القانون والناس
السحر والشعوذة.. هل من قانون يؤطر؟

في خضم الأحداث الراهنة والتهاء المجتمع المغربي بوباء «كرونة» والانتخابات، هناك مجتمع آخر وجد مرتعه بين الأغنياء والفقراء، ألا وهو عالم السحر والشعوذة. حيث يزداد توسعه بمناسبة «عاشوراء» الَّتِي توافق العاشر من شهر محرم في السنة الهجرية.
فإنّ كانت الإصابات بالسحر، الَّتِي تقع خلال هَذِهِ الأيّام، تصيب المتضرّر بحياته ونفسه وماله، فمن أبرز أشكال الشعوذة الَّتِي ترتبط بالمناسبة، «هو التهييج أو الجلب أو ما يُسمّى بسحر المحبة»، و«سحر التفريق بين الزوج والزوجة»، و«السحر الَّذِي يؤدي إلى الصراعات والخصومات العائلية»، وغيرهم من أمور، بيد أنَّ هَذَا السحر وهَذِهِ الشعوذة إن كانت تضرر بالشخص بشكلٍ مُباشرٍ، فإنّ الجميع يتساءل ما محل القانون من الإعراب حول هَذِهِ الجرائم الشنعاء؟ وهل هناك أيُّ علاقة بين المسؤولية الجنائية والشخص المجرم، الَّذِي أوقع أضرارًا ماديّةً وجسديّةً تصل إلى القتل أحيانًا؟
حاول المُشرّعُ المغربيُّ التطرّق إلى السحر والشعوذة، من خلال مقتضيات الفصل (609) من القانون الجنائي المغربي، الَّذِي نص في فقرته (35) على أنَّ مَن احترف التكهّن والتنبؤ بالغيب أو تفسير الأحلام يعاقب بغرامة تتراوح بين 10 و120 درهمًا، ويُعدُّ هَذَا الفعل مخالفةً من الدرجة الثالثة. لكنه لم يتطرّق مطلقًا للشخص الَّذِي أوقع السحر بالمسحور له، فهل يمكن أن نجد مبتغانا في الفصل (398) من القانون الجنائي، الَّذِي ينصّ على أنّه «من اعتدى على شخص بموادّ من شأنها أن تُسبّب الموت عاجلًا أم آجلًا، أيا كانت الطريقة الَّتِي استعملت أو أعطيت بها تلك الموادّ، وأيا كانت النتيجة، يعد مرتكبًا لجريمة التسميم ويعاقب بالإعدام».
من قدَّم لشخص موادّ سامةً بقصد قتله، سواء تحقَّقت النتيجة الإجرامية المتمثلة في الوفاة أو لم تتحقّق، تكون جريمة التسميم قائمة؛ لأنّها من جرائم الخطر لا تقتضي تحقّق النتيجة الإجرامية، ويعاقب مرتكبها بالإعدام، أم أنَّ هَذِهِ الفصول ضبابية لا تغني من عطش أو جوع؟ وهل يمكن اعتبار هَذَا السحر الَّذِي أوصل صاحبه للتسليم في ممتلكاته وأمواله لشخص مُعيّن عبارة عن نصب واحتيال؟
نصَّ المُشرّعُ المغربيُّ، في الفصل (540) من القانون الجنائي على أنه «يعد مرتكبًا لجريمة النصب، ويعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من خمسمئة إلى خمسة آلاف درهم: من استعمل الاحتيال ليوقع شخصًا في الغلط بتأكيدات خادعة أو إخفاء وقائع صحيحة أو استغلال ماكر لخطأ وقع في غيره، ويدفعه بذلك إلى أعمال تمسّ مصالحه أو المصالح غير المالية بقصد الحصول على منفعة مالية أو لشخص آخر.
وترتفع عقوبة الحبس إلى الضعف والحدّ الأقصى للغرامة إلى مئة ألف درهم، إذا كان مرتكب الجريمة أحد الأشخاص الَّذِينَ استعانوا بالجمهور في إصدار أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص أو أيّ أوراقٍ مالية أخرى، متعلّقة بشركة أو مؤسّسة تجاريّة أو صناعيّة».
وهل يمكن أن نجد مُستقبلًا قانونًا واضحًا وصريحًا يُجرّم الساحر والمشعوذ، كما هي النصوص واضحة بالنسبة لباقي الجرائم، أم إنّا لله وإنّا إليه راجعون؟
