سياسة
جولة حزب الحصان في مدن الشمال قاطرة لترسيخ الديماغوجية واستمالة عاطفة المصوتين

عاد البرلماني محمد الزموري، عن حزب الاتحاد الدستوري، إلى الظهور في الواجهة من جديد، بعد غياب طال لسنوات، وهَذِهِ المرة ليس من باب البرلمان، فالرجل لا يحبّ مساءلة الوزارات حول الكيفية الَّتِي يتم بها تنفيذ السياسات، وحصيلته في الأسئلة الشفوية صفر، بينما في حوزته سؤالان كتابيان فقط، أحدهما تم الإجابة عنه ويتعلق بشأن بعيد كلّ البعد عن مشاكل الساكنة أمّا الثاني فظلّ مُعلقًا إلى حين، عاد الزموري من نافذة اللقاءات الحزبيّة مع الساكنة استعداد للانتخابات المقبلة، الَّتِي يتقن الرجل خوض غمارها بأريحية يقلّ نظيرها، فكيف يستطيع محمد الزموري أن يقنع نفس الساكنة بنفس الوعود الَّتِي لم يلتزم بها خلال فترته الانتدابيّة الَّتِي شارفت على الانتهاء؟
من خلال الاطّلاع الأوّلي على البنية النفسيّة لخطاب الزموري نجد أنّه يتقن الديماغوجية، وهي أداة تستعمل لدغدغة مشاعر المواطنين، وذلك بوضعهم في مكانة وهمية لكسب ثقتهم وتيقّنهم من أنّ مشاكلهم في الفترة الأخيرة إلى زوال، وذلك قصد كسب أصواتهم للوصول إلى السلطة، مُستعملًا بذلك وعودًا لا تدخل ضمن اختصاصات البرلماني أصلًا، فكيف يعقل أن تُمرّر مغالطات من قبيل توفير مناصب شغل وإصلاح الإنارة أو تبليط الشارع وغيرها من الوظائف الَّتِي تقوم بها البلديات المحلّيَّة؟
إن مداخلات لبرلماني، ومن يدور في فلكه، لا تعتمد أساسًا على الموضوعية، بل تضع من الحماسية جوهرًا لها بامتياز، في ظاهرها تبدو ثورة على ما هو سائد، وفي باطنها نية مُبيّتة للتلاعب بأصوات المواطنين والعبث بها، وحتّى ما إن كانت فلسفة الزموري الانتخابية تنهل من مشروع حزب الحصان، فالمؤكد أنّها وعودٌ ستبقى طي النسيان؛ كونها لا تنطلق من إرادة القواعد، بل مستوردة من مشاريع أحزاب أخرى فشلت في تدبير شؤونها الداخليّة، قبل أن تفشل في تدبير شؤون المواطنين، إن فتح نقاش عامّ مع مجموعة من الساكنة المغلوب على أمرها واستعمال ورقة الفقر لاستغلال المواطنين أهم ما يلعب عليه المنسق الجهويّ والبرلمانيّ عن حزب الحصان، الَّذِي لم يدأب على تنظيم لقاءات تأطيرية وتكوينيّة، كما أنّ حزبه لم ينخرط في عدّة أشكال احتجاجيّة خاضتها ساكنة المدينة ولعلّ قرارَه التزام الصمت خلال فاجعة معمل طنجة السري يُؤكّد انحيازه إلى الطبقة المُسْتَغِلَة على حساب الطبقات الهشّة والفقيرة، لكنّ الرجل يظهر دون أي خجل ليقول للمواطنين أنا قادرٌ على إقناعكم في كلّ موعدٍ انتخابيٍّ، لأنّني لست متفننًا في نثر الورود فحسب، بل أنا خبيرٌ في فهم سياق المرحلة وبالتالي عبقري في صياغة خطب تقنع وتُسرّ السامعين.
فكم هي كثيرة وعود الزموري، الَّتِي أتقن حبكها وصياغتها، ولا نقصد هنا الشخص بقدر ما نقصد المنصب الَّذِي يشغله سواء على رأس حزب الاتّحاد الدستوري أو كبرلماني، وعود بقطع الطريق أمام الفاسدين، وأخرى بضمان العيش الكريم لجميع السكان، وتأملات «زمورية» بخصوص المستقبل المشرق والوردي، ولكن بلا فائدة لأنّ ما قاله ويقوله يبقى مجرد ظاهرة صوتيّة لا تترجم لأفعال على أرض الواقع، وسرعان ما يصل للمنصب يعلنها إجازة مفتوحة مدفوعة الأجر والممول هو المواطن البسيط.
