سياسة
الجدل حول مصير اللائحة الوطنية للشباب يحتدم.. والداخلية تتبنى مقترح الإلغاء

ما زالت مسألة إلغاء اللائحة الوطنية للشباب، مثارًا للنقاش والجدل بين الأوساط الحزبيَّة والشبيبية المغربيَّة، مدافع عن طرح الإلغاء الَّذِي تتبناه وزارةُ الداخلية ومعارض له بحجة تحوّلها إلى ريع انتخابيّ مُخصّص للمُقرّبين والعائلات الحزبيَّة.
وفي هَذَا السياق، شنَّ عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، هجومًا كاسحًا على قياداتٍ حزبيّة لم يُسمّها، متهما إيّاها بـالاتّجار في التزكيات الانتخابيَّة. وقال وهبي إنَّ حزبه شارف على الحسم في لائحة مرشحيه للانتخابات التشريعيَّة المُقبلة، بنسبة 80%، معتبرًا أنّه يتم بيع هَذِهِ المقاعد –الخاصة بالشباب– واستعمال القرابة والمال لوضع هؤلاء في اللوائح، بعيدًا عن المنطق الديمقراطيّ.
مشيرًا إلى أنَّ وزارة الداخلية قبلت مقترح الإلغاء وستُقدّمه ضمن التعديلات المُرتقبة على القوانين الانتخابيَّة، استعدادًا للاستحقاقات، المُزمع تنظيمُها، سنة 2021.
في حين، اعتبر عبد اللطيف الغلبزوري، الأمين العام الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة، بجهة طنجة تطوان الحسيمة، أنَّ التمييزَ الإيجابيَّ في الولوج للبرلمان، يجد أساسه الدستوري فقط بالنسبة للنساء، حيث ينصّ دستور 2011، على ضرورة السعي نحو المناصفة في مختلف المؤسَّسات المُنتخبة؛ أمَّا اللائحة الوطنية للشباب فأقرّت في ظروف خاصة، منذ سنة 2011، وكانت تجربة مُهمّة، غير أنَّ حشو هَذِهِ اللوائح بمُقرّبين لقادة الأحزاب، أفقد التجربة أهميتها وأفرغها من الأهداف، الَّتِي كانت قد أحدثت من أجلها، على الأحزاب السياسيَّة أن تمنح فرصًا للشباب في اللوائح المحلّيَّة حتّى يتمرّس على تدبير الشأن العامّ، ومن شأن ذلك مساعدة هَذِهِ الشريحة على اقتحام الانتخابات التشريعيَّة والفوز بمقاعدَ في البرلمان، دون الاعتماد على اللوائح الوطنيَّة.
وفي تصريح سابق، قال محمد المودن، رئيس الشبيبة التجمعيّة بجهة طنجة تطوان الحسيمة: «إنَّ المُشرّع المغربيَّ، قبل عشر سنوات، اختار تشجيع وتحفيز الشباب على المشاركة السياسيَّة، من خلال إحداث اللائحة الوطنيَّة بعد أن استحضرَ حجم النضالات والحركات الاجتماعية، الَّتِي قادها الشبابُ، وإعادة الثقة للشباب وتمكينه سياسيًا تتطلّبُ الرفع من تمثيليَّة الشباب في كلّ المؤسسات ومراكز القرار عبر الإبقاء على المكتسبات والعمل على تجويد هَذِهِ الآلية، بهدف إشراك الشباب بشكل فعليّ في الاستحقاقات الانتخابيَّة محليًا وجهويًا ووطنيًّا.
إنَّ الظروفَ الحالية الخاصة بالانتخابات، يصعب فيها حضور الشباب في المجالس المُنتخبة، ولن يكون لهم دورٌ في صناعة القرار، وهو ما ينعكس بالسلبِ على المشهدِ السياسيِّ المغربيِّ بشأن وجود الشباب.
وأضاف المودن، أنَّ التواصلَ مستمرٌّ بين الشبيبات الحزبيَّة، حيث عُقدت لقاءاتٌ مع رؤساء الأحزاب من أجل الدفاع عن تمثيليَّة الشباب في الاستحقاقات المقبلة، وتعزيز وجودهم في المشهد السياسي.
كما شدَّد المُتحدّث على أهمية الحفاظ على هَذَا المكتسب الشبابيَّ الإيجابيّ وتجويده على مستوى شروط اختيار وانتداب الشباب في اللائحة، باستحضار الكفاءة والديمقراطية.
وكانت حكومة الشباب (هيئة مدنية) قد كشفت، يوم الخميس الماضي، عن قيامها بإنجاز دراسة بشأن الموضوع، تحت عنوان: «اللائحة الوطنية للشباب.. المرجعية القانونية وسؤال الحصيلة»، تُناقش فيها إشكالية المشاركة السياسيَّة للشباب في شقّها المتعلّق بآليات هَذِهِ المشاركة، خاصّةً اللائحة الوطنية للشباب، عبر طرح السؤال حول مدى مساهمتها في تمكين الشباب من المشاركة في تشكيل هندسة السياسات العمومية؛ انطلاقًا من المهامّ التمثيليَّة وما تخوّله من المساهمة في التشريع وممارسة الآليات الرقابيَّة.
ويشيرُ ملخص الدراسة، إلى أنَّها تهدف إلى رصد كلّ من الإطار الدستوريّ والقانونيّ للائحة الوطنيَّة للشباب، وتحديد المرجعيات الدوليَّة، وكذا السياقات الوطنيَّة والإقليميَّة، الَّتِي أسَّست مرحلة إنتاج هَذِهِ الآلية، مع استحضار نماذج لآليات الإدماج السياسيّ في بعض الدول، لما بعد الربيع العربيّ. كما تبحث هَذِهِ الدراسة، الحصيلة الَّتِي أفرزتها هَذِهِ اللائحة، اعتمادًا على مقاربة علمية، مبنية على معطيات مُستخلصة من استطلاع رأي، حول اللائحة الوطنيّة للشباب، الَّذِي أنجزته حكومة الشباب الموازية، من خلال التواصل مع عينة من النوَّاب البرلمانيّين الشباب عن اللائحة الوطنية للشباب.
كما يعتبر معدّو هَذِهِ الدراسة، أنَّ عملهم يأتي كمحاولة لتحديد كلٍّ من نقاط القوّة والضعف المُتعلّقة باللائحة الوطنيّة للشباب، ومساهمتها في تمكين الشباب المغربيّ من المشاركة الفعلية في الحياة السياسيَّة وتشبيب النخبِ، وكذا اختبار الفرص المتاحة أمام هَذِهِ الآلية، فضلًا عن طرح سؤال البدائل والضمانات الممكنة في حال إلغائها.
