القانون والناس
قانونية جواز التلقيح وواقع التجاوز

اعتمدت السلطات المغربيّة قراراتٍ متتاليةً ومتباينةً بين الدستور وواقع الحال، حيث فرضت «جواز التلقيح» كشرطٍ للتنقل بين مدن المملكة، والسفر إلى الخارج، ودخول المؤسّسات العامّة والخاصة، ما يدلّ على إجبارية تلقي اللقاح، بعدما أكَّدت السلطات اختيارية الحصول عليه في وقت سابق. حيث إنَّ الفصل (6) من دستور المملكة ينصّ على أن: «القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمّة. والجميع، أشخاصًا ذاتيّين أو اعتباريّين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له».
تعمل السلطاتُ العموميةُ على توفير الظروف، الَّتِي تمكن من تعميم الطابع الفعليّ لحُرّية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة والاجتماعيّة. كما ينص الفصل (22): «لا يجوز المسّ بالسلامة الجسديّة أو المعنويّة لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصّة أو عامّة». لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أيّ ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية.
ممارسة التعذيب بكلّ أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون، مما يبقى معه التساؤل مطروحًا حول مدى قانونية اللقاح والتعسّف المستعمل من قبل كلّ من هبّ ودبّ تّجاه المواطن المغربي بمختلف شرائحه؟
عندما تجد شرطيَّ مرور يوقف صاحب سيارة خاصّة، لم يرتكب أي مُخالفة ليسأله عن جواز التلقيح أو يُقرر متابعته بمخالفة؟ هل يمكن اعتبار هَذَا تعسفًا أم تجاوزًا أم قدر الله؟
إن كان «جواز التلقيح»، وثيقة تُمنح في المغرب لكلّ من تلقّى جرعتي التطعيم المضاد لفيروس كورونا، أو ثلاث جرعات! حيث قرَّرت السلطات فرض إبرازها منذ 25 أكتوبر 2021، كشرطٍ حصريٍّ من أجل التنقّل بين المدن، فهل هو إجباري للتنقل بين الأحياء والأزقة في المدينة نفسها؟ أم أنّه عبارة عن وسيلة للضغط على المواطن والعودة لاستعمال الاستبداد المُقنّن؟ وهل من حقّ المواطن متابعة من سوّلت له نفسه التعسّف في استعمال سلطته؟ أم على المتضرّر اللجوء إلى الله؟
قرارٌ السلطات لاعتماد المقاربة الاحترازية الجديدة أساسها «جواز التلقيح» كوثيقة معتمدة من جانب السلطات الصحية، تُمكّن كلّ من ليس له الصفة، بتجاوز حقّ الفرد في خصوصية التنقّل في وطنه بحُريّة تامة، سواء بدخول المؤسّسات العامة والخاصة والفنادق والمقاهي وغيرها، هَذَا كله في وطنك، فما بالك في التفكير للسفر إلى الخارج؟!
فهل سيتغير الحال إلى أحسن مع تعالي الأصوات الحقوقية والشعبية الرافضة للإجراء، والداعية إلى ضرورة تراجع السلطات عنه، للوقف هَذَا المساس بالحقوق الأساسية للمواطنين. فهل الحق في عدم تلقي التلقيح مكفولٌ قانونًا، غير أنه يصطدم مع الحق في حماية حياة الآخرين، الَّذِي يُعَد أسمى وأقوى من حقّ رفض التلقيح، ويبرر للدولة التدخل من أجل حماية هَذَا الحق؟!
