تواصل معنا

الجهة

ساكنة طنجة ترصد اختلالات شركة «ألزا» وتحمل المجلس الجماعي مسؤولية هذه الاختلالات

تضع قدميك في إحدى أحيائها ومنشأتها، راغبًا في ترك فرصة لقدميك من أجل الاحتفاء بدخولها، الاحتفاء بجماليتها وعاداتها وتقاليدها، الَّتِي عرفت عبر العالم، هي عروس الشمال، مدينة أبهرت كل زوّارها، الَّتِي جعلت أحضانها قبلةً لكلّ الحضارات والثقافات، وتعاقبت عليها عبر عصور وقرون مضت.

 طنجة.. طنجيس.. طنجى أو غيرها من الأسماء الَّتِي سميت بها في عهد الفنيقيّين والرومانيّين والقرطاجيّين وغيرها من الحضارات، لم تنسلخ عن قيهما وثقافاتها المُتعدّدة، كما أنَّها لم تقفل على نفسها أبواب التأثر، فتأثرت بثقافة التضامن والتسامح والتعاون، بل تأثرت أيضًا بمفهوم المجايلة بين الأجيال.

لا يختلف اثنان أنَّ مدينة طنجة عرفت اهتمامًا كبيرًا، ساهم في تغيير ملامحها، الأمر الَّذِي تمثّل في تطوير بنياتها التحتية وتأهيلها لتصبح مدينة سياحيّة جميلة، يقصدها السيّاح من كلّ بلدان العالم، وأيضًا من كل المدن المغربيّة، وما بين مشاريع اقتصادية كبرى، لتصبح بذلك ثاني قطب صناعي بالمغرب.

بالمقابل عاصمة البوغاز تعيش تناقضًا كبيرًا في عدة القطاعات، الَّتِي من المفروض أن تكون قادرةً على مواكبة هَذَا التطور، خصوصًا أنَّ بعض هَذِهِ القطاعات فوتت للتدبير المفوض الَّتِي من المفروض أن ترتقي في الخدمات الَّتِي تقدمها، إلا أنَّ العكس حاصل، خصوصًا عندما نتحدّث عن قطاع النقل العموميّ، وبالضبط تدبير شركة «ألزا» لهَذَا القطاع.

فالحديث عن اختلالات كثيرة بهَذِهِ الشركة الإسبانية، الَّتِي فُوّض لها تدبير النقل العمومي بإقليم طنجة أصيلة، لا يقف فقط عن اختلالات مالية فقط، بل بعدم توفير حافلات جيّدة جديدة بحالة ميكانيكيّة سليمة تُوفّر الراحة للمواطنين ولزبنائها، وهو الأمر الَّذِي يبرز للعيان، فالكلُّ متأكدٌ أنَّ الحافلات الَّتِي جُلبت لمدينة طنجة، هي اليوم في حالة غير جيّدة، وبالتالي لا يمكن أن تساهم في رُقي بخدمات هَذَا القطاع، خصوصًا أنَّ هَذِهِ الحافلات في الأصل كانت مُستعملةً بإسبانيا قبل جلبها إلى طنجة.

هَذَا الأمر ساهم كثيرًا في خلق موجةٍ من السخرية على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصًا أنّ هَذِهِ الحافلات برزت في عددٍ من الصور وهي مائلة، لا تستطيع أن تقطع المسافة المحدد لها بشكل عادي نظرًا لاهترائها، وفي هَذَا الصدد كتب الناشط الفايسبوكي، هشام الحداد: «غريب أمر هَذِهِ المدينة، وكأنَّها لا تتوفر على من يدافع عنها وعن مصالح ساكنتها، وأنت تركب في حافلة، ألزا تشعر بنفسك وكأنك في العصور الوسطى، حافلات لا تليق بالمواطنين، دخان في كل مكان، وحافلات مائلة ومحركاتها دائمة مفتوحة للهواء». ويضيف ذات الناشط: «مَن يُدافع عن هَذِهِ الشركة وعن أمثالها فهو مجرم يخدم مصلحة الشركة ضد مصلحة المواطنين، لهَذَا لا يصلح أن يكون في موقع المسؤولية».

  • ألزا ومشكلة الاكتظاظ

مشكلة الاكتظاظ من أبرز المشاكل الَّتِي يجدها أيضًا الزبون عند اعتزامه الركوب في الحافلة، لدرجة أنَّ عددَ الواقفين أزيد من عدد الكراسي، الأمر الَّذِي يُساهم في انعدام الراحة للزبناء، الَّذِينَ يجدون أنفسهم مُلتصقين في بعضهم بعضًا، وهي معاناة تستمر على امتداد المسافة الرابطة بين الخطوط، وهو أمر مرفوض من طرف عددٍ من الزبناء والمُواطنين.

حسناء البارودي، مواطنة، تضطر لركوب الحافلة يوميًا، تُؤكّد في تصريحها لجريدة «لاديبيش»، قائلةً: «إنّ مشكل الاكتظاظ في حافلة ألزا يضعف من الخِدْمات المُقدّمة، فاللحظات الَّتِي أركب فيها مضطرة تكون أصعب وأقبح اللحظات الَّتِي أعيشها في حياتي اليوميّة، فكيما كانت وضعيتي في الحافلة فهي وضعية غير مريحة». وأضافت للجريدة: «أنا في الحافلة أشعر وكأنني قطيع من الغنم موجودة في الشاحنة، وليس بإنسانة موجودة في حافلة نقل العمومي، الَّذِي من المفروض فيه أن يُوفّر ظروفًا مريحةً تحترم فيه كرامتنا، كما هو موجود في عددٍ من الدول الَّتِي تحترم مواطنيها وزبناءها».

من جهته، صرّح لنا السيد عبد القادر، والبالغ من العمر 63 سنة، بأنَّ الحافلات بمدينة طنجة للأسف لا تحترم الناس، ولا تُوفّر لهم الخدمات الَّتِي تراعي لهم ظروفهم للأسف، ولعلّ مسألة الاكتظاظ تبرز ذلك. وأضاف لجريدة «لاديبيش»، اليوم يجب على المسؤولين أن يتحمّلوا مسؤوليتهم، تجاه المواطنين وأن يُفوّضوا خدمات قطاع النقل العمومي لشركة تحترم الناس وتوفر لهم خِدْمات في المستوى.

  • حافلات ألزا وإشكاليات الولوجيات

وأنت موجود بحافلات الشركة الإسبانيّة «ألزا»، ستُلاحظ انعدام وجود الولوجيات الخاصة بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصًا الأشخاص الَّذِينَ يعانون الإعاقة. جريدة «لاديبيش» التقت الشاب رضوان، البالغ من العمر 17 سنة، يعاني الإعاقة، ولا يستطيع التحرّك إلا من خلال كرسي متحرك، يحكي لنا معاناته الدائمة مع حافلة «ألزا»، وهي معاناة تزيد من معاناته اليوميّة حسبما أكّده لنا.

رضوان وهو ينتقل دائمًا من منطقة طنجة البالية إلى منطقة قريبة من السوق المركزي «مرجان» طريق الرباط، يُؤكّد لنا أنَّ الحافلة لا تحترم هَذِهِ الفئة، فهَذِهِ الحافلات من المفروض لها أن تُوفّر الخدمات الخاصة بالولوجيات لهَذِهِ الفئة وهو أمر منقرض، فكل مرة أحتاج إلى مساعدة المواطنين لكي أصعد للحافلة، وعندما أصعد للحافلة أسجل اكتظاظًا كبيرًا موجودًا بالحافلة، لا يسمح لي الجلوس بالكرسي بشكل يُوفّر لي الراحة، وعند ما أخذت مكانًا جيّدًا يوفر لي الراحة، فإنّني أضيق راحة الراكبين. رضوان وبحرقة كبير، يُؤكّد لنا في موقع «لاديبيش 24»، أنّه هناك إعاقات أخرى للناس يصعدون للحافلات، ولا يجدون خدمات تراعي خصوصيتهم ولا تراعي كرامتهم، ولا تراعي نفسيتهم.

من جهتها، أوضحت نادية، 31 سنة، تعيش برجل واحدة، بعدما فرض عليها بتر رجلها اليمنى بسبب إصابتها بداء السرطان، لموقع «لاديبيش 24»، أنه بالفعل كلما تصعد للحافلة وتحاول أن تستفيد من خدماتها، لم تجد سبيلًا إلا لعن الظروف الَّتِي فرضت عليها الصعود أو الركوب لحافلة، لا تراعي ظروف فئة عريضة من المواطنين هم من ذوي احتياجات خاصة.. وقالت: «إنه من العار اليوم ونحن في سنة 2021، أن نجد حافلات مهترئة غير صالحة للناس في وضعية صحية عادية معافية، فما بالك بالنسبة لكبار السن، أو ذوي الاحتياجات الخاصة، أو المرضى، فالحافلات ينعدم فيها الهواء بسبب الاكتظاظ». وأكَّدت أنّها تحمل المسؤولية لمن منح التفويض لهَذِهِ الشركة، ولمَن لا يعمل على تطبيق ومراقبة دفتر التحملات، فالشركة تُوجد في عددٍ من المدن الكبرى، ونفس المشاكل بذات الحدّة نُسجّلها هناك أيضًا.

  • ألزا وقلة الخطوط

جريدة «لاديبيش» ومن خلال التواصل مع عددٍ من ساكنة مدينة طنجة، سجَّلت عدّة ملاحظات في هَذَا الخصوص، فالسيد عبر الرحيم الرمضاني، البالغ من العمر 38 سنة، والقاطن بمجمع ديار طنجة القريب من منطقة المجاهدين، أكَّد أنّ معاناة هَذِهِ الساكنة الَّتِي تُوجد بكثرة، خصوصًا أنّ منطقة حي المجاهدين تتوفّر بها مجمعات سكنيّة كثيرة، إلا أنَّ المنطقة يوجد بها خطٌّ واحدٌ رابط بين المجمع السكني «قواسم» القريب من طريق رهراه إلى حي مرشان.

ويضيف عبد الرحيم لجريدة «لاديبيش» قائلًا: «إنه من العيب والعار أن تكون هَذِهِ المجمعات السكنية الَّتِي تضم الآلاف من العائلات والسكان، أن تعمل الشركة على توفير خطّ واحد، ربَّما هو خط لا يلبي حاجيات الساكنة، لعدّة أسباب أوّلًا حافلة واحدة كلّ نصف ساعة أو ساعة، لا يمكن أن تكون كافية، والخطُّ واحد لن يخدم مصلحة المواطن، فأغلبية الناس في هَذِهِ المنطقة إمّا عمَّالًا أو موظفين أو طلبةً، يحتاجون خطوطًا تربطهم بعدّة أحياء أساسية، مثل: «كسابراطا، بني مكادة برشيفاء، العوامة، بوخالف، وسط المدينة، محطة القطار، محطة المسافرين» وهو أمر مفقود نهائيًا، خصوصًا أنّ ساكنة هَذِهِ المنطقة محرمون أيضًا حتّى من خدمات الطاكسيات الكبيرة الَّتِي يمكن أن تعمل في هَذِهِ الخطوط.

ويضيف عبد الرحيم، حتّى الخطّ المتوفر لا يلقى إقبالًا كبيرًا؛ لأنّه «الطراجي»، لا يحتاجه أغلبية الساكنة، وهنا أؤكّد القول من العيب والعار ما يقع بهَذِهِ المنطقة المُهمّشة والمنسية، رغم حداثتها. ويسترسل ذات المتحدث لجريدة «لاديبيش»، أنّ المنتخبين في انتخابات الجماعات المحلية، هم المسؤولون الأوائل للدفاع عن الساكنة ومصالحهم، وهنا أُسجّل أننا كساكنة بهَذِهِ المنطقة، لا يدافع عنا أحد، وإن كان هَذَا حقنا.

عثمان بحكم عمله فهو يأخذ الخطّ الرابط بين طنجة وأصيلة، إلا أنه يتحدّث مع موقع «لاديبيش 24» بلغة غاضبة، فهو القاطن بحي المغوغة، ويجد نفسه مضطرًا أن يأخذ حافلتين على الأقل الحافلة الأولى الرابطة بين مغوغة وكاسطيا والأخرى الرابط بين طنجة وأصيلة، فقط لأنّ الشركة تُوفّر خطًا واحدًا من كاسطيا إلى أصيلة بالرغم، أن هَذَا الخط عليه إقبال كبير، لدرجة أنه طوال النهار الحافلة تسير باكتظاظ كبير، وعندما أصل أصيلة أضطر إلى قطع مسافة أخرى على رجلي.

 عثمان يُؤكّد لنا في جريدة «لاديبيش» ما معنى أن يكون جُلّ سكان مدينة طنجة مضطرين أن ينتقلوا من أحياء سكناهم إلى كاسطيا؛ لكي يأخذ الخط الرابط مع أصيلة؟ كما أنّ الحافلات المتوفرة غير كافية ولا تُوفّر أدنى الخدمات المطلوبة.

عثمان يُؤكّد أنَّ نفس الإشكالية المتوفرة في الخطّ الرابط بين طنجة والأحد الغربية، الأمر الَّذِي يوضح للعموم، أنّ المسؤولين على هَذِهِ الشركة والمسؤولين أيضًا، على التسيير الجماعي للمدينة، لا تهمهم مصلحة الساكنة، ولا راحتهم، لأنّ من المفروض أمام هَذِهِ الاختلالات أن يُتَخَلَّى عن الشركة ويُبْحَثُ عمَّن يخدم مصلحة هؤلاء ومصلحة القطاع، خصوصًا أنَّ قطاع النقل العمومي يهم فئة عريضة وكبيرة من المواطنين.

بدورها تعاني ساكنة الحجر النحل، نفس الإشكاليات، قلّة الخطوط أو تمحورها في خط واحد ووحيد، عدم توفر الحافلات بشكل كافٍ، لدرجة أنَّ المواطنين يضطرون للانتظار لوقت طويل لوصول هَذِهِ الحافلات، وإن كانت حافلات مهترئة ضعيفة جدًا. وهنا يُؤكّد لنا عبد الرحمن وعزيز، «أنَّا في منطقة حجر النحل وأريد مثلًا الذهاب لمنطقة المنار، فكم من وقت سوف أهدره للوصول إذا ما اتخذت الحافلة كوسيلة نقل؟، وكم من مبلغ مادي يجب توفيره لأخذ هَذَا الخط؟».  ويضيف السيد عبد الرحمان، بالإضافة إلى الخدمات المنعدمة وغير المتوفرة بشكل كبير لمواطنين، وبالتالي فهَذِهِ الحافلات لا تحترم زبناءها بشكل كبير.

عدة اختلات إذن رصدتها ساكنة مدينة طنجة لموقع «لاديبيش 24»، بخصوص شركة «ألزا» الإسبانية، المفوض لها عملية تدبير النقل العمومي بإقليم طنجة أصيلة، وهي اختلالات تنضاف إلى اختلالات أخرى، سبق لنا وأن رصدناه في عدد سابق، وألَّا يوجد مانع في إعادة رصد الاختلالات الأخرى.

  • شركة ألزا دون حسيب ولا رقيب

إذن ما جرى فيما اقترفته الشركة الإسبانيّة بعدد من المدن المغربيّة، من بينها مراكش وطنجة والبيضاء، سيتبيّن لنا أن هَذِهِ الشركة «الغول» لا تجد من يحاسبها، ففي أوّل عقد عقدته بالمغرب سنة 1999 لمدة 15 سنة، سنُلاحظ أنها تتوسع جغرافيًا لتتحول من الاشتغال في المدينة إلى العمل على مستوى الإقليم، وهو ما يؤكد أنّ غالبًا ما عُدّل العقد، أو جرى التأخر في تنفيذ بنوده، والتنقل من العمل من الإقليم إلى الإقليم المجاور والمثل بعد طنجة، الوصول لأصيلة، وبعد العمل بإقليم طنجة أصيلة أصبح مجال تدخل الشركة يصل إلى القصر الصغير (أي إقليم فحص أنجرة).

وفي ظل كل هَذِهِ الخروقات الَّتِي ترتكبها الشركة الإسبانيّة ضد المال العام، وضد مقتضيات قانون التدبير المفوض، الَّتِي كانت موضوع العديد من المقالات والتقارير الصحفيّة، دون أن ينتبه المنتخبون إلى الأضرار الَّتِي ألحقتها قرارتهم بالاقتصاد الوطني، فإنّ الأمر أصبح يستدعي وقفة ضد جشع وخروقات بالجملة للقوانين المغربية، الَّذِي تمارسه الشركة الإسبانية «ألزا».

وأمام كلّ ما ذُكر، فإنّ صفقة شركة «ألزا» بمدينة طنجة الكبرى، بمنزلة الملف الَّذِي سيقصف بالمسؤولين المنتخبين بالمدينة، خصوصًا أمام اقتراب الانتخابات الجماعية المقبلة، الَّتِي من المفترض أن تجرى خلال شهر يونيو المقبل، علمًا أنّ المجلس المنتخب سواء الحالي أو السابق لم ينجح في جلب استثمارٍ أجنبيٍّ يُحسّن وضعية النقل العمومي بالمدينة، ولم يستطع تحسين الخدمات المعروضة على المواطنين، ليبقى السؤال المطروح، هل «ألزا» أصبحت قدرًا محتومًا على المغاربة وعلى ساكنة مدينة طنجة؟ ومن يفرض هَذِهِ الشركة ذات التدبير المفوض لقطاع النقل العمومي على الساكنة؟ وهل الشركة ستنهج الاستراتيجية نفسها، الَّتِي نهجتها مع بعض الجماعات، خصوصًا مراكش وأكادير والدار البيضاء؟ هل فرضت «ألزا» شروطها على المجالس المنتخبة بطنجة الكبرى؟

استجابة مؤسّسة «التعاون بين الجماعات» تحت التهديد بالانسحاب من الخدمة، لأغلب إملاءات شركة النقل «ألزا» الَّتِي استطاعت تمرير التعديلات الخاصة بالعقد بالرغم من انطوائها على هدر واضح للمال العام، مُستغلةً في ذلك الظرفية الَّتِي تمر منها البلاد، جرّاء تداعيات جائحة كورونا، في سرية تامة، وفي غفلة من الرأي العام الوطني بالدار البيضاء، وهو نفس الأمر الَّذِي تعتزم الشركة نهجه بطنجة الكبرى.

  • شركة «ألزا» وغرائب التسيير

على ما يبدو أنّ شركة «ألزا»، ما زالت لم تُؤدِ ما بذمتها من مستحقات لفائدة المدينة، وبالنظر إلى ذلك، فإنّ الشركة لم تتحمّل أي استثمار نوعي يحسب لها بالمدينة إلى حدود اليوم، ولم تُقدّم خدمات في المجالات الاجتماعيّة، الَّتِي يمكن أن تفيد المدينة، حيث إن ما قُدّم من تسهيلات وتنازلات وامتيازات للشركة الإسبانيّة، لم ولن تحظى به أيُّ شركة تدبر قطاع النقل الحضري بالمغرب، لتكون بذلك «ألزا» الشركة المحظوظة الوحيدة في تاريخ التدبير المفوض بالمغرب، بالرغم أنّها لم ولن تقدم أيُّ شيء مذكور في قطاعها، فكلّ ما تُوفّره لشركة «ألزا» قصد تسهيل عملها وتدخلاتها، لا يوازي الخِدْمات التي تُقدّمها للناس.

  • ألزا واستمرار المفاجأة

في أغرب واقعة عرفها التدبير المفوض في المغرب على الإطلاق، وفي ظل توالي الخروقات المالية للشركة، فقد عمدت مؤسّسة «التعاون بين الجماعات» على مستوى مدينة أكادير، إلى تمكين «ألزا» من اختيار مكتب الدراسات الَّذِي سينجز الإفتحاص الماليّ والإداريّ لها، الأمر الَّذِي يُعدُّ خرقًا سافرًا لمنطق الرقابة، الَّذِي يجب أن تؤديه السلطات المفوضة، وفي طنجة لم نتمكن من التوصل إلى هذ المعلومة لعدّة أسباب.

كما عمدت شركة النقل «ألزا» إلى محاولة تدارك الملاحظة الَّتِي سبق للمجلس الأعلى للحسابات أن نبّه إليها، والمُتعلّقة بغياب آلية لمراقبة مدى التزام الشركة بمقتضيات دفتر التحملات، فقد لجأت مؤسّسة التعاون بين الجماعات إلى خلق المصلحة الدائمة للمراقبة إلا أن هَذِهِ اللجنة نفتقد للموضوعية والحياد.. فشركة ألزا على ما يبدو لم تستطع الاستفادة من أخطاء الشركة الَّتِي سبقتها، وهي الشركة الَّتِي تنحدر من نفس الدولة وهي المملكة الإسبانيّة شركة «أوطاسا».

فشركة «ألزا» مستمرة في مفاجآتها، وهَذِهِ المفاجأة تبرز أساسًا في عدم احترام دفتر التحملات، وعدم احترام الخدمات الَّتِي يجب أن تُوفّرها، كما أنّها لا تعمل على تجديد خدماتها، بشكل نهائي.

  • ألزا وصفقة العمر بطنجة

لا يختلف اثنان، أنّه بالرغم من الخروقات وعدم الالتزام الشركة بدفتر التحملات بكلّ من مراكش وأكادير وخريبكة، فالشركة حسمت صفقة النقل الحضاري بطنجة، بالرغم أن هَذِهِ الشركة لم تُقدّم أيَّ خدمات نوعية تُميّزها عن سابقتها وهي أيضًا شركة إسبانيّة.

فبالرغم من الرفض الشعبي والاحتجاجات، فإنَّ المسؤولين عن التدبير المفوض ومنح الصفقات بالمدينة، أصرّوا على منح الصفقة لهَذِهِ الشركة، الَّتِي كانت تمتلك صدًى سيئًا بعدد من المدن المغربية، ليستمرَّ المواطن الطنجي في معاناة مع النقل، سواء مع رداءة الحافلات، الَّتِي أصبحت تسير بشكل مائلٍ جدًّا، أو من خلال ملء الحافلات أكثر من اللازم، وأيضًا عدم احترام توقيت الخطوط وغيرها من الإشكالات الكبرى.

  • الغموض منذ البداية.. واحتجاجات سكان طنجة

من أجل فهم هَذِهِ «السيطرة الغريبة» لشركة «ألزا» الإسبانيّة على النقل الحضريّ، في أهم المدن المغربية، يجب إعادة تركيب القصة منذ البداية. فقد دخلت شركة النقل الحضري «ألزا» إلى المغرب سنة 1999، بعد توقيعها عقد التدبير المفوض مع مدينة مراكش، وذلك في سعي منها لتحسين الولوج إلى خدمات النقل الحضري لفائدة ساكنة المدينة.

وبعد مراكش امتد نشاط المجموعة إلى مدينة أكادير سنة 2010، ثم مدينة طنجة سنة 2014 وخريبكة في سنة 2015 وإلى الرباط والدار البيضاء في سنة 2019. وفي طنجة تعالت الأصوات برفض شركة «ألزا» الَّتِي حازت على صفقة النقل الحضاري سنة 2014، خلفًا لشركة «أوطاسا» الإسبانية، خصوصًا أنَّ الشركة لم تُوفّر للمواطنين أسطولًا جديدًا، بل حافلات النقل كانت مستعملة في إسبانيا، الأمر الَّذِي لم يُسهم في تحسين وضعية النقل بطنجة، بل أزَّمت حافلات «ألزا»، وضعية النقل، وتسبَّبت رداءة الحافلات في عدد من الحوادث والمشاكل.

تابعنا على الفيسبوك