تواصل معنا

القانون والناس

قرارات الحكومة بزمن الوباء وإرجاع العربون مسؤولية مَن؟

وحسب مقتضيات الفصل السالف الذكر، نجد أنّ العربون لا علاقة له بالدين، لأنّه هو مال يعطيه أحد المتعاقدين للآخر بقصد ضمان تنفيذ تعهّده إذا نُفذ العقد، خصم مبلغ العربون مما هو مستحق على من أعطاه، أما إذا كان الالتزام غير ممكنٍ التنفيذ، أو إذا فُسخ، بسبب خطأ الطرف الَّذِي أعطى العربون، كان لمَن قبضه أن يحتفظ به، ولا يلزم برده، إلا بعد أخذه التعويض الَّذِي تمنحه له المحكمة، إن اقتضى الأمر ذلك.

في حين أنّ الوضعية الراهنة تختلف تمامًا عن الفصل (190) من قانون الالتزامات والعقود كون عدم التنفيذ راجع لطرف ثالث إلا وهو الحكومة، بيد أنّ مسؤولية الحكومة، فيما يتعلق بالعربون، هل هي تُعدُّ مسؤولية مباشرة، مما يترتب عنها التعويض لجميع الأطراف أم أنّها هي أيضًا طرف متضرّر؟ وهل يمكن أن نتطرّق إلى نظرية عمل الأمير؟ الَّتِي هي كلّ عمل يصدر من سلطة عامة دون خطأ من جانبها، ينجم عنه سوء مركز المتعاقد في عقد إداريّ، ويؤدي إلى التزام جهة الإدارة المتعاقدة بتعويض المتعاقد المضرور عن كلّ الأضرار، الَّتِي تلحقه من جراء ذلك، بما يعيد التوازن المالي للعقد قيام السلطة بمنع الأعراس والأفراح بشكل مفاجئ، خارج إطار العقد المبرم بين صاحب الفرح والمتعاقد معهم من مطربة ونقاشة وووو.

مع ما يترتب عن ذلك من مقاطعتهم العمل بالفرح حصول للعروس، وأهلها مع هَؤُلَاءِ، هل يستدعي تعويض المتضرّر بشكلٍ كاملٍ؟ أم كان الله في عون الجميع، وعلى المتضرّر اللجوء إلى الله سبحانه وتعالى، لكي يستحق المتعاقد تعويضًا كاملًا على أساس نظرية عمل الأمير، يجب أن تتوافر الشروط التالية:

  1. إصدار إجراء ضار عن جهة الإدارة المتعاقدة أي إجراءات المنع، الَّتِي أنزلتها الحكومة بحق الأفراح والأعراس بشكل كلّي، فإذا كان التصرّف صادرًا عن جهة إداريّة أخرى أيّ قرار دولي أو عن طريق أوامر عُليا، فعندئذ هل تطبق نظرية عمل الأمير، أم تطبق نظرية الظروف الطارئة؟
  2. أن يكون الإجراء الصادر عن الإدارة في حدود سلطاتها، وليس نتيجة خطأ من جانبها: فمسؤولية الإدارة في نطاق نظرية عمل الأمير، مسؤولية عقدية بلا خطأ، ما يعد معه ارتفاع عدد الإصابات بـ«كورونا» لا علاقة له بالسلطات ولا بقراراتها، وبالتالي يبقى السؤال المطروح مَن هو المسؤول عن هَذِهِ المهزلة هل المصابين أم العريس أم؟
  3. 3-    أن يكون الإجراء الصادر عن الإدارة غير متوقعٍ عند إبرام العقد، وينصرف عدم التوقع فيما يتعلق بالإجراءات الخاصة، إلى حدود التعديل ومداه، فإذا نظم العقد كيفية ممارسة حقّ التعديل وحدوده استبعدت النظرية، أمّا إذا لم ينظم العقد كيفية إجراء التعديل، فإنّه يتم تطبيق النظرية. وبالتالي لا علاقة لعمل الأمير هنا لأنّ المنع كان متوقعًا ما دام الوباء منتشرًا.
  4. أن يترتب على عمل الأمير ضررٌ للمتعاقد يزيد من أعبائه المالية: ولا يشترط في هَذِهِ الحالة أن يكون الضرر على درجة مُعيّنة من الجسامة، وإنَّما يجب أن يؤدي إلى اختلال التوازن المالي للعقد. وهي حالة العريس بدفعه للعربون؟

فهل يمكن أن يُعوّض المتعاقد عن الأضرار، الَّتِي تحملها بسبب عمل الأمير، إذا ما لحق المتعاقد من خسارة، أم هَذِهِ الحالة بعيدة كلّ البعد عن عمل الأمير، وتدخل في الظروف الطارئة والقوّة القاهرة؟

تابعنا على الفيسبوك