مجتمع
شركات «الدليبيري» بطنجة.. تفريخ لحوادث السير واستغلال لضحايا الهشاشة
على مدار ساعات من اليوم، تعيش مدينة طنجة مع حلول موسم الصيف على وقع الاختناق المروري بعددٍ من شوارعها وبمختلف مداراتها الطرقيَّة، بسبب الحركة الكثيفة الَّتِي تشهدها هَذِهِ المحاور الطرقيَّة خلال هَذَا الفصل الَّذِي تنشط فيه الدورةُ الاقتصاديَّةُ للمدينة، خاصّةً القطاع السياحي.
وتعجُّ شوارع عاصمة البوغاز بأعدادٍ من درَّاجي خدمة التوصيل أو ما يطلق عليهم «ليڤرور»، الَّذِينَ يصارعون عقارب الساعة، في سباق محموم مع الزمن ومع بعضهم بعضًا من أجل الظفر بأكبر عدد طلبات التوصيل.
وقد اتَّسع نطاق خدمات توصيل الطلبيات في مدينة طنجة مثل غيرها من المدن المغربيَّة، في موازاة مع تغير أنماط عيش المغاربة، الَّذِينَ باتت شريحةٌ واسعةٌ منهم تُقبل على اقتناء حاجياتها عبر وسائط التجارة الإلكترونيَّة.
وفيما يتزايد الإقبال على خِدْمات التوصيل، باعتبار ذلك من منافذ تنفيس ضغوط الحياة المعاصرة، تتزايد الحاجة إلى تأطير وتنظيم تلك الخِدْمات، وملاءمة ظروفها العامة مع القوانين وشروط السلامة.
ولأسباب متعددة بات سلوك بعض درَّاجي توصيل الطلبات، موضع تساؤلٍ لدى كثيرٍ من مستعملي الطريق، لأنَّ هاجس الوقت يُسيطر عليهم في أثناء عملية توصيل الطلب للزبون، ويساورهم القلق بشأن إمكانيَّة تقاضي ثمن الطلبيَّة الَّتِي يقومون بإيصالها من عدمه، وهو ما يدفعهم في أحيان كثيرة لإغفال قواعد السياقة الآمنة على الطريق.
ويعيش العاملون في مجال التوصيل ظروفًا صعبةً، وزيادة على ذلك فهم من يتكفل بأداء مصاريف البنزين وتكاليف الإنترنت للتواصل مع الزبون، كما أنهم لا يتمتعون بأي شكل من أشكال الحماية في ظل الفراغ القانوني وانعدام نص تشريعي ينظم مهنة التوصيل بالمغرب عكس كثير من الدول الأخرى كإسبانيا الَّتِي اتَّجهت لتقنين هَذَا القطاع، وضمان حقوق الآلاف من العاملين به.
وعلى سبيل المثال، فإنَّ إحدى كبريات الشركات الإسبانيَّة العاملة في هَذَا المجال بالمغرب وعكس ما تقرّه من حقوقٍ وضوابطَ بإسبانيا، فإنَّها لا توفر أدنى شروط السلامة لمستخدميها الَّذِينَ يشتغلون عبر صنفي الدراجات الهوائية والناريَّة، كضمان توفير التأمين عن الأخطار الَّتِي يمكن أن تصيبهم على قارعة الطريق.
وقد بلغ سخط العاملين مع الشركة الإسبانية حدّ تنظيم وقفة احتجاجيَّة أمام مقر الشركة بالدار البيضاء، بعد أن أقدمت على اقتطاع درهمين من كل عملية توصيل إذ انتقلت من 5 دراهم إلى 3 دراهم.
ومن المعروف أنَّ العديد من عمال التوصيل يعمدون إلى تصفح هواتفهم لتتبّع الخريطة قصد تحديد موقع الزبون، كل هَذَا وهم يسوقون دراجاتهم بسرعات متفاوتة، ما يُعرّضهم في الكثير من الأحيان لحوادث خطيرة.
وتُعدُّ حوادث السير، خطرًا مرافقًا لعمال التوصيل عبر الدراجات الناريَّة في المجال الحضري، خاصّةً أنَّ ظروف العمل القاسيَّة الَّتِي تُوفّرها الشركات العاملة في هَذَا المجال تجعل هكذا نوع من المآسي يتكرر باستمرار.
وتشير أرقام وزارة النقل واللوجستيك، إلى أنَّ 48،5 % من السائقين يقرّون باستعمال الهاتف المحمول باليد في أثناء السياقة، في حين أنَّ نسبة استعمال حزام السلامة في المقاعد الخلفيَّة للسيارات لا تتجاوز 36% خارج المجال الحضري، و29% من مستعملي الدراجات الناريَّة لا يحترمون الأضواء الثلاثيَّة، كما أن نسبة استعمال الخوذة الواقيَّة لا تتجاوز 58%.