تواصل معنا

مجتمع

سرعة التنمية في طنجة.. كيف ستحدث ممرات الدراجات ثورة في النقل الحضري؟

تعيش مدينة طنجة تحوّلات حضريَّة وديموغرافية متسارعة، فمنذ سنوات، أصبحت المدينة التي تُعدُّ بوابة إفريقيا نحو أوروبّا قطبًا اقتصاديًّا وميناء عالميًّا يعج بالحركة، لكن مع هذا النمو، برزت تحدّيات جديدة، أبرزها الازدحام المروري والتلوث البيئي، وفي ظلّ هذه التحولات، يطرح سؤال ملح: هل يمكن أن تكون ممرات الدراجات حلًا مبتكرًا يعيد رسم مشهد النقل الحضري في طنجة؟

كما سبق أن أشرنا في أعداد سابقة من جريدة “لاديبيش الشمال” بشأن الازدحام المروري والمشكلات المتعلّقة به، فإنَّ النقاش والحوار لا يزال قائمًا بشأن الحلول المقترحة التي يمكن أن تجنب المدينة المليونية مشكلات في المستقبل، اليوم في ظلّ بروز عدّة تجارب ناجحة بمدن دول أوروبية يطفو إلى السطح النقاش بشأن استيراد هذه التجارب وتطبيقها على أرض الواقع واختبار مدى ملاءمتها لتكون بوابةً للإصلاح والتغيير.

في البداية، يجب تأكيد أنَّ فكرة ممر خاصّ بالدارجات لم تكن وليدة اللحظة إنَّما فكرة مطروحة بقوة من لدن المهتمين بالشأن المحلي إلا أنَّ مجموعة من العقبات حالت دون الشروع في تطبيقها، بداية بالتضاريس المتنوعة للمدينة، حيث تتداخل المرتفعات والمنحدرات، ما قد يجعل استخدام الدراجات تحديًّا يوميًّا، خاصّةً لمن يحتاجون إلى التنقّل لمسافات طويلة أو عبر مناطق مرتفعة، بالإضافة إلى ذلك، لا توجد سياسات واضحة أو مبادرات حكومية قويَّة لتشجيع استخدام الدراجات، مثل تقديم حوافز، بناء مواقف خاصة، أو فرض قوانين تحمي مستخدمي الدراجات هذا النقص في الدعم يجعل من الصعب على السكان تبني الدراجات كوسيلة نقل يوميَّة.

لكن التحدي الأكبر هو عدم دمج ممّرات الدراجات في التخطيط الحضري منذ البداية، مما يجعل من الصعب الآن إعادة تصميم الشوارع المزدحمة لاستيعابها، كون الكثير من الأحياء، خاصة القديمة، تحتوي على أزقة ضيقة وشوارع غير مناسبة للبنية التحتية الخاصة بالدراجات، وبالرغم من هذه التحدّيات، يمكن لطنجة أن تتبنّى نموذجا مستدام للنقل عبر إدماج ممرات الدراجات في مشروعاتها المستقبليَّة، خاصّةً في المناطق الجديدة والأحياء التي يجري تطويرها خاصة مع تزايد الاهتمام العالمي بالنقل المستدام، قد يكون الوقت مناسبًا لتغيير السياسات وتوفير بيئة أكثر أمانًا وتشجيعًا لمستخدمي الدراجات.

وبالرغم من كل هذه العقبات فإنَّ فكرة خلق مممرات للدراجات يمكن أن تحدث تحولًا كبيرًا في النقل الحضري بالمدينة من خلال تقليل الازدحام، وتحسين جودة الهواء، وتوفير وسيلة نقل أسرع وأكثر كفاءة، بحيث إنَّها ستُسهم في تحسين السلامة المرورية واستخدام أفضل للمساحات العامة، ما سيجعل المدينة أكثر استدامةً وحيويّةً ومع وتوفير البنية التحتية المناسبة، يمكن لهذه الممرات أن تصبح جزءًا أساسيًّا من مستقبل النقل في عروس الشمال.

الجدير بالذكر، أنَّ الدراجات ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي حلّ عملي لتخفيف الاختناقات المرورية، وتقليل الانبعاثات الضارة، وتحسين جودة الحياة، في مدن عالميَّة كأمستردام وكوبنهاغن، أصبحت الدراجة أداة رئيسية في التنقل اليومي بفضل وجود بنية تحتية آمنة ومتكاملة. فهل يمكن لطنجة أن تسير في هذا الاتجاه؟

أنَّ الاستثمار في ممرات الدراجات لن يسهم فقط في حماية البيئة، بل سيُحفّز الاقتصاد المحلي من خلال تشجيع السكان على استخدام وسائل نقل اقتصادية وصحيّة، كما أن توفير هذه الممرات سيمنح المدينة هوية حضرية حديثة تتماشى مع التطوّرات العالميَّة في مجال النقل المستدام.

أنوار المجاهد

 

تابعنا على الفيسبوك