تواصل معنا

سياسة

بعد توليهم زمام المسؤولية في طنجة.. مسؤولون ترابيون يتسلقون سلم السلطة‎

دخلت طنجة في وتيرة تنمويَّة متسارعة، بعد إطلاق عديدٍ من الأوراش الكبرى والمشروعات المتواصلة، وهو ما مكَّن الجهة الشماليَّة للمملكة من الاضطلاع بدورٍ مهمٍّ في التنميَّة الاقتصاديَّة للبلاد، من خلال تعزيز تنافسيتها وإشعاعها وقدرتها على استقطاب وتركيز رؤوس الأموال والأشخاص والخِدْمات.

كما شكَّلت طنجة كذلك منطلقًا للعديد من الولاة لتولّي مسؤوليَّات أكبر، وإن كان هَذَا الأمر لا يبرز بشكل واضح مع الوالي حلاب، الَّذِي انتقل منها إلى وزارة الداخلية مُكلفًا بالترويج الوطني، قبل أن يصبح بعدها بـ4 سنوات واليًا على جهة الدار البيضاء الكبرى، فإنَّ الأمر برز بجلاء مع حصّاد واليعقوبي والطاوس، الَّتِي كانت أقاليم الجهة امتحانًا لهم قبل، تقلد مهامَّ أخرى تحظى بعناية ملكيَّة فائقة.

محمد حلاب.. من ولاية طنجة إلى ولاية الدار البيضاء الكبرى

في 2001، عُيّن محمد حلاب من قبل جلالة الملك محمد السادس والي لجهة طنجة تطوان حتّى يونيو 2005، عندها عُيّن واليًا مؤقتًا لمقر الوزارة قبل تعيينه في سبتمبر 2005 كمدير للترويج الوطني في وزارة الداخلية.

وفي 22 يناير 2009، عُيّن واليا لجهة الدار البيضاء الكبرى، حتَّى 11 مايو 2012، كما أنَّه يحمل وسام العرش بدرجة قائد.

الوالي الراحل محمد حلاب ولد 1945 في مدينة الجديدة، وعمل كمهندس بين عامي 1968 و1971، حيث شغل منصب رئيس خدمة القاعدة الجويَّة في الدار البيضاء. وفي عام 1974، فكما حصل محمد حلَّاب على شهادة الهندسة من مدرسة باريس بونتس باريستيش الَّتِي لا تزال تحمل اسم المدرسة الوطنيَّة للطرق والجسور. ومن عام 1974 إلى 1980، شغل منصب مدير الأشغال العامة في وجدة. ثم بين 1980 و1982، شغل المنصب نفسه ولكن هَذِهِ المرة في مدينة الدار البيضاء.

ومن 1983 إلى 1985، أصبح مدير للموارد البشريَّة والتدريب في وزارة الأشغال العامّة، وعام 1989، شغل حلاب منصب مدير مكتب التدريب المهني وتعزيز العمل ثم أصبح مديرًا لهيئة تنميَّة الموانئ واستغلالها في عام 1993.

  • محمد حصّاد.. من ولاية طنجة إلى وزارة الداخلية بالرباط

عندما حلَّ الوالي محمد حصّاد بطنجة، سنة 2005، خلفًا لسلفه محمد حلّاب، ليكون ثاني والٍ لجهة طنجة تطوان، وعامل لعمالة طنجة أصيلة، يعين من طرف الملك محمد السادس، لم يكن يتوقع أنَّ المقام سيطول به لما يناهز 7 سنوات ونصف بالمدينة، وسيكون أحد الفاعلين الرئيسيّين في العديد من الملفات الشائكة والمفاجئة، كما سيكون الشخص المُكلّف بالإشراف على تنزيل الرؤية الملكيَّة الخاصة بمدينة البوغاز، الَّتِي تُركّز على الاستفادة إلى أقصى درجة ممكنة من موقعها الجغرافي، الَّذِي يتيح إمكانيات نادرة، بما يعود بالنفع الاقتصاديّ على المنطقة الشمالية وعلى المملكة ككلّ.

وحصّاد، ابن مدينة تافراوت، وخريج المدرسة الوطنيَّة للطرق والقناطر في باريس، لم يأتِ إلى مدينة طنجة إلا وهو يحمل تاريخًا طويلًا من المسؤوليَّات، فقد كان وزيرًا للأشغال العموميَّة والتكوين المهنيّ وتكوين الأطر، خلال الفترة ما بين نونبر 1993 ويناير 1995، قبل أن يُعين رئيسًا ومديرًا عاما للخطوط الملكيَّة المغربيَّة، الَّتِي عمَّر فيها ما يقارب 6 سنوات ونصف، أمَّا مهمته الأولى ضمن سلك الولاة فكانت سنة 2001، عندما عُين واليًا لجهة مراكش تانسيفت الحوز، عاملًا على عمالة مراكش.

وكان على حصّاد أن يُواجه عديدًا من المحطّات الحارقة في مسيرته، فالرجل الَّذِي ظلَّ لسنوات ملاحقًا باتّهامات تتعلّق بسوء تدبير ملفات كثيرة ذات حساسيَّة مثل العقار، بحكم انتشار مظاهر التعمير العشوائي، بشكلٍ كبيرٍ، في عهده، ثُمّ المساحات الغابويَّة الَّتِي تقلّصت بشكلٍ كبيرٍ أيضًا في أثناء فترة قضائه مهامّه، سيجد نفسه أمام امتحان خطير، هو حراك 20 فبراير 2011، إذ كانت مدينة البوغاز إحدى المراكز الاحتجاجيَّة الرئيسيَّة وقتها، وكان على الداخلية التعامل مع الأمر بكثير من الحذر، وحينها أظهر حصّاد وجهين من أوجه تعامله مع القضايا الأمنيَّة الحسّاسة، الأول هو الوجه العنيف، أمّا من ناحيَّة أخرى فقد أبدى أيضًا قدرة كبيرة على التفاوض، خصوصًا مع التنسيقيَّة الداعمة للحركة، لدرجة تحديد مسارات العديد من المسيرات.

وربَّما يكون ذلك هو ما مهّد لوصول الرجل إلى المنصب الأكثر أهميَّة في مساره الإداريّ والسياسيّ معا، حين عُين سنة 2013 وزيرًا للداخلية بعد عام وشهر فقط قضاه في ميناء طنجة المتوسطي، وظلَّ حصّاد في هَذَا الموقع إلى غاية سنة 2017، حين أصبح وزيرًا للتربيَّة الوطنيَّة والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، في حكومة سعد الدين العثماني، غير أنّه لم يُعمّر طويلًا هناك، إذ أنهي «الزلزال السياسي» المتمثّل في غضبة ملكيَّة على مجموعة من الوزراء، بسبب أحداث إقليم الحسيمة، مسارَه السياسيَّ بشكل مفاجئ.

محمد اليعقوبي.. من ولاية طنجة إلى ولاية العاصمة الرباط

ووصل اليعقوبي إلى طنجة في سنة 2012، ليكون واليًا بالنيابة لجهة طنجة تطوان، عاملًا على عمالة طنجة أصيلة بالنيابة أيضًا، قبل أن يُثبّته الملك في منصبه شهر يناير من سنة 2014، ثم أصبح أوّل والٍ لجهة طنجة تطوان الحسيمة، وَفْق التقسيم الجديد للجهات بالمملكة، في أكتوبر من سنة 2015، دون أن يعلم أنَّ القدر كان يُخبئ له مفاجأة كبيرة وامتحانًا جسيمًا بسبب ذلك.

واليعقوبي، ابن مدينة بركان، الَّذِي حلَّ بطنجة وعمره 42 سنة، أتى إلى الأقاليم الشمالية للمملكة أبكر من ذلك، إذ عُيّن عاملًا لعمالة المضيق الفنيدق سنة 2005، وفي 2010 سيصبح عاملًا على تطوان، وهما التجربتان اللتان أبانتا أنَّ رجل السلطة الشاب الحاصل على دبلوم مهندس دولة في الهندسة المدنيَّة من المدرسة الحسنيَّة للأشغال العموميَّة، قادر على تنزيل رؤية الملك للمنطقة على عدّة مستويات.

والحقيقة هي، أن وصول اليعقوبي إلى طنجة لم يكن اعتباطيًا، فمن جهة حضرت بقوة تجربته في مجال الموانئ، الضروريَّة للتعامل مع منطقة تضمُّ الميناء الأهم في المغرب وإفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، بعدما أدار منذ بداية التسعينيّات إلى بداية الألفينات موانئ أكادير وطانطان والعيون والجرف الأصفر، ثم كان مديرًا للمركز الجهوي للاستثمار لجهة دكالة عبدة منذ منتصف سنة 2002، قبل أن يُعيّن في سنة 2004 في المنصب نفسه لكن بجهة طنجة تطوان.

في سنة 2019، عيَّنه الملك محمد السادس واليًا على جهة الرباط سلا القنيطرة، عاملا لعمالة الرباط، ليُكرّر ما فعله في طنجة بالجهة الَّتِي تضمُّ عاصمة المملكة، الأمر الَّذِي نجح فيه بالفعل، بعد أن غيَّر وجه المدينة -بشكل جذري- وجعلها إحدى أجمل مدن المغرب، ولم تعد تلك المدينة الإداريَّة الجافة وفقط.

  • المصطفى الغنوشي.. من ولاية طنجة إلى ديوان وزير الداخلية

عين صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 24 يناير، 2014 السيد المصطفى الغنوشي عاملًا رئيس ديوان وزير الداخلية.

وازداد السيد الغنوشي، سنة 1965 بسيدي سليمان. وحصل الغنوشي على دبلوم سلك مفتشي الإدارة الترابيَّة، ودبلوم سلك التأهيل، ودبلوم الدراسات المعمقة في القانون العام. وبدأ السيد الغنوشي مساره المهني سنة 1989، كمتصرف للإدارات المركزيَّة، ثُمّ مفتشًا للإدارة الترابيَّة بوزارة الداخلية سنة 1999. وفي سنة 2003 عُين رئيسا لدائرة بعمالة طنجة – أصيلة، وسنة 2004 رئيس دائرة – رئيس قسم الشؤون الداخلية بنفس العمالة. وفي سنة 2010 عين السيد الغنوشي في منصب كاتب عام لعمالة طنجة -أصيلة.

  • محمد الطاوس.. من ولاية طنجة إلى عمالة إقليم الحوز

لم يُشكّل قرار تعيين محمد طاوس على رأس عمالة إقليم الحوز حدثا مفاجئا لكثير من متابعي الشأن العام، وذلك بعد إعفاء العامل السابق بنشيخي، لعجزه عن العمل، وعدم قدرته عن القيام بمهامه بعد تعرّضه لحادث سير (حسب ما يتم تداوله) وتأخره في مواكبة ومعالجة أثار زلزال الإقليم، الَّذِي خلف دمارًا هائلًا بالمنطقة.

وشغل محمد طاوس، قبل تعيينه عاملا، كاتبًا عامًا لعمالة إقليم الحوز في إطار الحركة الانتقالية الواسعة في صفوف رجال السلطة الَّتِي أعلنتها وزارة الداخلية في تاريخ 5 غشت 2023، بعدما شغل منصب رئيس الشؤون الداخلية بولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة.

وكان محمد طاوس قد تلقى إبان رئاسته قسم الشؤون الداخلية بولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة وعمالة طنجة أصيلة ترقيَّة إلى رتبة أعلى في إطاره المهني، حيث تمت ترقيته إلى كاتب عام في سلك السلطة مع الاحتفاظ بمنصبه بولاية جهة طنجة.

ويُعدُّ الطاوس ابن قبيلة بني توزين بالدريوش، ابن عم عبد السلام الطاوس رئيس جماعة ميضار، من الأطر الإداريَّة الشابة في سلك المسؤولية بوزارة الداخلية، وسبق له أن تحمل عدة مسؤوليات إداريَّة كبرى في أكثر من مدينة مغربيَّة، أخرها منصب رئيس الدائرة الحضريَّة لعمالة الرباط قادما من وجدة قبل التحاقه بطنجة كرئيس لقسم الشؤون الداخلية.

 

تابعنا على الفيسبوك