القانون والناس
السلاح الأبيض بالمدارس مسؤولية مَن قانونًا وواقعًا

لم يعدْ -في الأونة الأخيرة- مجالٌ للاستغراب بأي ظاهرة غير أخلاقية من فساد وتدهور للعلاقات الإنسانية، إلى غياب القيم وما إلى ذلك. فالأساسي أصبح استثناءً والاستثناء أصبح أساسًا وهكذا حتى بات الأمر مخيفًا ورهيبًا بالقدر الَّذِي يجعل الكل يتساءل أين القانون وما محله من الإعراب؟!
ومَن يحمي القانون ومَن يجسده على أرض الواقع؟! أن نجد حمل السلاح الأبيض بجميع أصنافه وسط ساحات وباحات المدارس سواء العمومية أم الخاصة، وكذا تناول جميع أصناف المخدرات يجعل الإنسان يقف أمام نفسه ويخجل منها. حمل السلاح الأبيض لم يعد مقتصرًا على ذلك المتشرد الَّذِي لا يعلم فصله، ولا ذلك المدمن الَّذِي يخجل من إدمانه صباحًا، بل أضحى في يد الإناث قبل الذكور، والصغار قبل الكبار فأين الخلل؟! ما محل الآباء من الإعراب؟! هل يجب أن نحرمهم أبناءهم ليذوقوا مرارة الفقد ويتحملوا مسؤوليتهم تجاه أبنائهم؟! إن كان حمل السلاح وسط المدارس وفي الفصول الدراسية وفي أثناء الحصة ويتم تصوير ذلك بوسائل التواصل الاجتماعي متباهين بما آل إليه الوضع دون حياء أو خجل فمَن المسؤول؟! وأين السلطة سواء الَّتِي تسهر على الأخلاق العامّة أو الَّتِي تسهر على الجرائم الإلكترونية؟
إن كان المُشرّع عمد على إدراج حمل السلاح ضمن الأفعال الإجراميّة، وحدّد لها متابعة فحمل السلاح -دون مبرر شرعي- لم يردع هَؤُلَاءِ الَّذِينَ شكلت مواقع التواصل الاجتماعي فضاءً خصبًا لتداول العديد من الصور ومقاطع الفيديو الَّتِي توثق لهم، وهم يتباهون ويعتزون بحمل سيوف وسكاكين حادّة، ما يُشكّل نوعًا من الابتزاز والتهديد، وبالتالي انعدام الشعور بالأمن لدى المواطنين، لدرجة أنَّ الظاهرة باتت تُعدُّ من الظواهر الخطيرة الَّتِي تُوجد بمجتمعنا وتهدد قيمه وأمنه واستقراره.
حسب مقتضيات الفصل (303) مكرر والفصل (400) من مجموعة القانون الجنائي، فإنّه: «… يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وبالغرامة من 1200 إلى 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من ضبط في ظروف تشكل تهديدًا للأمن العام أو لسلامة الأشخاص أو الأموال وهو يحمل جهازًا أو أداة أو شيئًا واخزًا أو راضًا أو قاطعًا أو خانقًا، ما لم يكن ذلك بسبب نشاطه المهني أو لسبب مشروع». حيث يستشف من حيثيات هَذَا الفصل أن حمل السلاح يشكل جُرمًا يعاقب عليه القانون، لكن إذا كان لا يُشكّل خطورة، من شأنها تهديد الأمن العام وسلامة الأشخاص والأموال، فيبقى في الكثير من الحالات حمله شرعيًا، كوجود سكين في محل، أو استعماله في أغراضٍ مهنية أخرى تكون مرخصة لها، هَذَا من جهة ومن جهة ثانية نص الفصل (400) من نفس القانون على أنّه من ارتكب عمدًا ضد غيره جرحًا أو ضربًا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء، سواء لم ينتج عنه مرض أو عجز عن الأشغال الشخصية أو نتج عنه مرض أو عجز، لا تتجاوز مدّته عشرين يومًا، يعاقب بالحبس من شهر واحد إلى سنة وغرامة من مئتين إلى خمسمئة درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
وفي حالة توفر سبق الإصرار أو الترصّد أو استعمال السلاح تكون العقوبة الحبس من ستة أشهر إلى سنتين والغرامة من مائتين إلى ألف درهم.
لكنه إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من أنواع العنف أو الإيذاء قد نتج عنه عجزٌ تتجاوز مدته عشرين يومًا، فإنّ العقوبة تكون الحبس من سنة إلى ثلاثة سنوات وغرامة من مئتين إلى ألفي درهم. وفي حالة تُوفّر سبق الإصرار أو الترصّد أو استعمال السلاح، تكون العقوبة الحبس من سنتين إلى خمس، والغرامة من مئتين وخمسين إلى ألفي درهم.
ويجوز أن يحكم على مرتكب الجريمة، علاوةً على ذلك، بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل (40) وبالمنع من الإقامة من خمس سنوات إلى عشر، لكنه أغفل البت في مسؤولية إدارة مسؤولية المؤسّسات التعليميَّة وأولياء أمور التلاميذ في وجود حامل السلاح قاصر وترك ثغرة قانونية لا يمكن التساهل فيها نهائيًا بإيقاع المسؤولية كاملة على طفل قاصر والتملص منها بدعوى أنّه لا يمكن ضبطه!!! فإلى متى سيبقى هَذَا الوضع المؤلم يستشري وسط مجتمعنا دون إيجاد حلّ جذري فعَّال؟!
