الطرق السيار، وبناء على المادة (5)، فإنّه لا يجوز التصرَّف في الأراضي والمنشآت والتجهيزات وجميع العقارات الَّتِي تكون لازمةً بشكلٍ مُباشرٍ لإنشاء الطرق السيارة، ومعنى ذلك إخراجه من دائرة التعامل واتّسامه حين يكون محلًا لأي التزام بعدم المشروعية وبعدم الصلاحية؛ لأن يكون تبعًا لذلك محلًا لأي تصرف، بحيث يبقى خارج نطاق جميع المعاملات الَّتِي تخضع لقواعد القانون الخاص كالبيع والرهن والإيجار والهبة والوصية، الَّتِي لا يمكن تطبيقُها على الأملاك العامة، علاوةً على كونه لا يخضع لإجراءات نزع الملكية كما نصت عليه المادة (4) من قانون رقم (81-7) المتعلق بنزع الملكية الصادر في 6 ماي 1982، يمنع على الإدارة اللجوء إلى مسطرة نزع ملكية العقارات، كما لا يمكن إنشاء حقوق عينية على الملك العام. ويمكن إضافة قاعدتين أخريين إلى قواعد الحماية المدنية لمشاريع الطرق السيَّارة، وهما قاعدتا عدم جواز تملك الملك العام بالتقادم، وعدم جواز الحجز على الملك العمومي.

يتبع

تابعنا على الفيسبوك