تواصل معنا

مجتمع

بين جريمتي «الطفل عدنان» و«البرانص القديمة».. لا جديد في السياسة الجنائية لحماية الطفولة بالمغرب‎‎

أدانت غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف، بطنجة يوم الثلاثاء، قاصرًا بجريمة قتل مُسنّ حاول اغتصابه، بالسجن سنة حبسًا نافذًا. واعتبرت المحكمة بشأن واقعة القتل الَّتِي ارتكبها الشاب البالغ من العمر 16 سنة، مجموعة من القرائن والأدلة الماثلة أمامها لتقرّر تمتيع القاصر بظروف التخفيف طبقًا للقانون. وخلَّف الحكم ردودَ أفعال متباينة بين مُستبشر بتمكين الطفل القاصر من ظروف التخفيف، وبين من اعتبروه خالف توقعاتهم بعدم العقوبة.

وتعود فصول القضية إلى أكتوبر الماضي، إذ اهتزَّ حي البرانص القديم على وقع جريمة قتل، راح ضحيتها رجل ستينيّ، بعدما حاول اغتصاب قاصر. وحسب أقوال هَذَا الأخير، فإنَّ الهالك استدرجه إلى منزله، وبمجرد الدخول حاول المسنّ نزع سرواله بالقوّة، لكنّه رفض وحاول الفرار، ليجد نفسه محاصرًا داخل المطبخ، فلم يجد أمامه إلا سكينًا استخدمه للدفاع عن نفس، فوجّه للرجل طعنة على مستوى البطن تسببت في مقتله لاحقًا.

بعدها اتصل القاصر هاتفيا بوالده وأخبره بالواقعة، ودعا الأب ابنه للتوجّه فورًا إلى مقر مصالح الدائرة الأمنية الـ11 بطنجة، حيث سلَّم نفسه مباشرة بعد الجـريمة، فيما انتقلت إلى عين المكان عناصر الوقاية المدنية، الَّتِي نقلت جـثّة الهالك إلى مستودع الأمـوات في حين فتحت عناصر الشرطة العلمية والعناصر الامنية تحقيقًا في الحادث تحت إشراف النيابة العامة المختصّة.

واستأثرت هَذِهِ القضية باهتمام الرأي العامّ المحلّي، بعد أن أعادت إلى الأذهان قضية الطفل عدنان الَّذِي استدرج إلى شقة يكتريها الجاني بنفس الحي السكني، وقام بتعريضه لاعتداء جنسي متبوع بجناية القتل العمد في نفس اليوم وساعة الاستدراج، ثُمّ عمد بعد ذلك لدفن الجثة بمحيط سكنه بمنطقة مدارية.

الجاني الَّذِي كان يعمل مستخدمًا بإحدى المناطق الصناعية ويبلغ 24 عامًا، تُوبع بتهم ارتكاب جناية القتل العمد المقرون بهتك عرض قاصر، بعد أن رصدته تسجيلات مُصوّرة تشير إلى تورطه في استدراج الطفل عدنان من مكان بالقرب من محل إقامة عائلته.

وبغضّ النظر عن تقاطع القضيتين في تفاصيل الاستدراج والنية المبيتة، والمقاومة القوية للضحيتين، فإنَّ اختلاف مآل القضيتين يثير النقاش بين المهتمين بمجال التشريع والقانون، بشأن السياسة الجنائية المعتمدة في مكافحة هكذا جرائم.

وذلك انطلاقًا من طبيعة السياسة الجنائية، باعتبارها علمًا قائمًا بذاته، ينصب على دراسة القواعد الجنائية ومدى ملاءمتها والأهداف الَّتِي يسعى إليها التشريع الجنائي لمكافحة الظاهرة الإجرامية، وتحقيق الأمن القانونيّ والقضائيّ واستقرار المجتمع، فهي المعنية بوضع التصوّرات العامة وتعزيز المشرع الجنائي بالوسائل العلمية الكفيلة للوصول لهَذِهِ الغاية المهمّة، وهي القضاء على الجريمة أو على الأقل الحدّ من أثارها.

ويرى متابعون، أنَّ القانون الجنائي المغربي أغفل أو سكت عن هكذا حالات، إذ إنَّ الطفل دافع عن نفسه بصفة شرعية بعد تعرضه لاستدراج ومحاولة هتك العرض، الَّتِي كان من الوارد أن تنتهي بتصفية الطفل، وعليه فإنَّ تنفيذ حكم السجن بحق الطفل القاصر، يكتنف الكثير من الأخطار على مستقبله في المجتمع، فضلًا عن إهمال الوضع النفسي عقب اجتيازه هَذِهِ التجربة المريرة.

تابعنا على الفيسبوك