رياضة
خدمة لقضية إنسانية.. الترا ماراثون مازن يسير مشيا من طنجة إلى الداخلة

يخوض مازن تادلي، الرياضي المغربي الشاب المقيم ببرلين، تجربة استثنائية تجمع بين تحدي الذات والانخراط في العمل الإنساني، من خلال قطع 2000 كيلومتر عبر المغرب، من طنجة إلى الداخلة، في ألترا ماراثون غير مسبوق.
هذه الرحلة، التي يعتزم مازن إتمامها في 40 يومًا، ليست مجرد إنجاز رياضي، وإنَّما فعل إنساني ينضح بالجود والصمود؛ فهي بمنزلة تكريم لوالده الذي يعاني مرض التصلب العصبي المتعدد، إلى جانب كونها مبادرة مدنية تروم إذكاء الوعي وجمع التبرعات لصالح المصابين بهذا المرض.
وقال مازن إنّ “هذه الرحلة هي قضية إنسانية في المقام الأول، ووسيلة لتكريم والدي، الطيار السابق الذي أصيب بالتصلب العصبي المتعدد، ولتقديم دعم ملموس للأشخاص الذين يعانون من هذا المرض في المغرب”.
وإن كان الأب قد حظي، خلال مسيرته المهنية، بفرصة الاستمتاع بجمال مختلف مناطق المغرب من الثريا، فإن الابن يجوب اليوم الثرى سيرًا على القدمين، من طنجة إلى الداخلة، متسلحًا بعزيمة لا تلين لاجتياز هذا التحدي المهيب.
وأكَّد أنَّ “هذه الرحلة أكثر من مجرد تحدٍ شخصي، بل هي مبادرة جماعية. فكل مساهمة، معنوية كانت أو مالية، تحدث فرقا وتُمكّننا من المضي قدما”، مُعربا عن أمله في أن تترك هذه المغامرة التي تدنو من ختامها، بصمة تلهم الآخرين لدعم هذه القضية الإنسانية النبيلة. وعلاوة على ذلك، يشكل ألترا ماراثون مازن أيضًا احتفاء بالعبقرية المغربية؛ بكرم ضيافتها وجودها ونبلها وتقاليدها العريقة.
ويروي مازن كيف تأثر مرات عديدة، خلال رحلته، بالتعاطف الهائل الذي أبداه المغاربة. إذ كانت وجبات الطعام المشتركة، وكلمات التشجيع، والوعود بالتبرع وغير ذلك الكثير لفتات تثبت أن التضامن هو النسيج الذي يشكل الهوية المغربية الغنية والمتنوعة.
مازن انطلق وحيدًا من طنجة، سالكًا الطريق الساحلية نحو الجنوب، قاطعًا 50 كيلومترا يوميا. وفي مواجهة كل عقبة، كان يستلهم القوّة من قصة والده والآخرين الذين يعانون التصلب العصبي المتعدد.
وقال مازن: “إنها فرصة لي لاستعادة صلتي بالوطن والقيم المجتمعية التي شكلت نشأتي، وطريقة للعطاء ومساعدة من هم في أمس الحاجة”. كما لا توجد عقبات تصمد أمام القدرة على التحمل والمثابرة من أجل قضية نبيلة. ومازن يؤكد أنّ سخاء الناس يعطيه أجنحة لمواصلة المشوار إلى أن يتحقق الحلم. وأوضح في هذا الإطار أن “جوهر هذا الألترا ماراثون يكمن في الصمود والوحدة. إذ لا يوجد تحد لا يمكن التغلب عليه عندما يتسلح المرء بالعزيمة لدعم الآخر حتى الرمق الأخير”.
ومع اقتراب المغامرة من محطتها الأخيرة، تراود مازن أمنية وحيدة، وهي إلهام الآخرين لتخطي حدودهم مع الاستفادة من جمال المغرب الأخّاذ، وسخاء شعبه الأسطوري.
وفي خضم هذه المغامرة، يدرك مازن أن مثل هذه الرحلات، بكل ما تحمله من مشاق ومفاجآت، قادرة على تحويل التحديات الشخصية إلى مشروع يحمل رسالة بالغة الدلالة.
فكل كيلومتر يقطعه لا يقربه من خط النهاية فحسب، بل يدنيه من حلمه الأسمى المتمثّل في إبراز الإرث العريق والأصيل لبلد متجذر في التاريخ، متماسك بقيمه الراسخة في التعاضد والتضامن والوطنية الصادقة.
