في الواجهة
بسبب ممتلكات اليهود المستولى عليها.. أباطرة العقار ومسؤولون سابقون بطنجة يتحسسون رؤوسهم بعد التطبيع

تميّزت مدينة طنجة، ومنذ عهودها القديمة، بفتح أبوابها للجميع وقد تكاثر الإقبال عليها من مختلف الطوائف بسبب موقعها الاستراتيجيّ، جغرافيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ولعلّ ذلك ما جعل منها مدينة استثناء في جميع الحقب، بما فيها الخضوع للنظام الدوليّ في أيّام الحماية، الَّذِي عزّز من وجود الطائفة اليهوديّة بمدينة طنجة وتشكيلها قوةً اقتصاديّةً وتجاريّةً كبرى مكنتها من اقتناء العديد من الممتلكات العقاريّة وسط المدينة.
في فترة الستينيّات، وبعد نيل المغرب استقلاله، تغيّرت أوضاع المدينة اقتصاديًا، كما تغيرت معها العديد من الامتيازات الأخرى في النظام التجاريّ، ونتيجة لذلك انطلقت عملية هجرة اليهود نحو أوروبّا والغرب، وبدا عدد هَذِهِ الجالية ينخفض بشكل لافت، فبعد أن وصلت الطائفة اليهوديّة، الَّتِي تُعدُّ الجالية الأولى بطنجة، إلى 25 ألف نسمة، مُتقدّمين على الإسبان والإنجليز والفرنسيّين، الَّذِينَ كانوا يُشكّلون أقل من 60 ألف نسمة، أصبح في العصر الحالي بحسب بعض الإحصائيات لا يتجاوز عدد أفرادها 50 شخصًا.
اليوم وبعد الاتّفاقيات المبرمة، أصبح من الممكن العودة التدريجيّة ليهود مدينة طنجة، بغرض صلة الرحم وتجديد عهد الأجداد مع مدينتهم، الَّتِي يحملون لها من المحبّة والتقدير ما لا يحمله بعض أباطرة العقار، الَّذِينَ تحينوا كلَّ الفرص من أجل استغلال الممتلكات العقاريّة، الَّتِي تركتها أكبر جاليّة للمدينة بعد رحيلها، استغلال تم من خلاله ضم أراضٍ ومنشآتٍ عقاريّةٍ تقادم عليها العهد بطرق احتياليّة.
وقد تمت عملية الاستحواذ على ممتلكات الجالية اليهوديّة بمدينة طنجة، من طرف مسؤولين سابقين، كان لهم قدم التورّط مع مافيا العقار، ولعلّ من بين القضايا الرائجة في هَذَا السياق قضية إحداث ودادية سكنيّة فوق وعاء عقار مملوك ليهود مدينة طنجة، تم الاستعانة فيه بمكتب للدراسات بإيطاليا يتوفّر على معلومات شخصية حول العائلات اليهوديّة ومدى معرفتها أو جهلها بالممتلكات المورثة.
الودادية السكنية يقطنها مسؤولون نافذون، وقد اشترك في عملية السطو والتزوير على وثائق رسمية مافيا العقار وبعض تجّار المخدرات، نفَّذوا جريمة الاستحواذ على ممتلكات الغير بحجة التقادم والغياب، معتمدين على أساليب لا تختلف عن الَّتِي يُمارسها المهاجرون في احتلال المنازل السكنيّة، الَّتِي تبتدئ بطرقٍ بدائيّةٍ قبل أن تأخذ مجرى قانوني للتحفيظ العقار وتحويله للملك الجديد عن طريق النصب والتزوير.
