تواصل معنا

القانون والناس

جريمة الامتناع عن تقديم المساعدة لشخص في خطر والقانون

تتمة

بالنسبة للفصل (431) يكون التدخّل لإنقاذ شخص في خطر، وقد يتم حتى بطلب الاستغاثة، بينما الفصل (430) يُوجب ضرورة التدخل الشخصيّ الفوري والمباشر؛ لمنع وقوع فعل وشيك الوقوع بعد جناية، أو الحيلولة دون ارتكاب جُنحة تمسّ السلامة البدنية للأشخاص «العنف العمدي» مثلًا.

وقد سبق أن حاكم المغرب 3 شبان في قضية فيديو محاولة اغتصاب فتاة قاصر؛ الأوّل بتهمة هتك عرض، والثاني بتهمة عدم تقديم المساعدة، والثالث عدم التبليغ عن الجريمة. فهل يستوي الجاني والشاهد دون تدخل في نظر القانون؟ وحيث إنَّ القضية الَّتِي أثارت جدلًا في المغرب أواخر مارس/ آذار 2018، ألقت باللائمة على المعتدي وصاحبيه؛ الأوّل تفرج على الجريمة وصوّرها دون محاولة إنقاذ الفتاة، والثاني تلقّى الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي ولم يبلغ السلطات بما جرى، حتى وإن كانت تهمة «عدم تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر» غريبة، من وجهة نظر العامة، فهي في الأصل لها سند قانونيّ يجب أن تنتهي بمرتكبها إلى السجن.

بيد أنَّ أقصى ما يصل به القضاء المغربيّ هو أشهر موقوفة التنفيذ، فإن كانت المادة (431) من القانون الجنائي المغربي فالجانب الأخلاقي والتربوي يجب أن يُجرّم كلّ مَن يسمح بإهانة جسد أو نفس لشخص عاجز عن الدفاع عن نفسه أو حتّى في حالة ضعف في أثناء تعرضه لضرر مهما صغر؟

المُشرّعُ المغربي مهمّته الأساسية تأمين الحماية لكلّ مواطن، خصوصًا الشخص المتطوع بتقديم المساعدة، إذا ما نتج عن إغاثته إصابة شخص آخر أو حتّى قتل لا إرادي؛ وذلك لتقليل تردد الموجودين في تقديم المساعدة؛ خوفًا من العقوبات والغرامات.

ففي فرنسا، يُعدُّ أيُّ شخص لا يقدم المساعدة لشخص معرض للخطر، مسؤولًا أمام المحاكم المدنية والجنائية، عقوبة هَذِهِ الجريمة السجن والغرامة، وقد تصل إلى دفع تعويضات مالية للضحايا، وكذلك الأمر في ألمانيا.

لا ينطبق هَذَا القانون على العاملين في القطاع الطبي في أثناء عملهم –على سبيل المثال- غير أنّه يشملهم إذا ما تطوعوا لمساعدة شخص تطوعًا وخارج ساعات العمل.

بيد أنَّ الدستورَ المغربيَّ عمَّم الأمر، حيّث نصّ في الفصل (21) لكلّ فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته، تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسيّة المكفولة للجميع. والفصل (22) الَّذِي ينص على أنّه لا يجوز المسّ بالسلامة الجسديّة أو المعنويَّة لأي شخص، في أيّ ظرف، ومن قبل أي جهة كانت، خاصّة أو عامة. لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت أيِّ ذريعة، معاملةً قاسيةً أو لا إنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية. ممارسة التعذيب بكلّ أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون. فهل هَذِهِ الفصول حبر على ورق أم أنَّ الواقع أبشع من الإلمام بجميع جوانبه وتنزيل قوانين لحمايته؟!

وهل الحق في الحماية الجسدية والمعنوية لأي شخص يقتضي التجريم الفعلي لعدم تقديم مساعدة لأي شخص في حالة خطر؟!

تابعنا على الفيسبوك