مقالات الرأي
طنجة.. الدكاكين السياسية تبتلع ألسنتها بعد خروج المواطنين للاحتجاج ضد غلاء الأسعار وإجبارية جواز التلقيح

أثبتت الاحتجاجاتُ الأخيرةُ، الَّتِي شهدتها مدينة طنجة، الرافضة غلاء أسعار الموادّ الغذائية وإجبارية جواز التلقيح، أنَّ التنظيمات السياسية بالإقليم موسميةٌ، ولا علاقة لها -لا من قريب أو بعيد- بالممارسة السياسيّة، وسأصف جُلّها -وليس الكلّ طبعًا- بالدكاكين السياسيّة.
فغياب الأحزاب المشكّلة للمعارضة (غير المبرر) عن الوقفات الاحتجاجيّة من أجل تأطير المواطنين بعد خروج المئات منهم في مسيرات حاشدة، جابت شوارع عاصمة البوغاز، يُذكرنا بالخطابَ السياسيَّ المستعمل إبّان فترة الحملة الانتخابيَّة (لا أقصد أحزاب الائتلاف الحكومي) فهي من صاغت القرار الَّذِي أخرج المغاربة في ربوع المملكة، المقصود هنا أحزاب المعارضة «الاتحاد الدستوري، والحركة الشعبية، والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي»، حيث لم تدخر –حينها- قيادات هَذِهِ الأحزاب جهدًا في التعريف بمبادئ التنظيم السياسيّ، الَّذِي تنتمي له وتُذكّر بالملاحم الَّتِي قادتها في سبيل تحقيق الديمقراطية، بل الأكثر من ذلك، وصفت نفسها بأنها المخلص وستقفُ إلى جانب الشعب، بغض النظر عن نتائج الانتخابات؛ لأنّها ليست دكاكين تخرج في فترة الانتخابات فقط، بل هي أحزاب ممارسة للعمل السياسي ومقتنعة بأنّ أيّ معركة شعبية، لا بُدَّ وأن يكون لها صدى داخل التنظيم، وما عليها سوى أن تتبنّى مطالب الفئات المسحوقة والمقهورة، فهو واجبها الَّذِي أسست من أجله، غير أنّ الاحتجاجات الَّتِي شهدتها المدينة ضد الفقر والبطالة وغلاء الأسعار وضد قرارات الحكومة المغربيّة، الرامية لتقييد الحركة وفرض جواز التلقيح، يُؤكّد مدى الاحتقان الاجتماعيّ، الَّذِي وصل له المواطن الطنجاوي بشكل خاص، والمواطن المغربي بشكل عام، وما رفع الحكومة المغربيّة سقف الآمال سوى تعجيل بسقوطها المدوي، فالوعود المُقدّمة كون الحكومة الجديدة ستعيد للمواطن المغربي كرامته وحريته، وتصرف له زيادات في الأجور، وتُوفّر له تغطية صحية، وتعمل على خلق مليون منصب شغل، ظنًا منها أنَّ الشعب المغربي له ذاكرة السمك لم ولن ينجح، فغياب أيّ إشارات في قانون المالية 2022، يهدف إلى وضع استراتيجية تروم تحسين الوضع الاجتماعيّ والاقتصاديّ للأسر المغربية نقطة أفاضت الكأس، والخروج في مسيرات يريد البعض أن يُحوّرها إلى كونها مدفوعة من جهات تريد العبث بالاستقرار ما هو إلا تغطية «للشمس بالغربال»، فالمغاربة ليسوا ضد عملية التلقيح -كما سبق أن أكدت- في أكثر من مناسبة، وليس رأي الشخصي، بل معطيات وزارة الصحة تُؤكّد ذلك فنسبة المُلقّحين في المغرب تجاوزت 70%، ما يعني أن فرض إجبارية وثيقة لولوج مرافق عمومية هو الأمر المرفوض؛ لأنّ المغاربة يفهمون، وكان الأجدر أن يفتح معهم نقاش، وليس أن يفرض عليهم قرار صدر ودخل حيز التنفيذ في أقل من 48 ساعة، وهنا استحضر مقتطفًا من خطاب الراحل الحسن الثاني، عندما قال يوما «أنا فخور بكون شعبي ليسوا أكباشًا»، فلماذا تريد حكومة -لا نفس سياسي لها- أن تقنعنا بأننا أكباشٌ؟
