مقالات الرأي
حصيلة العمل الحكومي.. سعد الدين العثماني يتحدث عن مغرب آخر غير الذي نعيشه فيه

أنوار المجاهد
في أثناء تقديمه حصيلة العمل الحكومي، بدا رئيس الحكومة المغربيّة سعد الدين العثماني والأمين العام لحزب المصباح، وكأنّه يتحدّث عن مغرب آخر، مغرب قضى على الأزمات الاقتصاديّة الاجتماعيّة، وخطا خطوات ثابتة ليلحق بمصاف الدول المتقدّمة، مغرب بقيادة حكومة العثماني رفع تحدّي المواطن فوق كلّ اعتبار. رئيس الحكومة اعتبر أن وقوفه في جلسة تقديم الحصيلة –بحد ذاته– إنجازٌ غير مسبوق، فقال: «إنَّنا حكومة مسؤولة ولنا الجرأة لتقديم الحساب والحصيلة بكل معطياتها وتفاصيلها للرأي العام الوطني، فيها إنجازات على أرض الواقع، ومستعدون لتلقي الملاحظات».
خطاب يدين حكومة العثماني قبل أن يُبرّأها، فكيف لرئيس حكومة مهمته إدارة شؤون المغاربة أن يعتبر تقديم حصيلته بمنزلة إنجاز وشجاعة، وكأن المغاربة لا يستحقون سماع حصيلة من انتخبوهم وفوّضوا لهم تدبير شؤونهم؟ العثماني بدأ يسرد أرقامًا وإحصائياتٍ –في نظره– دقيقة تجيب على كلّ المشككين، لكنّه –في الواقع– كان يُؤجّج الوضع بحصيلته الَّتِي لا تنعكس على واقع المغاربة، بل هي «حصلة» بكلّ ما تحمله الكلمة من معنى، فالكل يتفق على أنّ المشاريع الكبرى الَّتِي انخرطت فيها المملكة المغربيّة، هي مشاريع يقودها ملك المغرب دون سواه، إلى جانب وزراء تكنوقراط، بينما مهمة الأغلبية الحكوميّة كان ضرب القدرة الشرائية للمواطنين والسماح لمجتمع المال من الاستفادة من امتيازات على حساب الطبقة العاملة، كما أنّ الطبقة الوسطى في المغرب –ولأسباب متعدّدة– واجهت ديكتاتورية حكومية انتقاميّة، فأصبحت –بدورها– تعاني الأزمة.
إن واقع المغاربة يجيب على كلِّ الأرقام والإحصائيات، ويُؤكّد أنّ ما وصلت له المملكة المغربيّة من تطوّرٍ كبيرٍ في بنياتها التحتية، وكذا المشاريع الاقتصادية والموانئ والسدود وغيرها، لا تنعكس على جيوب المواطنين البسطاء، الَّذِينَ يعانون أسفل هرم الثراء في المغرب، أمر عادي أن يخرج برلماني أو وزير أو حتّى رئيس الحكومة المغربية ليصرح بأنّ المغاربة يعيشون الحياة السعيدة، وأنّ عشرين درهمًا لليوم تكفيهم، بينما يستفيد هَؤُلَاءِ المُوظّفون في الحكومة من تعويضات وامتيازات لم يحلموا بها قطّ، وسرعان ما يستفيدون منها يصبح هدفهم الوحيد العودة للاستفادة مجددًا –ولو بالكذب والبهتان وإخراج العينين– هل يعتقد رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أنّ المواطن المغربي الَّذِي يتقاضى مبلغ 200 أورو في الشهر يجب أن يحمد الله ويشكره بينما يتقاضى هو مبلغ 7 ملايين –إلى جانب تعويضات عن الأواني الفضية وتعويضات عن السكن وتعويضات عن التنقل وتعويضات كثيرة لا يسع المجال لذكرها– عجيب أمر الحكومة المغربية الَّتِي عانت خلال ولايتها من الاتّهامات بين أعضائها، وبين السبّ والشتم والتخوين وغيرها من الممارسات، الَّتِي تُؤكّد أنّ كلَّ حزب مُكوّن للائتلاف الحكومي «كينش على كبالتو» يعني يدافع عن مصالحه الشخصية تارة بتوظيف أفراد العائلة داخل الوزارة دون مباريات، وتارة بتقديم مقترحات قوانين تحمي مجتمع المال والأعمال على حساب العمَّال، الَّذِينَ يبيعون قوّة عملهم مقابل متوسط الأجور، الَّذِي يُعدُّ فضيحة لبلد يُعدُّ الأول إفريقيًّا في تصدير السيّارات.
الحكومة فشلت فشلًا كبيرًا في تدبير شؤون المغاربة، كما أنّها لم تنجح في تنزيل مقتضيات دستور 2011، ولم تكن لديها الشجاعة لخلخلة ملفات ظلّت شائكة وعالقة، بالمقابل ساهمت بوعي كبيرٍ في تهجير الشباب المغاربة ودفعهم لركوب قوارب الموت؛ بحثًا عن مستقبل أفضل. فأي حصيلة يتحدّث عنها العثماني؟ وأين هَذِهِ الإنجازات على أرض الواقع؟ وما مصير الملايين من العاطلين الَّذِينَ يسرقهم الزمن وهم ينتظرون بزوغ الفجر؟
