آخر الأخبار
ماذا أعد مسؤولو عاصمة البوغاز من مخططات طنجة 2050؟

يُعدُّ التخطيط الترابي، باعتباره مقاربةً لتحسين التدبير، وأداة ذات أهمية بالغة تتيح الانكباب على الأولويات واستكشاف البنيات والوسائل المناسبة، من أجل تنسيق والتلقائية التدخلات التنموية، كما يُقدّم إطارًا دقيقًا لتتبع مشاريع التنمية، وَفْق مؤشرات قابلة للمتابعة والقياس، ويعتبر حاملًا أساسيًا لتعبئة التمويل العمومي.
وفي هَذَا الإطار، فإنَّ التخطيط الترابي، يتوخّى التنظيم لتحديد الأهداف وتقدير الأفعال اللازمة لتحقيقها، ويتعلّق كذلك بمختلف الخطوات، الَّتِي يعتزم اتّخاذها للانتقال من الوضعية الحالية للوحدة الترابية إلى الوضعية الَّتِي تريدها مستقبلًا. ويمكن القول، إنّه تصوّر مُستقبليّ تتّخذ بشأن تنفيذه مجموعةُ إجراءاتٍ لتحقيق أهدافٍ مُعيّنةٍ، عبر هندسة محكمة للمستقبل، وتطوير الخطوات الفعّالة والناجعة لتحقيقه، ما يحدّ من دور البديهة والحدس في إنجاز الأهداف وتحقيقها.
ورغم ما طبع دستور سنة 1962 من اعتراف بالوحدات الترابية وأدوارها، فإنّ صلاحيات الجماعات في تدبير شؤونها بقيت محدودةً، كما ظلّت صلاحياتها -على مستوى التخطيط- جدّ محدودة، حيث خصّ الظهير الشريف رقم (1.63.273) للعامل القرار الفعلي على حساب رؤساء الجماعات في مجال التخطيط الجماعي.
وعرف مجال التخطيط الترابي -بعد ذلك- تطورًا نوعيًا في اتجاه اللامركزية، من خلال ظهير شتنبر 1976، المُتعلّق بالميثاق الجماعي، حيث منح الجماعات الحضرية والقروية اختصاصاتٍ مُهمّةً في اتّخاذ القرارات الكفيلة بتحقيق التنمية، من خلال منطوق الفصل (30) الَّذِي يشير إلى أنه من الصلاحيات المخولة للمجلس الجماعي أن يفصل بمداولاته في قضايا الجماعة، ويتّخذ لهَذِهِ الغاية التدابير اللازمة ليضمن للجماعة المحلية كاملَ نموّها الاقتصاديّ والاجتماعيّ والثقافيّ، فضلًا عن إقراره صلاحية قيام الجماعات بإعداد برنامج التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة.
وتميّزت مرحلة الميثاق الجماعي (78.00) الَّذِي دخل حيّز التنفيذ في أكتوبر 2002 باستراتيجية اقتصادية هدفت إلى تعزيز المسؤوليات الاقتصاديّة والاجتماعيّة بين الدولة والجماعات الحضرية والقروية، ويُعدُّ المخطط الجماعي للتنمية من المفاهيم الجديدة، الَّتِي جاء بها الميثاق الجماعي 18.07 لسنة 2009 المُغيّر والمتمم للقانون رقم (78.00).
وحملت مقتضيات دستور 2011، وبعده القانون التنظيمي (113.14) مؤشراتٍ واضحةً على توجه المغرب نحو تعزيز اللامركزية الترابية، بحيث تُعزّز دور التخطيط الجماعي على هَذَا المستوى، وجعل القانون التنظيمي مفهومَ برنامج عمل الجماعة ضمن صميم الاختصاصات الذاتية لهَذِهِ الأخيرة ووضح نصٌّ تنظيمي كيفية إعداده وتتبعه وتقييمه.
وتتزايد أهمية موضوع التخطيط الترابي باستمرار، خاصّةً بالنسبة لمدينة مثل طنجة بصفتها عاصمة الجهة ومركزَ ثقلها الاقتصادي القائم أساسًا على الأنشطة المينائية والصناعية بمناطق التسريع الاقتصادي الموجودة في محيط الحواضر الكبرى، في مقدمتها المركب المينائي طنجة المتوسط، الَّذِي يُعدُّ منصةً بمواصفاتٍ دوليّةً بالضفة الجنوبية لمضيق جبل طارق.
كل هَذِهِ الاعتبارات تفرض اليوم التوجّه نحو المستقبل بتصوّرات ومُخطّطات واضحة وناجعة، علمًا أنَّ جهة الشمال -الَّتِي تُعدُّ من الجهات الخمس، الأكثر اكتظاظًا بالسكان- ستحتفظ بهَذَا التصنيف في أفق سنة 2030، بحيث ستُساهم وحدها بنحو 12% من النمو الديموغرافي العام على الصعيد الوطني.
كما أنَّ عمالة طنجة أصيلة، بدورها ضمن أكثر 12 عمالة /إقليم ازدحامًا، حيث سيُشكّل تعداد ساكنتها مجتمعة ما نسبته 39،6% من مجموع سكان المغرب ولترتفع في أفق 2030 وتبلغ 38،9% من سكان المغرب.
