القانون والناس
الهجرة السرية بين واقع المحاولة والقانون 02.03

اقتحمت بشكل رهيب، محاكم المملكة المغربيّة، مؤخرًا ملفات تتعلّق بالهجرة السرّيَّة، الَّتِي ضمت خيرة الشباب بمختلف أطيافه ومستوياته، فبعدما مرَّ منه المجتمع بأسره من تضييق الخناق حول المعيشة، والتدخل المباشر في الحياة وأسلوب العيش، وكذا الظروفُ الاقتصاديَّةُ الكارثية للطبقة الوسطى والدنيا من هَذَا المجتمع، برزت محاولات الهجرة لكلّ هَؤُلَاءِ الشباب لتحسين وضعهم ووضع أسرهم، غير مكترثين لمصيرهم المجهول بين أمواج البحر، ولا إلى ما وراء ذاك المحيط الموحش كضحايا لمجتمع لم يرحم الضعيف، وكذا ضحايا لمغالطات سربت إليهم بوجود جنّة عدن بالضفة الأخرى.
بيد أنَّ المُشرّعَ المغربيَّ، لم يغفر لهَؤُلَاءِ الضحايا وحاول تجريم أفعالهم، عبر ما سُطّر من متابعات بالقسم الثاني من القانون (02.03) المتعلق بالأحكام الزجريّة، الَّتِي تتعلق بالهجرة غير المشروعة، حيث يتابع أغلب الشباب بالفقرة الأولى، من المادة (52) من القانون السالف الذكر، الَّذِي ينص على أنّه: «يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة من 50.000 إلى 500.000 درهم، كلّ من نظَّم أو سهَّل دخول أشخاص، مغاربةً كانوا أم أجانبَ بصفة سرية إلى التراب المغربي أو خرجوهم منه بإحدى الوسائل المشار إليها في المادتين السابقتين، وخاصّةً بنقلهم مجانًا أو بعوض، (أي المواد 51 و52 من نفس القانون).
في حين أنَّ مقتضيات المادة (50) نجد فيها: «يعاقب بغرامة يتراوح قدرها بين 3000 و10.000 وبالحبس من شهر إلى ستة أشهر أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، دون الإخلال بأحكام القانون الجنائي المطبقة في هَذِهِ الحالات، كل شخص غادر التراب المغربي، بصفة سرية، وذلك باستعماله في أثناء اجتياز أحد مراكز الحدود البريّة أو البحرية أو الجوية، وسيلة احتيالية للتملص من تقديم الوثائق الرسمية اللازمة، أو من القيام بالإجراءات، الَّتِي توجبها القوانين والأنظمة المعمول بها، أو باستعماله وثائق مزورة، أو بانتحاله اسمًا، وكذا كلّ شخص تسلل إلى التراب المغربي أو غادره من منافذ أو عبر أماكن، غير مراكز الحدود المعدّة خصوصًا لذلك.
الأمر الَّذِي يجعلنا نتساءل، عن محتويات المادة (51) من نفس القانون، الَّتِي نصت على أنه: «يعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة يتراوح قدرها بين 50.000 درهم و500.000 درهم، كلّ شخص قدم مساعدة أو عونًا لارتكاب الأفعال -المذكورة أعلاه- إذا كان يضطلع بمهمة قيادة قوة عموميّة أو كان ينتمي إليها أو إذا كان مكلفًا بمهمة للمراقبة، أو إذا كان هَذَا الشخص من المسؤولين أو الأعوان أو المستخدمين العاملين في النقل البري أو البحري أو الجويّ أو في أية وسيلة أخرى من وسائل النقل، أيًا كان الغرض من استعمال هَذِهِ الوسائل.
فهل هَذِهِ الموادّ تخصّ المنظمين الدوليّين للهجرة السرية أم الشباب البائس، الَّذِي يدفع مبلغًا في نظره باهظٌ، وفي نظر المنظم تافه، ليرحل إلى حيث لا أهل ولا ضمان ولا أمن ولا أمان، لكن واقع السلطة القضائية، تجاه هَؤُلَاءِ تبقى بين المطرقة والسندان، فمن يعاقب في محاولة الهجرة إن كان الفصل (115) من القانون الجنائي، ينصّ على أنّه لا يعاقب على محاولة الجنحة إلا بمقتضى نصّ خاص في القانون؟ وهل هناك حلّ أمثل لهَؤُلَاءِ للحيلولة دون عودتهم للمحاولة مرّة أخرى؟
