تواصل معنا

في الواجهة

بين الواقع الحزبي والسياقات الانتخابية لمدينة طنجة.. تغييب واضح للمرأة عن المسؤولية ومركز القرار

ما زال حضور المرأة في المشهد الحزبي الجهويّ و المحليّ باهتًا، ولا يرقى إلى تطلعات النخب النسائيّة، الَّتِي راكمت الكثير من النضالات الحقوقيّة في مجال النهوض بحقوق المرأة، وبفضل ترافع الحركة النسوية ونضالها المستميت، منذ عهد الحماية لتمكين المرأة وضمان انخراطها في الحقل الحزبي، فإنّ الواقع المعاش يُبرز بشكل واضح أوجه قصور مُتعدّدة، تحول دون تحقيق المشاركة السياسيّة الفعلية للمرأة، بسبب الفهم الملتبس لمفهومي المساواة والمناصفة، واستغلالهما بطريقة فجّة في المحطات الانتخابيّة كأداة لتطويع فئة النساء واستمالة أصواتها الَّتِي تُشكّل أكثر من نصف الكتلة الناخبة.

ورغم التطور التشريعي الَّذِي عرفه المغرب في مجال إشراك المرأة في مختلف المحطات الانتخابيّة، سواء من خلال المقتضيات الدستوريّة، الَّتِي أشارت إلى المناصفة والمساواة وعدم التمييز، كإحدى مضامين الخيار الديمقراطي اللا محيد عنه، أو من خلال الممارسة الاتّفاقية للمغرب ومصادقته على العديد من الاتّفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق المرأة ورفع التحفظات عنها وملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية، غير أن هَذَا الزخم التشريعي لم يساهم في انحسار الممارسات التمييزيّة اتجاه النساء وتمكينهن من بلورة وصناعة القرار السياسيّ، بسبب هيمنة العقلية الذكورية وترسبات التنشئة التمييزيّة.

ومن الملحوظ، أنَّ الأحزاب السياسيّة لم تتبنَ مضمونَ وروح الوثيقة الدستورية لسنة 2011، الَّتِي أقرت مبدأ المناصفة بين الرجال و النساء، واكتفت بتأثيث واجهاتها بترشيحات نسائية ضمن اللوائح الانتخابيّة، من أجل ترويج شعارات سياسيّة قائمة على إدماج مقاربة النوع ومناهضة التمييز، غير أنّ واقع الحال يُفنّد شعارات واستيعاب هَؤُلَاءِ مفهوم المشاركة السياسية للمرأة، بسبب تداخل العديد من العوامل ذات الصلة بالتكوين الثقافي للمرأة، وعدم الحسم في موضوع آفة الأمّية، فضلًا عن ضعف الديمقراطية الداخلية داخل التنظيمات الحزبيّة، الأمر الَّذِي لا يمكن إلا أن ينتج عرضًا سياسيًّا يفتقد المصداقية، وهَذَا أيضا يُفسّر كيف أن المشهد الحزبي وطنيًا يفتقر بشكلٍ كبيرٍ للعنصر النسوي، حيث لم تفلح أي امرأة في الوصول إلى تحمّل مسؤولية حزبٍ سياسيٍّ مغربيٍّ غير نبيلة منيب –الحزب الاشتراكي الموحد.

وقد أثار الجدل حول الآلية التشريعية المتعلقة بالتمثيلية الشبابية والنسوية، وإلغاء اللائحة الوطنية للشباب، وتعويضها بلوائح جهوية مشروطة بأفضلية ترتيب النساء، الكثير من التساؤلات حول جدوى استمرار السياسات التحفيزية الموجهة للنساء في غياب رؤية واضحة لإدماج النساء في مراكز صنع القرار السياسيّ والاقتصاديّ والاجتماعيّ، سواء على المستوى الوطنيّ أو الجهويّ، فبينما أصوات تعتبرها ريعًا سياسيًا تتحكّم فيه الأحزاب السياسية لمحاباة القيادات السياسيّة النسائيّة دون استحضار معايير الكفاءة والاستحقاق، تشيد أصوات أخرى بهَذَا الاختيار التشريعي، مُعتبرةً إيّاه خُطوةً مهمّةً في مسلسل إنصاف المرأة و تعزيز مكانتها في المشهد السياسيّ الوطني.

فالأنظمة التحفيزية المختلفة، الَّتِي أقرّت على مدى العقود السابقة لتشجيع المشاركة السياسية للنساء وتدارك النقص الحادّ على مستوى تمثيليتهن بالبرلمان والمجالس الترابية، لم تحقق سوى نتائج متواضعة ومحدودة، وذلك يرجع بالأساس إلى هيمنة المقاربة الكمية على حساب الجانب النوعي، فبرسم الانتخابات الجماعية لسنة 2015 في طنجة، لم تتمكن أي امرأة من الوصول إلى رئاسة المجالس الجماعية والمقاطعات، كما لم تستطع أيّ امرأة من ترؤس إحدى جهات المغرب الاثني عشر، إلا بعد استقالة إلياس العماري من منصبه كرئيس لمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، حيث عوّضته زميلته في حزب الأصالة والمعاصرة فاطمة الحسَّاني.

تابعنا على الفيسبوك