القانون والناس
العلاقات الثنائية بين مرارة الواقع ومرونة المشرع والشرع

أصبحت ظاهرة الأمهات العزبات تُهدّد كيان المجتمعات العربية، نتيجة عزوف الشباب عن الانخراط بمؤسّسة الزواج واعتماد العلاقات الخاصة أو ما يصطلح عليه «انتي مراتي قدام الله».
بيد أنَّ الوضع ازداد تفاقمًا، عند ما عمل المُشرّعُ المغربيُّ على إلغاء ثبوت الزوجية، وكذا شدَّد بشكل مبالغ فيه، في مسطرة التعدّد، ما سمح بظهور أمهات عازبات، في حين عمل على المضي قُدما في فتح باب الفساد وشرعنة العلاقات غير الشرعية. مما يجعل الضحية الأساسية في هَذَا الأمد كله هو الطفل.
إن كانت مصلحة الطفل الفضلى تستدعي العمل على شرعنة ما هو عادل وحقّ مُكتسب للجميع كالسير في اتّجاه البنوة، الَّذِي تم العمل به مُؤخّرًا، حيث نصّت مقتضيات المادة (158) من مدونة الأسرة على أنه: «يثبت النسب بالفراش أو بإقرار الأب، أو بشهادة عدلين، أو ببينة السماع، وبكلّ الوسائل الأخرى المُقرّرة شرعًا بما في ذلك الخبرة القضائية».
اعتراف الأب بأبوته، كما نظَّمه المُشرّع المغربي بمدونة الأسرة، وسماه كذلك بالاستلحاق من خلال الموادّ (160) و(161) غير أنَّه يوجد إلى جانب هَذَا الإقرار من نوع آخر، غير مباشر يجعل المقر له ينتسب إلى الغير، لا إلى المقر مباشرة، وحيث إنه يثبت النسب بإقرار الأب ببنوة المقر به، ولو في مرض الموت، وَفْق الشروط الآتية:
- أن يكون الأب المقر عاقلًا.
- ألَّا يكون الولد المقر به معلوم النسب.
- ألَّا يكذب المستلحق -بكسر الحاء- عقل أو عادة.
- أن يوافق المستلحق -بفتح الحاء- إذا كان راشدًا حين الاستلحاق. وإذا استلحق قبل أن يبلغ سنّ الرشد، فله الحقُّ في أن يرفع دعوى نفي النسب عند بلوغه سنّ الرشد.
إذا عين المستلحق الأم، أمكنها الاعتراض بنفي الولد عنها، أو الإدلاء بما يُثبت عدم صحة الاستلحاق لكل من له المصلحة، أن يطعن في صحة توفر شروط الاستلحاق المذكورة، ما دام المستلحق حيًا.
ولا يمكن أن ينتفي نسب الولد عن الزوج أو حمل الزوجة منه إلا بحكم قضائي، طبقًا لما هو قانونيّ ومُسطّر بهَذِهِ المدونة، حيث يثبت الفراش بما تثبت به الزوجية. ويُعدُّ الفراش بشروطه حجة قاطعة على ثبوت النسب، لا يمكن الطعن فيه إلا من الزوج عن طريق اللعان، أو بواسطة خبرة تفيد القطع، بشرطين:
- إدلاء الزوج المعني بدلائل قوية على ادعائه.
غير أنّه لا يثبت النسب بإقرار غير الأب، ويتم هَذَا الإثبات عن طريق الإقرار بإشهاد رسمي أو بخط يد المقر الَّذِي لا يشكّ فيه.
فهل المحاكم المغربية تقرُّ بهَذَا الأمر وتتعامل معه ومصلحة الطفل؟ وهل يمكن أن يُعدُّ هَذَا الإثبات داعمة أساسيّة لمساعدة الأم على إعطائها حقّها في علاقة شرعية قائمة الأركان لا يشوبها أي شائب أم سيبقى الأمر غير ذلك؟
