تواصل معنا

القانون والناس

جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر والقانون

يتّخذ المجتمعُ المغربيُّ في حياته بشكل عام على عبارة «ما تعمل خير ما يطرأ باس» أو «أنا ومن بعدي الطوفان» حيث نجدُ شخصًا يتعرّض للعنف أو السرقة، أو شخصًا في حالة مرض، أو شخصًا ضائعًا ولا أحد يساعد إلا من رحم ربه.

بيد أن هَذَا الوضع المأساوي له العديدُ من الأسباب؛ أوّلها تعريض المتدخل للضرر، ناهيك عن تبعات هَذَا التدخل، الَّذِي إن سلمت من المعنف لن تسلم من المساطير والإجراءات الإداريَّة والقانونيَّة والقضائيَّة مهما كان.

المُشرّع قد سطَّر بمقتضيات الفصل (431) على أنّه: «من أمسك عمدًا عن تقديم مساعدة لشخص في خطر رغم أنّه كان يستطيع أن يُقدّم تلك المساعدة، إما بتدخله الشخصي أو بطلب الإغاثة دون تعريض نفسه أو غيره لأي خطر يُعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، وغرامة من 200 درهم إلى 1000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط».

لكن العنصر المادي للإمساك عن تقديم المساعدة يتمثل في:

  1. فعل الإمساك عن تقديم مساعدة لشخص في خطر ما زال على قيد الحياة، وهَذَا الخطر قد يكون فيضانًا أو غرقًا أو حريقًا أو صعقًا أو اختناقًا أو إصابةً أو مرضًا مُفاجئًا أو محاولةً قتل… إلخ.
  2. قدرة المتدخل على نجدة المستغيث أما بتدخله المباشر (كفكّ الحبل عن رقبة الَّذِي حاول الانتحار، أو مدّ قضيب أو عصا ليمسك بها غريق، أو تقديم الإسعافات الأوّليَّة لمصاب جريح) وإما بطلب الإغاثة سواء من الجمهور أو من السلطات المحلية والاستعانة بذوي المهارات.
  3. كون هَذَا التدخل السريع والفوري لا يُعرّض نفسه ولا نفس غيره لأي خطر. وهكذا لا يفرض على من يجهل السباحة أن يقذف بنفسه في الماء لينقذ الشخص المُعرّض للغرق.

ليبقى العنصرُ المعنويُّ وهو توفر القصد الجنائي لدى الشخص المُمتنع عن تقديم المساعدة، الَّذِي عاقب المُشرّع على من يمتنع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر بالحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات، وغرامة من 200 درهم إلى 1000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.

بقي أن نشير، إلى أنَّ المحاولة غير معاقب عليها باعتبارات هَذِهِ الجريمة جنحة. تختلف جريمة عدم التدخل لمساعدة شخص في حالة خطر عن وقد وقع الخطر فعلًا عن جريمة عدم التدخل للحيلولة دون وقوع الجريمة المنصوص عليها في الفصل (430) في النقط التالية:

  • يشترط الفصل (431) أن يكون هناك خطر داهم لا مفر منه في حين أن الفصل (430) لا ينص على هَذَا الخطر.
  • بالنسبة للفصل (431) يكون التدخل لإنقاذ شخص في خطر، وقد يتم حتّى بطلب الاستغاثة بينما الفصل (430) يوجب ضرورة التدخل الشخصي الفوري والمباشر لمنع وقوع فعل وشيك الوقوع بعد جناية، أو الحيلولة دون ارتكاب جنحة تمس السلامة البدنية للأشخاص (العنف العمدي مثلا)

يتبع…

تابعنا على الفيسبوك