تواصل معنا

مجتمع

الخردلي بالشنوك : مواعيد المؤسَّسات العمومية.. موت يا حمار

غريبة هي مدّة المواعيد الَّتِي تمنحها بعضُ المؤسَّسات العمومية للمواطنين، الَّتِي يصل بعضها أحيانًا إلى السنة أو السنتين أو أكثر على حسب هوى صاحبها، الَّذِي لا يهمّه، ما الَّذِي تمثله الخدمة الَّتِي يطلبها المواطن وتؤجل له بحججٍ أكثر غرابةً من مسألة المواعيد.

ولعلّ الفئة الأكثر إبداعًا في تمديد الفترات الزمنيَّة العابرة لجميع حدود المنطقة، مواعيد مُنظّمة الصحّة، البرج العالي، الَّذِي يتهاوى عنده كلّ مواطن، ولعلّ مُوظّفي هَذَا القطاع يعيشون فترات أطول أو لهم مقياسٌ زمنيٌّ خارقٌ لكلّ العوائد، إذ لا تفسير لمنح موعد قد يكتب لصاحبه البقاء أو يأخذه في الحياة الآخرة، وما نسمعه من باب النكث من هَذَا القبيل، هو واقع عانى منه أغلب المواطنين الَّذِينَ اختفت فرحتهم في الحصول على بطاقة «الرميد» الصحيّة، حين أدركوا أنَّها بمنزلة بطاقة اقصائيات لا ينتفع بها صاحبها، إلا بعد قطعه مسافات أكبر من المسافة الَّتِي قطعها ابن بطوطة في رحلاته.

قطاع الصحّة العنيد، لا يتوقف إبداعه في منح مواعيد طوال، بل يُبدع أكثر حين يسأل عن جهاز «سكانير» أو أجهزة أخرى مماثلة، الَّتِي يوجد بها عطبٌ قبل اقتنائها، ولا تشتغل إلا بعد إصلاحها المباشر، وهو الدفع المسبق للمكلف عن الجهاز الَّذِي يملك عصا سحريّة تصلح كلّ معطوب بشرًا كان أم آلة.

في حين أنّ المواطن الَّذِي لا يملك من ماله إلا ما يسدّ به رمقه فيموت في باحة الانتظار، الَّتِي بدورها تتطلّب إعطاء موعد من أجل الاستقبال، ولكلّ خدمة من الخدمات المُقدّمة بهَذَا القطاع نهجهنا الوحيد والأوحد، أمَّا في غياب الطبيب الأوحد للتخصّص أو نفاد كميات الأكسجين أو الاختباء وراء أنّ المصلحة الَّتِي يكثر عليها الطلب، تُرجى بها إصلاحات وأشغال لما بعد الموت.

وبما أنَّ للمواطن حظًّا وافرًا في هَذِهِ الأرض، فإنّ اعتماد المواعيد المطولة، انتقل مؤخرًا من قطاع الصحة ليشمل باقي القطاعات الأخرى، فإذا أردت تغيير البطاقة الوطنيَّة تحتاج إلى ألف موعد وموعد، وإذا أردت تجديد رخصة السياقة عليك أخذ موعد وموعد وموعد لمعرفة شروط التجديد، الَّتِي ستجد فيها –ولا شكّ– شرطًا تعجيزية سيطول بحثك عنها لتلقى لها إجابة، المهم أنَّنا في طور الانتظار إلى أن تنتهي مواعيد هَذَا الجيل، ويرحل بصمت تاركًا مواعيده المؤجلة للخلف من بعده، وواجب عليه إدراجها ضمن ملكيته المُورّثة لعلّها تلقى إيجابًا عند حفيد المُوظّف أو حفيد حفيده «والله يقطعه من صنعه وموت يا حماااار».

تابعنا على الفيسبوك