تواصل معنا

سياسة

عين على أبناء طنجة: الحلقة الحاديَّة عشرة: عادل لعروسي.. مسار حياتي شاق جعل منه مناصرًا لقضايا المظلومين والمهمشين

لا يختلف اثنان، كون مدينة طنجة أو طنجى أو طنجيس، ليست كجُلّ أو باقي المدن المغربيَّة الأخرى، فهي مدينة الاستثناء في هَذَا الوطن، كيف لا وهي مدينة ملتقى البحرين وبوابة إفريقيا نحو أوروبّا، وهي المدينة الَّتِي أنجبت على طول امتداد عقود وسنوات مضت، جيلًا من النُّخب والأطر المُثقّفة والسياسيَّة والأكاديميَّة، وجيلًا من رجال المقاومة الوطنيَّة سواء كانوا أعضاء بالحركة الوطنيَّة أم بجيش التحرير، وأيضا أنجبت مئات الخبراء ومن الأساتذة الجامعيّين ومن الفنَّانين، كما أنجبت عددًا من الرياضيّين ومن المُسيّرين وغيرهم من الباحثين والمُختصّين في مجالات مختلفة ومتعدّدة، لكن من الصعب أو النادر أن تجد شخصًا في عقده الرابع، قرر تكريس نفسه خدمة لمدينته ولوطنه ولمهنته، إذ لا يحب تسليط الأضواء عليه، بقدر ما يعشق التفاني في العمل، فكل من يعرفونه يقرّون بصدقه ووفائه وعطائه، إذ أصبح قدوةً للعطاء وللإنصات وللتواصل.

كما من الصعب أن تجد شخصا في هَذَا السن، مثقف ناجح في مساره المهني، بل قادر على المساهمة في إعطاء إشعاع كبير لمدينته عبر خدمة مهنته وخدمة زملائه، كيف لا وهو الَّذِي قرر طوعا أن يترافع ويناصر المظلومين، وأن ينحاز لقضايا المدينة وأن يكون صوت زملائه بالهيئة المهنيَّة الَّتِي ينتمي إليها، خصوصًا أنّه الإنسان الَّذِي تربّى على القيم التضامن والتعاون والتطوع.

حسن تواضعه وتواصله وإصغاؤه أيضًا للآخرين، جعل منه رمزًا يُحتذى به في صفوف كلّ من عايشوه، فرغم انتمائه إلى جيل شبابي، فإنّه يحسن التواصل مع جُلّ الفئات العمريَّة، شيوخًا أم كبارًا، شبابًا أم أطفالًا، وهَذَا ما يجعله محبوبًا عند الكلّ، فهو يُجسّد بالفعل مفهوم المجايلة.

لا يمرّ يومٌ واحدٌ إلا وتجده يُعبّر عن عشقه وحبّه لمدينة طنجة، فهو الشخص الَّذِي لا يمكنه أن يتوانى عن خدمة محيطه -وإن كان ذلك على حساب صحته ووقته- فالمدينة والوطن من أهمّ أولوياته.

اليوم وفي إطار سياسة جريدة «لاديبيش»، الَّتِي تحاول رصد كلّ الشخصيات الشماليَّة والطنجاويَّة الناجحة بامتياز وتقدير في مجالها، ارتأت أن تتوقّف عند رجل كلّما تقدّم في السنّ إلا وازداد حكمة ونضجًا وعطاءً لمدينته ووطنه، وراكم نجاحاتٍ ذاتيَّة يشهد بها العدو قبل الصديق.

  • ينحدر من طنجة العالية.. 49 سنة من النضال والكفاح

لم يظن «عادل لعروسي» المزداد سنة 1975، بمدينة أصيلة إقليم طنجة أصيلة، عاصمة شمال المملكة المغربيَّة، وبالضبط بشارع «المهدي بن تومرت» المعروفة بسيدي والو، أنه سيُصبح يومًا ما شخصية تُسهم في تسيير شؤون مجلس هيئة المحاماة بطنجة، إلى جانب اهتمامه الدائم بشؤون المدينة الَّتِي تربّى واستقرَّ بها «مدينة طنجة»، إذ يتميّز هَذَا الشاب الوسيم بشخصيَّة قوّيَّة بشوشةٍ ومرحةٍ وبخلق عالٍ، وفي الوقت نفسه بطباع حادّة، فهو لا يتنازل عن قناعته ومبادئه ومواقفه ولا يساوهما مهما حصل ووقع.

عادل لعروسي، ذو الأصول الجبليّة، فالجد ينحدر من منطقة بني عروس قبيلة «تزروت» بالقرب من الزاوية الريسونيَّة، أمَّا أصول الوالدة فهي أصول ريفيَّة، وبالضبط من منطقة المجاهد «عبد الكريم الخطابي، لكن والدي «عادل لعروسي»، استقرّوا طوال حياتهم بمدينتي طنجة وأصيلة.

عادل لعروسي، الَّذِي أطفأ شمعته التاسعة والأربعين، خلال شهر يناير الماضي من السنة الجاريَّة، يحاول أن يشقّ طريقه بكلّ ثباتٍ، حتّى يترك بصمته في المجالات الَّتِي يشتغل ويعمل فيها.

فهو أبّ لطفلين «ملاك» سبع سنواتٍ، ويحيى أربع سنوات، يحاول رفقة رفيقة دربه أن يُلقنهما جُلّ قواعد حبّ الوطن والصدق والاحترام والعطاء، حتّى يكونا خير خلف لخير سلف، هَذِهِ القيم يزرعها عادل لعروسي في كلّ المُقرّبين منه بشكل عفويّ وبسيط للغاية، وهَذَا هو سرّ قبوله وحبّه من طرف الآخرين.

  • لعروسي النشأة والتربيَّة في وسط محافظ

نشأ وتربّى عادل لعروسي، في وسط أسريّ مُحافظ، فوالده -رحمه الله- كان معلمًا، وقضى بهَذِهِ المهنة 41 سنة، وتوشّح صدره بوسام ملكيّ في عهد الحسن الثاني، وكان حاملًا لكتاب الله، الأمر الَّذِي ساهم لإقليم طنجة أصيلة، الَّتِي تُعدُّ مدينة ملتقى الثقافات ومهد الحضارات وتلاقح القيم الإنسانيَّة، فرغم دراسته بأصيلة، فإنّ جُلّ العطل الدينيَّة والوطنيَّة والمدرسيَّة والصيفيَّة كان يقضيها بحي المصلى بطنجة البيت الثاني لأسرته.

في منطقة سيدي والو «عادل لعروسي» رأى النور إذ تربّى وترعرع، وكوّن علاقاتٍ مع مجموعة من أبناء الحي، فإنّه كوّن أصدقاءَ آخرين بمدينة طنجة، الَّتِي كان يقضي بها أوقاتًا كثيرةً، كما أتيحت له ولعائلته الفرصة.

طبعًا المجال المكاني الأول هو الحي، ومن خلاله كان انفتاحه على باقي فضاءات، إذ انتقل للعيش بشكل نهائي بمدينة طنجة سنة 2002، بشارع مولاي عبد الحفيظ بطنجة، وقبلها قضى خمس سنواتٍ بمدينة فاس لمتابعة دراسته الجامعيَّة، انتقال الأمكنة أسهم أيضًا في تكوين شخصية الرجل. طبعًا كل تلك العوالم المُشكّلة لفضاء المدينة في أبعاده الزمانيَّة والمكانيَّة، كان لها الأثرُ الذهنيُّ والنفسيُّ والسيسيولوجيُّ في تشكيل شخصيَّة لعروسي الطفل ثُمّ الشاب ثُمّ الكهل، بداية بتخيل المكان/ الفضاء والتموضع فيه لاحقًا حسًّا وواقعًا.

كل هَذَا أسهم في تقويَّة شخصيَّة «عادل لعروسي» في السنوات الأخيرة؛ بسبب انخراطه أيضًا في العمل الجمعوي، واهتمامه بالقضايا الوطنيَّة، فعادل لعروسي اليوم يبدي اهتمامًا كبيرًا بكُلّ ما يقع بالمدينة وبشأنها المحلي، فهو متابع جيّدٌ لكلّ التفاصيل الدقيقة الَّتِي تعيشها أو تعرفها المدينة بشكل يومي بل لحظي، وإن كان لا ينتمي إلى أي هيئة سياسيَّة أو حزبيَّة.

  • لعادل لعروسي.. هوايات متعددة ومختلفة

لعادل لعروسي الرجل الحالم هُوايات متعدّدة ومُختلفة، هُوايات ربَّما استمدّها من عمق المحيط الَّذِي عاش فيه، فهو المحبّ العاشق للقراءة في مجالات الأدب والقانون بحكم مهنته.

يمتلك أيضًا هواية الانفتاح على مجالات معرفيَّة متنوعة، لعلّ أبرزها الفلسفة وعلم السياسة والعلاقات الدولية، بالمقابل فالعروسي من عشّاق البحر، وذلك راجع ربما لانحداره من مدينة ساحليّة، فهي ملتقى البحرين الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، إذ كان شغوفًا بالصيد أيضًا.

الرجل يعشق السفر والمغامرات، كما أنّه يحب مشاهدة كرة القدم كأي شاب، فهو المُشجّع الوفي الأوّل لمدينة طنجة «اتّحاد طنجة لكرة القدم»، إذ يتأسف لوضع الفريق ولما بات يعيشه من أزماتٍ وصعوباتٍ ماديَّة وتسييريَّة.

  • مسار علمي وأكاديمي متميز وملهم

لعادل لعروسي مسار دراسيّ سلسٍ وناجحٍ بامتيازٍ، إذ كان يعي جيّدًا ما يفعل وكان يعرف أيضا ما يريد الوصول إليهم، إذ بدأ مساره الدراسي سنة 1982، بالمدرسة الابتدائية «محمد الإدريسي» المشهورة بمدرسة «بوشامة»، وهي المؤسّسة الَّتِي كانت تضمُّ أجود المعلمين بالمدينة آنذاك، إذ حصل على شهادة الابتدائي سنة 1988، ليلتحق بعد ذلك بإعداديَّة «الإمام الأصيلي» وهي الإعداديَّة الوحيدة –آنذاك- بالمدينة، إذ تمكّن من الحصول على شهادة المستوى الإعدادي سنة 1992.

في سنة 1995، تمكّن عادل لعروسي، من الحصول على شهادة الباكالوريا شعبة الأداب العصريَّة من ثانويَّة وادي الذهب الثانويَّة الوحيدة بمدينة أصيلة، الَّتِي كانت تتوافر على الداخلي بدأت عملية تشكل الوعي السياسيّ لدى عادل لعروسي، إذ تزامنت مع بروز الاتّحاد الاشتراكي للقوات الشعبيَّة كقوّة سياسيَّة يساريَّة بارزة بالمغرب بقيادة المرحوم «عبد الرحمن اليوسفي».

خلال مرحلة الثانوي، بدأت اهتمامات أخرى للعروسي تبرز في الأفق، فكان يُسهم في إعداد مجلة حائطية خاصّة بالمؤسّسة التعليميَّة الَّتِي ينتمي إليها، كما كان يهتمّ بالمسرح المدرسي ومارسه تحث إشراف الأستاذ «الدافري»، كما كان مهتمًا بالمجال الشعري، ويشارك في جُلّ المناسبات والأمسيات المنظمة بالمؤسّسة التعليميَّة وخارجها.

خلال هَذِهِ الفترة تقوّت شخصيته، حيث احتكّ مع تلاميذ من مشارب مختلفة، منهم من ينشط في تنظيمات سياسيَّة، وكذلك بفعل الاتّصال المباشر بأستاذات وأساتذة من طينة الكبار -لا في تكوينهم الأكاديمي- بل على مستوى النشاط المدني والسياسي.

عادل لعروسي لم يكن يضيع الوقت، رغم صغر سنه، فإنّه كان يعرف جيّدًا ماذا يفعل وماذا يريد، ففي سنة 1995 بعد حصوله على شهادة الباكالوريا، قرَّر أن يلتحق بعدها بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس «ظهر مهراز»، حيث تمكن من الحصول على الإجازة في شعبة القانون الخاص سنة 2000.

الالتحاق بالجامعة كان بمنزلة الغوص في محيط مجهول بالنسبة لعادل لعروسي، محكوم بقواعد وضوابط خاصّة، ولا مجال فيه للحظات الضعف، التحق بالجامعة رفقة عددٍ من الأصدقاء الَّذِينَ جمعته بهم الدراسة بالثانويَّة.

فكانت الجامعة عالمًا لاستكشاف القامات الفكريَّة من داخل المغرب وخارجه، كانت لحظة اكتشاف ومعانقة كلّ التلاوين من البيان الشيوعي إلى أعمال محمد باقر الصدر في الاقتصاد إلى جون سميث، كانت لحظة لقاء مع الجابري ونقده للعقل العربي، وفرصة لقراءة طه عبد الرحمان ومعانقة عبد الله العروي.

كانت الدراسة الجامعيَّة مساراتِ تكوين مفتوح، بالنسبة لعادل لعروسي، فرغم عدم الانتماء الرسمي بأحد الفصائل الطلابيَّة خلال فترة الجامعة، فإنّه كان دائم النضال من داخل الاتّحاد الوطني لطلبة المغرب، الإطار النقابي الوحيد الَّذِي كان يُؤطّر نضالات الطلابيَّة في شقها المادي والنقابي.

لعروسي، لم يخفِ تعاطفه مع الفصائل الطلابيَّة اليساريَّة بالجامعة، وهي الفصائل الَّتِي كانت لها امتداداتٌ طلابيَّةٌ كبيرة آنذاك، إذ شارك في نضالات طلابيَّة عديدة، خصوصًا الَّتِي كانت تطالب بتحسين وضعيَّة التحصيل العلميّ والأكاديميّ للطلاب. الفترة الَّتِي عاشها لعروسي بالجامعيَّة لم تكن خالية من أحداث دراميَّة ترسخت في ذهنه، فهي مليئة بالمشاحنات وبالأحداث الداميَّة والدراميَّة، وأيضًا بالنقاشات الهادفة والراقيَّة.

  • عادل لعروسي.. مسار مهني حالم وطموح

لعادل لعروسي مسارٌ مهنيٌّ وحياتيٌّ مختلفٌ ومتميّزٌ، فالرجل مباشرة بعد تخرّجه في الجامعة، حاول محاربة البطالة بشتّى الطرق، وعمل بعددٍ من المهن الحرّة، لكنه لم يستسلم وظلّ يلاحق حلمه في الولوج مهنة المحاماة، فإنّ استطاع النجاح في مباراة الأهلية، إذ أدّى القسم أو اليمين ليلتحق رسميًّا يوم 31 ماي 2006، وهو التاريخ يؤرخ لبداية حياة مهنيَّة جديدة في مساره.

قضى بعدها ثلاث سنوات تحت التمرين، وكان يبلي بلاءً حسنًا، ويتطوّر بسرعة كبيرة، وَفْق ما أكّده أحد الأستاذة الَّذِي كان يشرف على تمرينه، فلعروسي كان دائمًا ما يخلق الاحترام عند كل من تعامل معه، بفضل تربيته الحسنة وحسن خلقه.

في 31 ماي 2010، عُيّن رسميًّا محاميًّا بهيئة المحاماة بمدينة طنجة، بعد ما قضى فترة التمرين، ليسمح لها بعد ذلك الترافع في جُلّ القضايا وداخل أروقة المحاكم الابتدائية والاستئنافيَّة والتجاريَّة وغيرها، وقضى منذ أدائه اليمين -لحدود اليوم- ما يناهز 18 سنة من ممارسة المهنة، الَّتِي أكسبته خبراتٍ مُتعدّدةً وأسهمت في بناء وتقويَّة شخصيته.

عادل لعروسي، تمكّن من كسب ثقة زملائه، الَّذِينَ انتخبوه عضوًا بمجلس هيئة المحامين بطنجة عن الفترة الانتدابيَّة 2024/2026، وهي المهام الَّتِي تجعله يدافع عن مصلحة زملائه المحامين، فكيف يمكن له أن يترافع عن الناس والمواطنين، وألا يترافع من أجل تحسين شروط ممارسة مهنة المحاماة.

لعادل لعروسي مسارٌ مهنيٌّ متميزٌ، مكّنه من إبراز طموحاته وأهدافه، فهو لا يخفي مواقفه المدافعة عن الحقّ في الحُرّيَّة والعيش الكريم والعدالة الاجتماعيَّة، خصوصًا أنّه رجل قانون متشبع بثقافة حقوق الإنسان وبمواثيقها الدولية العالميَّة.

  • عادل لعروسي.. الفاعل الجمعوي المهتم بالشأن الثقافي والمهني

تشكّل الوعي للعمل في المجال الجمعوي والدفاع عن مصلحة المدينة منذ الصغر، إذ سبق أن انخرط في بعض التجارب الجمعويَّة الَّتِي أسهمت في تشكيل شخصيته، خصوصًا البعد الثقافي ذاته، إذ كان دائم التردد على دار الشباب بمدينته أو حيه، وبدأ يهتم هناك بالشطرنج ولعب كرة الطاولة وبممارسة المسرح المدرسيّ، وأيضًا بدء شغفه بالشعر.

 

كان عضوًا منخرطا بجمعيَّة قدماء ثانويَّة الإمام الأصيلي من 1993 إلى غاية سنة 2000، سنة حصوله على الإجازة في شعبة القانون الخاصّ، وكان يشارك في عددٍ من الأمسيات الشعريَّة الَّتِي تنظمها الجمعيَّة نفسها بمدينة أصيلة.

 

بعد التحاقه بمهنة المحاماة، استمرَّ لعروسي عادل في إبداء اهتمامه بالعمل الجمعوي، لكن هَذِهِ المرة التحق بجمعيَّة المحامين الشباب، إذ انتُخب عضوًا بمكتبها سنة 2008، وقضى بها فترتين إلى 2014، الفترة الأولى امتدّت من 2008 إلى 2010 والفترة الثانيَّة امتدّت من 2012 إلى غاية 2014

  • عادل لعروسي.. متتبع للمجال السياسي ولأدق تفاصيل التسيير بالمدينة دون أن ينتمي إلى هيئة حزبيَّة

كباق الشباب المغربي، فرغم متابعته العمل السياسيّ ومواكبته الدقيقة لكلّ الأحداث بمدينة طنجة أو على المستوى الوطني، إلا عادل لعروسي، لم ينتمِ يومًا ما رسميًّا إلى أي تنظيم سياسي مهيكل ومنظم.

فرغم التجارب العديدة الَّتِي مر منها بحياته الدراسيَّة والمهنيَّة والجمعويَّة، لكنّه ظلّ على مسافة مع الأحزاب السياسيَّة -لحدود اللحظة- وهو أمر إيجابي وعادي فهو يحافظ على العلاقة الإنسانيَّة المتميّزة مع الكلّ، لكنه يضع مسافة بينه وبين التنظيمات السياسيَّة، الَّتِي تضمُّ لا شكّ فيها عددًا من أصدقائه.

فهو يعي جيّدًا ضرورة الفصل ما بين العلاقات الإنسانيَّة والاجتماعيَّة وما بين العلاقات السياسيَّة، لكن كل هَذَا لم يمنعه من التتبّع اليوميّ، بل اللحظيّ لأدقّ تفاصيل المدينة، مدينة طنجة وللمشروعات الَّتِي تقام عليها، وأيضًا مُتتبّع جيّد لتسيير الشأن المحلّي، إذ يبدي دائمًا آراءه ومواقفَه عندما تقتضي الضرورة، فهو مناصرٌ دائمًا لقضايا الوطن والمواطنين.

  • لعروسي وانتخابات 8 شتنبر 2021

بقدر أنّه غير منخرط في العمل الحزبي، ولا يترشح في الانتخابات المحلية أو البرلمانيَّة، لكنه يُواكب هَذِهِ المحطّات الفاصلة، خصوصًا أنّها تفرز لنا من يُسيّر الشأن العام المحليّ والوطنيّ، وكان متحفظًا على ما أفرزته التحالفات السياسيَّة، إذ اعتبره تحالفًا هجينًا هلاميًّا لن يُقدّم الإضافات المرجوة للشأن السياسي.

بعد مرور سنتين ونصف، بدأ بالفعل يتبيّن نقط ضعف هَذَا التحالف الوطنيّ، خصوصًا على المستوى الجهويّ والإقليميّ، وما يخلفه من تعثرات في مجال التسيير، وهَذَا ما وقع ويقع بالضبط بمدينة طنجة العالية.

فلعروسي دائمًا ما يحاول أن يُعرب عن قراءاتٍ مُستقبليّةٍ للوضع السياسي، فالتغيير -حسب نظره- يحتاج إلى إرادة سياسيَّة قويَّة لدى الأحزاب السياسيَّة وهو أمر شبه مفقودٍ، فالإرادة السياسيَّة لا تنتج من الفراغ بلّ من العمل القاعدي، بدءًا بالجمعيات القريبة من التنظيمات السياسيَّة مرورًا بالحركة الطلابيَّة وبالشبيبات، إلى أن ينتج بعد ذلك الحزب إطارًا سياسيًّا، فغالبية الأحزاب بدأت تعتمد فقط على الاستقطابات السياسيَّة.

  • لعروسي وارتباطه بالقضيَّة الفلسطينيَّة

لعروسي مثله مثل غالبيَّة المغاربة، يُعدُّ القضيَّة الفلسطينيَّة قضيَّة وطنيَّة يجب تبنيها والقطع مع كلّ أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني، ففلسطين بالنسبة له تُمثّل أداة أساسية في تحليل مجريات الأحداث على المستوى الدوليّ وخاصّةً الإقليميّ، وبوصلة لمعرفة اتّجاهات الصراع بالمنطقة.

قضيَّة فلسطين مثّلت لعادل لعروسي -منذ بداية تشكل وعيه الجمعوي والتلاميذي والطلابي- قضيَّة تحرر وصراع بين مركز العالم وهامشه في إطار لعبة المصالح الكبرى على اعتبار الدور الوظيفي لدولة الاحتلال.

فعادل لعروسي -منذ أن كان بالحركة التلاميذيَّة- تجده حاضرًا في كل المحطات النضاليّة التضامنيَّة الَّتِي يُعبّر فيها عن الدعم والتضامن مع القضيَّة الفلسطينيَّة الَّتِي تُعدُّ قضيَّة كل المغاربة.

  • الموت يفجع عادل لعروسي

خلال مسار حياته مرّ «عادل لعروسي» بأوقاتٍ صعبةٍ للغاية، خصوصًا الَّتِي تتعلّق بمرض والديه، فهو الَّذِي تجمعه علاقة متينة وقويَّة معهما، كيف لا ورضى الوالدين مفتاح أي نجاحٍ وفلاحٍ ودون هَذَا الرضى لا يمكن أن ينجح الإنسان في حياته.

لكن سنة 2021، كانت قاسيَّة عليه، عندما فقد والده عن سنّ تُناهز 85 سنة، إذ تُوفي يوم 8 فبراير 2021، وهو اليوم الَّذِي شهدت فيه طنجة حادث غرق عمّال الخياطة بأحد المعامل السريَّة بحي البرانص، فالفاجعة كانت فاجعتين، فاجعة فقدان المدينة لأزيد من عشرين شخصًا كانوا يعملون بمعمل سري للخياطة، وفاجعة وفاة والده.

تجربة فقدان الوالد كانت صعبة في مساره وحياته، لكنّها كانت حافزًا لمواصلة مساره الناجح، فكل محطة يتألق فيها يعود الفضل لوالده المُربّي الفاضل الَّذِي تربت عليه يديه أجيالٌ عديدةٌ ومتنوعةٌ من أصبحت تتحمّل مسؤوليات مُهمّة وفي مناصب جدّ مهمّة.

في مقابل لحظات الحزن مر عادل لعروسي بفتراتٍ وأحداثٍ كان لها أثر التخفيف، خصوصًا أنّه رُزق بطفلين. فقدومهما هديَّة من عند الله خفّفت حجم الصعوبات الَّتِي واجهته في حياته.

تابعنا على الفيسبوك