مجتمع
الخردلي بالشنوك : الفقيه لمكنتسنوش بركتو دخل الحمام بفوطتو
على غير ما جرت به العادة، وانسجامًا مع العصرنة المبالغ فيها بعالم الشهرة و«الميديا»، قرَّر بعض الدعاة الالتحاق بهَذَا الركب غير مُبالين بالمظهر الواجب على الداعية من غير الفقيه الاقتداء به والتمسك بنصف نهجه، لمن لم يستطع إلى ذلك سبيلًا، من بين النماذج الَّتِي تصلح للتصدر هَذَا المشهد شخصان اثنان لا ثالث لهما في هَذِهِ الأرض، واحد في أقصى الشمال، والآخر في أقصى الجنوب، ولك أن تتخيّل حين يلتقي هَذَان النموذجان، التقاءً ليس في الفكر فقط، بل في باحة الحمَّامات ولربَّما في قاعات المساج.
النموذجان قررا أن يعيشا حياتهما على نمط «الانفشاح» وهَذَا نقيض الانفتاح، ولم تعد خرجاتهم المُصوّرة أو المكتوبة أحيانًا تناقش قضايا الدين، بل جعلا من المنبر الافتراضي ساحة للتباهي بنمط عيشهما، ظنَّا منهما أنَّ العالم يقف احترامًا لهَذَا النمط الجديد، أو أنَّ أفعالهما ستصبح مُبرّرة لغيرهما ومستباحة رغبة في جلب أكبر عددٍ من المُحبّين، إن لم نقل المعجبين، شبيهان اثنان في رفع اللثام عن حياتهما الخاصّة، والمجاهدة ما أمكن ليس في محاربة النفس أو اتزانها بحسب مظهرهما وهندامهما، بل في مجاهدتهما بالسباحة واللعب والأكل الطيب وولوج المتنزهات، وكأنَّ الدين يحارب كلّ ذلك، وأنهما قدما ليُمثلا النموذج الأفضل للعيش داخل جلباب الدين، لكن بشكل مُعصرن يسمح لهم بنشر الكلام الفاحش أحيانًا وبالعبارات المحملة بإيحاءات جنسية، مُعتبرين أن مشكلة أصحاب اللُحى تكمن في هَذَا العالم.
التبجح الَّذِي وصل إليه هؤلاء الرويبضة بحجة أنَّ السلف كان يعيش مثلهم، ولا ندري أيَّ سلف يقصدون؛ لأنَّ السلف لم يكن لديهم سناب شات، أو نوادٍ، أو حمامات فاخرة، ولا أي شيء من هَذَا القبيل الَّذِي يتباهون به، وكأنَّهما حقّقا نصرًا للدين على المتشدّدين، وهَذَا الأمر له تفسيران إمَّا أنهما تربا في بيئة جدّ متشدّدة ويريدان محاربة ماضيهما عبر هَذَا الانحلال المبالغ فيه، أو أنَّ تصرفاتهما نابعة من عقدة نقص لا تكتمل إلا بنشر صورٍ داخل غرف تشبه غرف التدليك، وسأضع لهما تفسيرًا ثالثًا من عندي هدية إليهما، أنَّ هَذَا هو حال المشتاق إلا ذاق، ولا تسالني ما العجب الَّذِي ذاقه هؤلاء حتّى وصلت بهما النشوة إلى التباهي بأفعال لا يقدم عليها حتّى الهبيل.
