مجتمع
الخردلي بالشنوك : نشوة «سلطة كوفيد» تنتقل من أعوان السلطة إلى الحراس الخاصين

أخيرًا وبعد طول انتظار ومعاناة، مُنحت صلاحيات مفوضة للواقفين على أبواب المؤسّسات العامة والخاصة، الَّذِينَ أحسّوا بالنشوة نفسها، الَّتِي عاشاها السادة المقدمون وأعوان السلطة، الفئة الأكبر استفادت في مرحلة الجائحة، غير أنّ العينة المنتشية الجديدة تختلفُ كليًا عن صنف «المقدمية» ولعلّ أوّل ميزة لها توفرها على زيّ رسميّ خاصّ بالعمل، ما يغلق باب انتحال الصفة، أضف إلى ذلك ميزة ثانية، وهو محاولة تشبهها برجال الشرطة من ناحية ارتداء الحذاء فقط، أمَّا ما عدا ذلك فطريقة اشتغال البعض أشبه بطرق اشتغال البلطجية والمجرمين.
في الآونة الأخيرة، وبعد أن صدر بلاغٌ من الجهات الرسمية، حول اعتماد جواز التلقيح كوثيقة تسمح لصاحبها الولوج إلى هَذِهِ المرافق، وتمنع عدم حاملها الدخول إلى هناك، استأسد أغلب الحرَّاس الواقفين على الأبواب، وأضافوا لأنفسهم سلطةً تفوق في أحايين كثيرة سلطة أصحاب القرار، يكفي فقط أن يمتلكَ الأخير عضلات مفتولة ووجهًا بئيسًا متجهمًا، ليصبح هو الآمر الناهي في الوافدين على المؤسّسات، هَذَا الصنف تحديدًا، لا يحتاج إلى قراءة البلاغ أو معرفة النص القانونيّ المؤسّس للعملية، كلّ ما يحتاجه هو إشارة من مدير العمل وأحيانًا لا يحتاج إلى هَذِهِ الإشارة، ليُكشّر عن أنيابه، ويُفرّغ كامل مكبوتاته على عامّة المواطنين.
معيار هَؤُلَاءِ في تطبيق القانون، هو الصلاحيات الموكلة إليه، إضافةً إلى تزويده ببعض المعدات الَّتِي يجزم أغلب من خالط القوم، أنّهم يجهلون ما يحملون، وغالبًا ما يقضي هَؤُلَاءِ البؤساء يوم عملهم في مناقشة المواطنين، وصمّ الآذان عن الَّذِي يحاججهم بتطبيق القانون، مُستفسرين عن سبب تفويض صلاحية خاصة لها صفة ضبطية لعينة لا تفقه في أي منطق، ما عدا منطق الاصطدام والانتحال بصفة غير الصفة الموكلة إليه، الَّتِي لا تخرج عن صفة حراسة المرفق من أمثاله وتنظيم عملية الولوج والخروج دون زيادة أو نقصان.
من يخبر أصحاب العضلات المفتولة، أنّ طلب جواز التلقيح أو أي وثيقة شخصية هي من صفة أهل الاختصاص، ولا يحق بأي وجه كان ما عدا وجههم البئيس، فرض شيء على المواطنين بحجة ارتداء زي عمل أو توفر على تطبيق يُميّز الملقح عن غيره، هَذَا الوضع لن يرغب الناس في الإسراع نحو مراكز التلقيح، بقدر ما ينفرهم من هَذِهِ العملية، ويجرّهم إلى التعامل بوسائل بديلة تفرغ البنوك، وتضرّ بالعمل الإداري برمته. من الحكمة الاستعانة بأهل الاختصاص في المجال، أو الاستعانة بوسائل الرقمنة تجنبًا للاصطدام وخلق نوع من الفتنة؛ إرضاءً لعيون العساسة البؤساء.
