تواصل معنا

مقالات الرأي

المرء مع من أحب

رُوي في الأثر، أنَّ كفار قريش أعطوا حسان بن ثابت -قبل إسلامه- مالًا ليهجو النبي الكريم –صلى الله عليه وسلم- فوقف حسَّان على ربوة ينتظر رسول الله أن يأتي لينظر إلى صفة من صفاته ليهجوه بها، ومرَّ المصطفي جميل الشيم، فلما راه حسَّان وقد أشرق بطلعته البهيَّة وأنواره السنيَّة، قذف الله النور في قلب حسان، فانشرح صدره، واستنار وجهه، وعاد إلى قومه، وقال لهم هَذِهِ أموالكم ليس لي فيها حاجة، أمَّا هَذَا الَّذِي أردتم أن أهجوه فإني اللهم أشهدك أنه رسول الله.

قال له قومه ماذا دهاك؟ ما لهَذَا أرسلناك، فأجابهم بقوله:

لَمَّا رَأَيتُ أَنْوَارَهُ سَطَعَتْ*** وَضَعْتُ مِنْ خِيفَتِي كَفِّي عَلَى بَصَرِي

خَـوْفـًا عَلَى بَصَرِي مِنْ حُسْنِ صُورَتِه*** فَلَـسْتُ أَنْظُرَهُ إِلَّا عَـلَى قَـدَرٍ

رُوحٌ مِنَ النُّورِ فِي جِسْمٍ مِنَ الْقَمَرِ*** كَحلية نُسِجَتْ بِالأَنْجُمِ الـزُّهرِ

روايات مختلفة، تحكي عن مواقف تحوّل فيها العداء إلى النبي الكريم لنهر من المحبّة، لعلّ أبرزها ما أشير إليه سلفًا، وما رُوي عن كعب بن زهير صاحب البردة، الَّذِي قال في حق النبي بعد عدائه له.

وَقالَ كُلُّ خَليلٍ كُنتُ آمُلُهُ***لا أُلفِيَنَّكَ إِنّي عَنكَ مَشغولُ

قُلتُ خَلّوا طَريقي لا أَبا لَكُم***فَكُلُّ ما قَدَّرَ الرَحمَنُ مَفعولُ

كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ***يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ

أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني***َالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ

مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال***قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ

لا تَأَخُذَنّي بِأَقوالِ الوُشاةِ وَلَم***أُذِنب وَلَو كَثُرَت عَنّي الأَقاويلُ

لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ***أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ

لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ***مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ

حَتّى وَضَعتُ يَميني لا أُنازِعُهُ***في كَفِّ ذي نَقِماتٍ قيلُهُ القيلُ

لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ***وَقيلَ إِنَّكَ مَنْسُوبٌ وَمَسؤولُ

أبياتٌ نطق بها الأوّلون، وما زالت اليوم، شعارًا يتغنى به من ذاب حبًا في رسول الله، واقتدى بنهجه وسيرته العامرة بمثل هَذِهِ المواقف والأحداث، وما أحوجنا اليوم إلى التذكير بالشمائل المحمديّة والتغنّي بقصائد المدح في محبّة رسول الله، والاحتفاء بمولده -صلى الله عليه وسلم- تعريفًا بمقام نبوته وإظهارًا لعظيم تشريفه من الباري -عزّ وجل- الَّذِي قال عنه في محكم التنزيل {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهُ} وتمام الطاعة يكون بمحبّة من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى.

تابعنا على الفيسبوك