سياحة
حصيلة احتفالات طنجة بالعام الجديد.. النجاحات والتحديات في استضافة المدينة للفعاليات الكبرى

استقبلت مدينة طنجة العام الجديد 2025 بحفاوةٍ كبيرةٍ، إذ شهدت المدينة توافدًا كبيرًا للسياح الأجانب والمغاربة، ويلاحظ أنَّ الأنشطة الاحتفاليَّة تركزت في الكورنيش والمدينة العتيقة، ما خلق أجواءً مُفعمةً مُميّزة.
كما كشفت هَذِهِ الاحتفالات عن تحدّيات عدّة في التنظيم، يمكن اعتبارها ذات أثر في التجربة العامّة للزوار، إذ سجَّل أن المدينة لم تكن مستعدّة تماما لاستيعاب هَذَا العدد الكبير من الزوّار، ما تسبب في بعض الازدحام في الشوارع الرئيسيَّة، إضافة إلى صعوبة التنقل في المناطق السياحيَّة الأكثر شهرة.
وفي قلب المدينة العتيقة، بينما استمتع البعض بأزقتها الضيقة وسحر منتجاتها التقليديَّة، ظهرت ملاحظات لدى عددٍ من الزوار بشأن الازدحام الشديد وغياب آليات واضحة لتوجيه حركة الزائرين، وهو ما صعّب الاستمتاع بتجربة التسوّق أو التجوّل في هَذِهِ المنطقة التاريخيَّة.
كما أثار ارتفاع الأسعار غير المُبرّر استياء البعض، وهو ما يضعف جاذبيَّة المدينة كوجهةٍ سياحيَّةٍ تُرحّب بجميع الفئات، إذ سجل أنَّ محلات بيع التذكارات شهدت رفعًا للأسعار بشكل مبالغ فيه مقارنة بالجودة، وهو ما يتنافى مع فكرة توفير تجربة سياحيَّة شاملة وممتعة.
وعلى الجانب الأمني، لوحظ -وبشكل ملموس- الوجود الكثيف للعناصر الأمنيَّة في مناطق الاحتفالات وبمختلف أرجاء المدينة، إذ سجلت بعض الحوادث الفرديَّة المرتبطة بحالة السكر العلني وإحداث الضوضاء.
بينما أظهرت القوى الأمنيَّة استجابةً سريعةً لهذه الحالات، وفق مقاربة وقائيَّة أكثر قربًا لخفض احتمالية وقوع مثل هَذِهِ التصرُّفات. بعض الزوار أعربوا عن ارتياحهم بشأن مستوى الأمان في مناطق الاحتفال خلال الليل، رغم زيادة الحشود.
ولم يغب الوضع المروري بمشكلاته المعتادة عن المشهد، إذ شهدت المدينة ازدحامًا مروريًّا خانقًا في عددٍ من المحاور الرئيسيَّة، لا سيَّما مع توافد الزوار من مختلف المناطق، إذ بدت الجهود الكبيرة المبذولة لتنظيم حركة السير غير كافيَّة، ما أدَّى إلى عودة التذمّر من الأمر في أوساط السكان المحليين والزوار على حد سواء، خاصّةً مع صعوبة العثور على وسائل النقل العمومي، الَّتِي يفترض أن تعمل بشكل مُنتظمٍ خلال ذروة الاحتفالات.
على الرغم من النجاح النسبي للاحتفالات، يمكن اعتبار هَذِهِ المناسبة كفرصة سنويَّة لتحسين قدرات المدينة في استضافة الأحداث الكبرى، حيث إنَّ تنظيم احتفالات رأس السنة بحرفيَّة عالية يشكل تمرينًا واقعيًّا لمحاكاة استضافة طنجة لفعاليات عالميَّة، مثل المهرجانات الدولية أو المؤتمرات الكبرى، ومن خلال هَذَا التمرين، يمكن للمدينة اختبار جاهزيَّة بنيتها التحتيَّة، وتعزيز قدرات قطاعاتها الأمنيَّة والخدميَّة، إلى جانب رفع معايير الضيافة والابتكار.
إن هَذِهِ التجربة السنويَّة قد تُشكّل حافزًا لتطوير رؤية استراتيجيَّة طويلة المدى تجعل طنجة نموذجًا يحتذى به في استضافة الفعاليات الدولية، ويمكن أن تضعها في مصاف المدن العالميَّة الَّتِي تتمتع بقدرة فائقة على استضافة الفعاليات الكبرى بكل سلاسة إذا استُثمرت هَذِهِ التجربة بشكل فعّال.
عمومًا لا يمكن إنكار، أنَّ طنجة تمتلك مقوماتٍ فريدةً تجعلها وجهة سياحيَّة مفضّلة، لكن استثمار إمكانياتها الكاملة يتطلب تغييرات جذريَّة، إذ من الضروري أن تتبنى السلطات والمجتمع المحلي رؤية متكاملة تعطي الأولويَّة للتخطيط الاستراتيجي، وتحسين الخِدْمات والتواصل الفعال مع الساكنة والزوار، عندها فقط يمكن لطنجة أن تضمن مكانتها كمدينة قادرة على استضافة الفعاليات الكبرى دون الإخلال بجودة الحياة اليوميَّة لسكانها وزوارها على حد سواء.
