تواصل معنا

مجتمع

في ظل النفاق الاجتماعي.. دعارة «روتيني اليومي» تعود لاكتساح مواقع التواصل‎‎

تصدَّر النقاش حول ظاهرة روتيني اليومي، الصفحات المغربيَّة بمواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الأخيرة، لتُثير هَذِهِ الظاهرة الجدل مرّة أخرى، بشأن ما تبثّه عدّة قنوات عبر المنصات الاجتماعية من محتوى، حيث انتقد عدّة فاعلين المحتوى الَّذِي يتضمّن إيحاءات ذات طبيعة جنسيَّة من أجل استقطاب أكبر عددٍ من المشاهدين.

وأثارت الظاهرة استياءَ نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، الَّذِينَ لفتوا إلى مساهمة تلك التسجيلات المرئية في تفشّي العنف ضد النساء، منبهين، كذلك، إلى تكريسها الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام الجديدة، ومشيرين إلى تأثيرها السلبي في الأطفال الَّذِينَ قد يصادفون هَذِهِ الفيديوهات.

وفي سياق متصل، نادت عدّة شخصيات وفعاليات بحسم الموضوع المثير للجدل، بإدراج هَذِهِ الأشرطة ضمن المحتويات الجنسية، الَّتِي يُجرّمها القانون الجنائي المغربي، الَّذِي ينص فصله (483) على أنَّ مَن ارتكب إخلالًا علنيًا بالحياء، وذلك بالعرى المتعمد، أو بالبذاءة في الإشارات أو الأفعال، يُعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنتين، وبغرامة من مئة وعشرين إلى خمس مئة درهم، ويعتبر إخلالًا علنيًا متى كان الفعل الَّذِي كونه قد ارتكب بمحضر شخص أو أكثر شاهدوا ذلك عفوًا أو بمحضر قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، أو في مكان قد تتطلّع إليه أنظار الجمهور.

وتتصدر مقاطع «روتيني اليومي» قائمةَ الفيديوهات الأكثر مشاهدةً على تطبيق «يوتيوب» حيث توثّق بعض النساء يومياتهنّ بالصوت والصورة، خاصّةً ما يتّصل بالمطبخ والتنظيف، بارتداء ملابسَ شفَّافة مع القيام بحركات ذات إيحاءات جنسيَّة، في أثناء تأدية الواجبات المنزليَّة.

وتكمن خطورة فيديوهات «روتيني اليومي» المرتكزة على الإباحية الجديدة في إمكانية مشاهدتها من طرف الأطفال والمراهقين، لهَذَا أضحت الحاجة مُلحّة إلى تأطير قانوني يُميّز ويُحدّد ويضبط الوصلات المقبولة قانونيًا والفئات العمريّة، الَّتِي يسمح لها متابعتها.

وبتحليل بدايات هَذِهِ الظاهرة، فإنَّ ظهورَها كان في المجتمعات الَّتِي ظهرت فيها التكنولوجيا بوصفها أداة فرجويّة ربحيَّة، وليس وسائط خدماتيّة باستعمالها يستطيع الإنسان أن ينتقل من حالة اجتماعيّة أو ثقافية إلى أخرى، وبالنظر إلى طبيعة ما تقوم به مجموعة من النسوة، تحت مُسمّى الروتين اليومي، إنَّما يعبر عن مظاهر الانزياح عن مفاهيم اجتماعيَّة ودلالات ثقافيَّة واجتماعيَّة وحقوقيَّة وقانونيَّة ودينيَّة، كما يكشف عن حالات اعتماد الإقامة في الافتراضي، باعتبارها بديلًا خارج الوصاية والتعاقدات المجتمعية والقوانين والقيم السائدة، وفضاءً خصبًا للترويج وتعاطي ما يُسمّى بـ«روتيني اليومي»، الَّذِي لا يعدو أن يكون إلا نوعًا من المتاجرة في المكبوتات الجنسية وضربًا من ضروب الدعارة.

وفي علاقته بمنظومة القيم المغربية، يُمكن اعتبار موضوع الروتين اليوميّ، وما يرتبط به من فيديوهات وصناعة محتوى تعكس احتباسًا قيميًا، بمعنى أنه إذا تمَّ التطبيع مع هكذا أفعال، فإنّ ذلك سيرهن الأجيال القادمة داخل مصفوفة من القيم الَّتِي تعتبر المرأة جسدًا وبضاعةً تُدرّ دخلًا على صاحبها، ويتم هَذَا بشكلٍ يجعل التعامل لدى المتلقي/الطفل واليافع، ويرتكز على أساس أنَّ له صفة الزبون، وتتمَّ إثارة أحاسيسه وغرائزه لجذبه وجني أرباح من وراء ذلك.

تابعنا على الفيسبوك