مقالات الرأي
لماذا فشلت كل التجارب الرامية لتشبيب المشهد الحزبي في المغرب؟

أنوار المجاهد
لقد سمعنا هَذَا السؤال كثيرًا في السنوات القليلة الماضية، في الكتب، وعلى صفحات الرأي والبرامج الإخبارية وفي خطابات الملك محمّد السادس وكل الوزراء والأمناء العامين للأحزاب.
لكنَّني أجد نفسي دائمًا أجيب على السؤال بسؤال آخر: لماذا ننادي بتشبيب الهياكل الحزبية إذا كانت القرارات الصادرة عن الشباب لا يتم الأخذ بها؟
الدليل الحقيقي الوحيد الَّذِي لدينا في هَذَا الشأن، أنَّ الديمقراطية الحزبية في المغرب نادرة وعابرة تشتغل بشكل غامض تقريبًا عندما يتعلّق الأمر بالتجييش والتنظيم، وإضفاء رونق وجمالية على القاعات المُكيّفة، من خلال اللقاءات الحزبية والندوات الحقوقية، ثم تتلاشى، على ما يبدو، بنفس القدرة من الغموض، عندما يتعلّق الأمر باقتراح مشاريع قوانين تهدف لحماية حقوق الشباب المكفولة دستوريًا، ما يُفسّر صعوبة تحقيق الديمقراطية الحقيقية في الأحزاب اليوم، وبمجرد تحقيقها تصبح هشّة وتفرز تناقضاتها هَذَا هو الاستثناء وليس القاعدة.
على الرغم من الطبيعة المراوغة للقيادات الحزبية المغربية في علاقتها بالشباب، فإنّ فكرتها الأساسية بسيطة للغاية، كأعضاء في حزب، يجب أن يكون لنا رأيٌّ متساوٍ في كيفية إدارة الدولة حيث إنّ أوراق ومشاريع الأحزاب الَّتِي تظلّ حبيسة الرفوف، تشير إلى أنّ الجميع يتمتّع بحرية التناغم والمشاركة في صياغة القرارات، ويتم إشراك الكلّ في اتّخاذ القرارات، إلا أنّه وكما أشرت كلام لم ينفض غبار السنين عنه بعد، فالسياسي الَّذِي ألِف حلاوة الريع لا يترك لأحد الحرية في المشاركة في صياغة القرار لينفرد بالسلطة المطلقة، الَّتِي تُؤدّي إلى الغطرسة وسوء المعاملة».
هل سمعت من قبل عن أيّ شيء أكثر منطقية من كلام سياسي عن التغيير الَّذِي ينشده الشباب؟ لا طبعًا فالخطاب السياسي المستعمل يدغدغ المشاعر لا غير فيما ما خلف «السواهي دواهٍ»
في الأساس، لا يميل السياسي المغربي للعيش بشكل ديمقراطي، ويمكن له أن يبدع نظريات في كون أنَّ الديمقراطية «غير طبيعية»؛ لأنّها تتعارض مع غرائزنا ودوافعنا الحيوية.
فالأمر الأكثر طبيعية بالنسبة له، تمامًا مثل أي كائن حي، هو السعي للبقاء على قيد الحياة والتكاثر. ولهَذَا الغرض، يُؤكّد لنفسه بلا هوادة، عن غير قصد، حقيقة وحشيته ضد الآخرين يدفعهم جانبًا، يتجاوزهم، يسقطهم، بل يسحقهم إذا لزم الأمر.
