تواصل معنا

سياسة

العمرة” مطبخًا للتحالفات الانتخابية: السباق المبكر بشأن الخرائط الانتخابية والمكاسب العقارية في طنجة‎

تشهد‭ ‬الساحة‭ ‬السياسية‭ ‬والحزبية‭ ‬في‭ ‬طنجة‭ ‬حراكا‭ ‬ملحوظا‭ ‬تجلَّى‭ ‬فيما‭ ‬يصفه‭ ‬البعض‭ ‬بـ‭”‬عمرة‭ ‬السياسيين‭ ‬والمنعشين‭ ‬العقاريين‭”‬،‭ ‬إذ‭ ‬باتت‭ ‬التحالفات‭ ‬المرحلية‭ ‬تتشكَّل‭ ‬خلف‭ ‬ستار‭ ‬العمرة‭ ‬ورحلات‭ ‬سياحية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬خلط‭ ‬الأوراق‭ ‬استعدادًا‭ ‬للانتخابات‭ ‬المقبلة‭.‬

وحسب‭ ‬مصادر‭ ‬حزبية‭ ‬لجريدة‭ “‬لاديبيش‭” ‬في‭ ‬طنجة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الظاهرة‭ ‬ليست‭ ‬جديدة،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬نتاج‭ ‬ممارسة‭ ‬قديمة‭ ‬نسبيًا‭ ‬يسعى‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬السياسيون‭ ‬إلى‭ ‬ترسيخ‭ ‬حضورهم‭ ‬الانتخابي‭ ‬بالتنسيق‭ ‬مع‭ ‬فاعلين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬العقار،‭ ‬الذين‭ ‬يدخلون‭ ‬الساحة‭ ‬الحزبية‭ ‬برؤيتهم‭ ‬الخاصة‭ ‬ومناهج‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬المعطيات‭ ‬الانتخابية‭ ‬المتغيّرة،‭ ‬يتحرّك‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السياسيين،‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬القديم‭ ‬قصد‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬لتجديد‭ ‬صورتهم‭ ‬واستقطاب‭ ‬شرائح‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الناخبين،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الارتباط‭ ‬بمشروعات‭ ‬تعمير‭ ‬واعدة‭ ‬تُعدُّ‭ ‬بمنزلة‭ ‬دفعة‭ ‬نحو‭ ‬تطوير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬وتحسين‭ ‬الخدمات‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحضريَّة‭.‬

ومن‭ ‬جهتها،‭ ‬برزت‭ ‬فئة‭ ‬المنعشين‭ ‬العقاريين‭ ‬الذين‭ ‬استثمروا‭ ‬الفرص‭ ‬المتاحة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬التطوُّرات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬الراهنة،‭ ‬إذ‭ ‬سعوا‭ ‬لإبرام‭ ‬شراكات‭ ‬استراتيجية‭ ‬مع‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬السياسيين‭ ‬بهدف‭ ‬خلق‭ ‬منصة‭ ‬مشتركة‭ ‬تضمن‭ ‬تعزيز‭ ‬مصالحهم،‭ ‬ورغم‭ ‬الوعود‭ ‬الكبيرة‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬ينتاب‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬تساؤلات‭ ‬بشأن‭ ‬مدى‭ ‬شفافية‭ ‬هذه‭ ‬التحرُّكات‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬شبهات‭ ‬بتحوّلها‭ ‬لمطبخ‭ ‬لصنع‭ ‬صفقات‭ ‬انتخابية‭ ‬تخدم‭ ‬مصالح‭ ‬فئوية‭ ‬ضيقة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭.‬

وبينما‭ ‬يحاول‭ ‬مختلف‭ ‬اللاعبين‭ ‬المعنيين‭ ‬بالمحطة‭ ‬الانتخابية‭ ‬المقبلة‭ ‬متابعة‭ ‬هذه‭ ‬التحالفات‭ ‬عن‭ ‬كثب،‭ ‬تبرز‭ ‬تخوفات‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬استغلال‭ ‬أباطرة‭ ‬السوق‭ ‬العقاري‭ ‬للمجالس‭ ‬المحلية‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬التباينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬ما‭ ‬يضعف‭ ‬ثقة‭ ‬الناخبين‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الديمقراطيَّة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يتحدَّث‭ ‬كثيرون،‭ ‬عن‭ ‬أنَّ‭ ‬المشهد‭ ‬الحزبي‭ ‬في‭ ‬طنجة‭ ‬بات‭ ‬يشهد‭ ‬إعادة‭ ‬خلط‭ ‬للأوراق،‭ ‬إذ‭ ‬تلتقي‭ ‬المصالح‭ ‬السياسية‭ ‬والمصالح‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإعادة‭ ‬رسم‭ ‬خارطة‭ ‬التحالفات‭ ‬استعدادا‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المقبلة‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬هذا‭ ‬التفاعل،‭ ‬يحذّر‭ ‬المراقبون‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تتحوَّل‭ ‬هذه‭ ‬المنظومة‭ ‬إلى‭ ‬فضاء‭ ‬يميل‭ ‬لصنع‭ ‬الولاءات‭ ‬ظرفية‭ ‬دون‭ ‬تقديم‭ ‬حلول‭ ‬جذرية‭ ‬للمشاكل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬المواطن‭ ‬العادي،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأجواء‭ ‬تستمر‭ ‬حملات‭ ‬الدعاية‭ ‬التي‭ ‬تعد‭ ‬بتطوير‭ ‬المدن‭ ‬وتحسين‭ ‬الخدمات،‭ ‬غير‭ ‬أنَّ‭ ‬التفاصيل‭ ‬العملية‭ ‬لهذه‭ ‬الوعود‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬غامضة‭ ‬وغير‭ ‬مُحدّدة،‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬بين‭ ‬ساكنة‭ ‬المدينة‭.‬

ورغم‭ ‬الآمال‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬يحملها‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬تُسهم‭ ‬هذه‭ ‬التحالفات‭ ‬في‭ ‬دفع‭ ‬عجلة‭ ‬التنمية‭ ‬والإصلاح،‭ ‬فإنَّ‭ ‬تجربة‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬تذكّرنا‭ ‬بمدى‭ ‬تعقيد‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬السياسيين‭ ‬ولوبي‭ ‬العقار‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬تنافسية‭ ‬مشتعلة‭.‬

ومن‭ ‬الواضح،‭ ‬أنَّ‭ ‬التحولات‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬طنجة‭ ‬تبقي‭ ‬في‭ ‬طياتها‭ ‬الجواب‭ ‬عن‭ ‬أسئلة‭ ‬مستقبلية‭ ‬مهمة،‭ ‬إذ‭ ‬تبرز‭ ‬أهمية‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬لتجنب‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬أخطاء‭ ‬الماضي،‭ ‬فيما‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬القرار‭ ‬تكثيف‭ ‬جهودهم‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الاتّفاقيات‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬السياسية‭ ‬والعقارية‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬الشفافية‭ ‬والمساءلة‭.‬

كما‭ ‬يجب‭ ‬إشراك‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العملية،‭ ‬لضمان‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الخطط‭ ‬التنموية‭ ‬المقترحة‭ ‬متوافقة‭ ‬مع‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬الفعلية،‭ ‬بما‭ ‬يساهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬الجهات‭ ‬المعنية‭ ‬والمواطنين،‭ ‬وهنا‭ ‬تتجلَّى‭ ‬ضرورة‭ ‬تبني‭ ‬رؤية‭ ‬شاملة‭ ‬تتخطَّى‭ ‬المصلحة‭ ‬الشخصية،‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬بين‭ ‬التنمية‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعدالة‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مجتمع‭ ‬متماسك‭ ‬يستشرف‭ ‬المستقبل‭ ‬بأمل‭ ‬وثقة‭.‬

ويبقى‭ ‬السؤال‭ ‬قائمًا‭ ‬بشأن‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬التحرُّكات‭ ‬ستتجاوز‭ ‬ماضي‭ ‬الوعود‭ ‬الزائفة‭ ‬لتصبح‭ ‬واقعًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬يعكس‭ ‬تطلعات‭ ‬المواطنين‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬أفضل،‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬ستظلّ‭ ‬مجرد‭ ‬لعبة‭ ‬حزبية‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬مصالح‭ ‬خاصة‭ ‬ووعود‭ ‬كاذبة؟

تابعنا على الفيسبوك