القانون والناس
طلب السراح الموقت وواقع الحال.. أي قانون مؤطر؟

ويتعيّن البحث عما إذا كان للظنين موطنٌ معروفٌ، وإذا كان يمارس مهنة ما بكيفية منتظمة، وإذا كان ربَّ عائلة وإذا كان مجرمًا للمرّة الأولى، وبصفة عامة تبحث جميع المعلومات، الَّتِي يمكن جمعها في أثناء التحقيق أو بواسطة بحث لهَذِهِ الغاية».
إن كان الإفراج مشروطًا بأحد التدابير المنصوص عليها ضمن مقتضيات المادة (161) من قانون المسطرة الجنائية، الَّتِي نصّت على أنّه: «إذا كان عمل النيابة العامة ابتدائيًا واستئنافيًا يتصف بضيق الوقت لفحص المستندات والوثائق، ومن ثم إحالة المتهمين في حالة اعتقال، فإنّ عمل قضاء الموضوع غير ذلك.
مما يستشف أنَّ المُشرّع المغربيَّ سمح لقضاة الموضوع، أن يمنحوا الإفراج المؤقت مقابل واحد أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 161 ق.م.ج، كما أعطى إمكانية للسلطة الَّتِي أمرت بالتدابير السالفة الذكر، أيًا كانت أن تُعدّلها أو تراجعها في كل وقت تلقائيًا أو بطلب من النيابة العامّة أو من الطرف الَّذِي يعنيه الأمر. من خلال مقتضيات المادة (182) من قانون المسطرة الجنائية.
وحيث إنّه إذا كان الوضع تحت المراقبة القضائية، له نفس الدور والوظيفة للاعتقال الاحتياطي، ويهدف إلى النتيجة نفسها ويضعها المُشرّع في الإطار نفسه؛ فإنّه يمكن وضع المتهم تحت المراقبة القضائية في أي مرحلة من مراحل التحقيق لمدّة شهرين قابلة للتجديد خمس مرّات، خاصة لأجل ضمان حضوره، ما لم تكن ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن الأشخاص أو على النظام العام تتطلب اعتقاله احتياطيًا. حسب المادة (160) من قانون المسطرة الجنائية كما يمكن أن يصدر قاضي التحقيق بشأن الوضع تحت المراقبة القضائية، أمرًا يبلغه في الحال شفهيًا للمتهم ويسجل هَذَا التبليغ في المحضر، ويبلغه أيضًا إلى ممثل النيابة العامة داخل أربع وعشرين ساعة.
ولهما الحق في استئنافه، خلال اليوم الموالي لإصداره، طبقًا للشكليات المتعلقة باستئناف أوامر قاضي التحقيق بشأن الإفراج المؤقت. ويجب على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف أن تبت في هَذَا الاستئناف داخل أجل خمسة أيّام من تاريخ الإحالة.
ويمكن لقاضي التحقيق تغيير التدبير المتّخذ أو إضافة تدبير آخر أو أكثر، تلقائيًا أو بناء على طلب النيابة العامّة أو المتهم أو محاميه بعد أخذ رأي النيابة العامة، إن لم تكن هي الَّتِي تقدّمت بالطلب.
كما يمكن إلغاء الوضع تحت المراقبة، تلقائيًا أو بناء على طلب النيابة العامة أو المتهم أو محاميه، ويمكن إلغاء الوضع تحت المراقبة القضائية في أثناء جميع مراحل التحقيق، إذا لم يحترم المتهم الالتزامات المفروضة عليه بمقتضى الأمر الصادر عن القاضي، ما يدل على أنَّ الاعتقال الاحتياطي تدبير استئنافي لا يلجأ إليه في الجنايات أو الجنح المعاقب عليهما بعقوبة سالبة للحرية إلا إذا تعذر تطبيق تدبير آخر بديل عنه.
وفي جميع الأحوال، فإن الاعتقال الاحتياطي يجب أن يكون معللاً بمقتضى قرار يبين فيه القاضي الأسباب المبررة للاعتقال، ودواعي تعذّر تطبيق بدائل الاعتقال الاحتياطي.
وعليه فإن الهدف الَّذِي يصبو إليه المُشرّع من خلال المساطر الَّتِي سطرت إنسانيّ أولاً وأخيرًا؛ فإنّه يتساءل الجميع سبب رفض السراح المؤقت ويكون التعليل فيه منعدمًا بالمرّة، لبعض الأظناء الَّذِينَ تكون طلباتهم جدّية وتتوفر فيها كل المعطيات القانونية والضمانات، وهَذِهِ الحيثية لا تكون وسيلة للطعن.
فهل الأمر يتعلق بالخوف من المجهول أمام حالة منح السراح؟ أم أنَّ في الأمر تأويلاً خاطئًا عن قصد تفاديًا للقيل والقال؟!
أليس من البديهي التخلي عن فكرة أسهل الطرق، أي رفض الطلب، مهما كان طلبات الدفاع معللة وتضمّ قراراتٍ اجتهاديّةً، ووثائق تجعل من المستحيل أن يرفض طلبه؟ في حين يقتصر عمل النيابة العامة على مُلتمسٍ فريدٍ قصير «رفض الطلب» ليصدر قرار قصير أيضًا رفض الطلب؟ أم أن دور الدفاع انتهى بمرحلة التقديم لينتهي معه مبدأ السراح ضدًا على ما سطَّره المُشرّع في قانون المسطرة الجنائية. وضدًا على ما سطره الدستور المغربي؟! أم أنَّ الأمر مجرد قياسات لا يمكن أخذها في الاعتبار؟
