مجتمع
حافلات نقل العمال: هل من استراتيجية بديلة تنقذ حركة السير والجولان من «الفوضى والتسيّب» ؟
تشهد شوارع مدينة طنجة، خاصّةً في الساعات الأولى من الصباح، حالةً من الفوضى والتسيّب، حيث يكون أبطالها سائقو حافلات نقل العمال، هَذِهِ الفوضى أسفرت عن العديد من الحوادث متسبّبة في خسائر ماديَّة وبشريَّة، حتَّى أصبحت المدينة معتادة على هَذِهِ الكوارث بشكل شبه يومي.
ولا يختلف اثنان، أنَّ قطاع نقل العمال يتّسم في عمومه بالعشوائية والارتجال في ظلّ غياب نظامٍ قانونيٍّ يؤطره بشكل جيد، سواء فيما يتعلق بالسائقين، بالحالة الميكانيكيَّة للعربات، أو بأرباب العمل.
كما أن تزايد أعداد هَذِهِ الحافلات، بات يُشكّل ضغطًا مروريًّا بعدّة مدارات وتقاطعات بعينها، تُعدُّ مسرحًا للارتباك في حركة السير والجولان، خلال ساعات الذروة، كساحة الجامعة العربيَّة، لكونها محورًا رئيسيًّا يربط بين أكثر فضاءات المدينة المفضلة لدى الساكنة والزوار على حدّ سواء، فضلا عن كونها ملتقى لمدخلي طنجة الشرقي باتجاه مدينة تطوان والجنوبي باتجاه مدينة الرباط.
ويزيد من تعميق هَذِهِ الإشكالات، اعتماد معظم أرباب هَذِهِ الحافلات على السائقين الهواة الَّذِينَ لا يمتلكون تكوينًا في ضوابط السياقة المهنيَّة، كما أنَّ بعضًا من مالكي شركات نقل العمال ليس لديهم معرفة كافيَّة بقطاع النقل، إذ إنَّ البعض منهم دخل هَذَا المجال من أجل تحقيق الربح في ظل العشوائية الَّتِي يعيشها، وهو ما يكون دائمًا على حساب سلامة مستعملي الطريق.
ومن بين العوامل الَّتِي أسهمت في تفاقم هَذِهِ المشكلة، هو التساهل مع المخالفات الخطيرة الَّتِي يرتكبها بعض سائقي هَذِهِ الحافلات.
ورغم وجود مطالب متكرّرة من المواطنين بضرورة تدخل الجهات المختصة لوضع حدّ لتجاوزات هَذِهِ الحافلات، فإنّ الوضع لم يشهد تحسنًا ملموسًا، كما يرى بعض المهتمين أن سلوكيات العديد من سائقي هَذِهِ الحافلات تشبه تصرُّفات المجرمين، إذ يتجاهلون باستمرار حقوق باقي مُستعملي الطريق.
ومع ازدياد التقارير، الَّتِي تشير إلى ارتفاع معدلات الحوادث نتيجة تهور سائقي حافلات نقل العمال، أصبح من الضروري أن تتَّخذ السلطات المحلية والمسؤولون عن قطاع النقل إجراءات لتعزيز سلامة الطرق وتدريب السائقين على السلوكيات الآمنة، كما يجب أن تشمل هَذِهِ الإجراءات تشديد اختبارات القيادة المهنيَّة وفرض عقوبات صارمة على المخالفين، مع ضمان وسائل نقل آمنة ومناسبة للعمَّال للحدّ من هَذِهِ الحوادث المتكرّرة، الَّتِي كان آخرها حادث مأساوي وقع نهاية غشت المنصرم، حيث دهست حافلةٌ لنقل العمال طفلتين وجدتهما، خلال عبورهن الطريق، قبل أن تلوذ بالفرار، قبل أن تتمكن مصالح حوادث السير بمنطقة أمن بني مكادة في وقتٍ لاحقٍ من توقيف السائق وتحرير محاضر استماع إليه، وأيضًا للمسؤول المدني عن السيارة ومتابعة حالة الضحايا بالمستشفى.