تواصل معنا

مجتمع

العلاج في زمن الجائحة.. معاناة مرضى السرطان والأمراض المزمنة‎

في الوقت الَّذِي كان معظم المواطنين مُنشغلين بتدابير الحجر الصحي، ومخاوف الإصابة بفيروس «كورونا»، كانت هناك فئات أخرى من المرضى المصابين بأمراضٍ مُستعصيةٍ تُعاني في صمت مع الآلام ومضاعفات وضعهم الصحيّ، خاصّةً بعد اضطرارِهم إلى التوقّف عن متابعة علاجهم، بسبب ظروف حالة الطوارئ الصحية، حيث لم يعودوا قادرين على الذهاب كالمعتاد إلى العيادات الطبّيَّة والمستشفيات لمراقبة أمراضهم الحرجة والقيام بالفحوصات والتحاليل اللازمة.

وخلال فترة الحجر الصحي، الَّتِي سادها تركيز الاهتمام على مرضى «كورونا»، عرفت الاستراتيجية الوطنية لعلاج الأمراض المزمنة تراجعًا واضحًا، كما سجَّل تقلصًا كبيرًا في الخدمات الصحية العادية والروتينية لذوي الأمراض المستعصية، مثل السرطانات وارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض التنفسية وفقدان المناعة المكتسبة «السيدا» وأمراض الكلى، الَّتِي تُمثّل أزيد من 80% من مجمل الوفيات بالمغرب.

وحسب المندوبية السامية للتخطيط، فإنَّ 40%، من الأسر صرَّحوا بعدم اللجوء إلى الخدمات الصحية في حالة الأمراض المزمنة، بسبب الخوف من الإصابة بفيروس (كوفيد – 19).

وأوضحت المندوبية السامية للتخطيط، في مذكرتها بشأن نتائج البحث الَّذِي أنجزته حول «مخاطر الإصابة بالفيروس التاجي وراء تراجع طلب الخدمات الصحية»، أنَّ الخوف من الإصابة بالعدوى يعيق ولوج الأسر إلى الخدمات الصحيّة، 53% من حالة الأمراض العابرة، 61% بالنسبة لتلقيح الأطفال، 51% بالنسبة للاستشارات ما قبل الولادة وما بعدها، و64% بالنسبة للخدمات الصحية الإنجابيّة.

ويُعاني مرضى السرطان في ظل جائحة «كورونا»، في صمت من ظروف صعبة، ويشكو العديد منهم الإهمال وعدم الاهتمام بأوضاعهم من قبل الوزارة الوصية في غمرة الحرب على فيروس «كورونا» المستجد، حيث يُعدُّ هؤلاء أنَّ الوزارة أولت الاهتمام أكثر لمرضى (كوفيد – 19)، ومواجهة الجائحة، وأهملتهم تاركةً إياهم يواجهون مصيرهم بأنفسهم بين المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة، مع كلّ ما يعني ذلك من أبواب مُغلقة وأدوية مفقودة، الأمر الَّذِي يدفع بعضهم إلى الاستسلام للأمر الوقع والعودة لبيوتهم بنفسيات مُحطّمة ومعنويات منهارة.

ومنذ سنوات ومرضى السرطان يعانون بسبب التكاليف الباهظة للعلاج، فضلًا عن اضطرار بعضهم للتنقل قاطعًا مسافات ليست بالقصيرة طلبًا للعلاج المناسب، وضعية زادت من تعقيدها ظروف الحجر الصحي وإجراءات التنقل الاستثنائية، في ظلّ غياب واضح لاستراتيجية صحية متكاملة لمكافحة مرض السرطان بكلّ أنواعه، ما يجعل المرضى، خاصّةً محدودي الدخل وساكنة قرى وبوادي الشمال، يعانون الأمرّين في سبيل استكمال العلاج والحصول على الدواء وإنقاذ حياتهم.

 ورغم العريضة الَّتِي وجهها بعض النشطاء الجمعويّين إلى الحكومة قبل ما يقارب السنة، الَّتِي دعت إلى إحداث صندوق لدعم مرضى السرطان، ورفض الحكومة لهَذَا المطلب الشعبي وتعهدها في المقابل بوضع إجراءات واقعية لدعم مرضى السرطان، عبر المخطط الوطني للوقاية ومعالجة داء السرطان 2020 – 2029، الَّذِي يستهدف تقليص نسب الإصابة بهَذَا الداء الفتَّاك، وتحسين جودة حياة المرضى ومحيطهم، يظلّ الواقع المعاش لهؤلاء عدم نجاح وزارة الصحة في متابعة حالات المرضى والتخفيف من معاناتهم خلال فترة الجائحة، حيث لا يزال الكثير منهم يجدون معاملة غير مُرضية وتهميشًا في المستشفيات العمومية، وغالبًا ما يتعذّر عليهم الاستفادة مما تتطلّبه حالتهم من استقبال وتفاعل، بحيث لا يتحصلون في المقابل إلا على مبررات ومواعيد آجلة.

تابعنا على الفيسبوك