القانون والناس
«البوز» الإلكتروني وظاهرة الاسترزاق.. أي قانون مؤطر؟

4-الطابع: كلّ شخص ذاتيّ أو اعتباريّ يرتكز نشاطه الرئيسي على طبع المطبوعات الدورية؛ 5-الموزع: كل شخص ذاتيّ أو اعتباريّ يرتكز نشاطه الرئيسي على توزيع المطبوعات الدورية.
باستقرائنا مقتضيات المادة السالفة الذكر، نجد أنَّ المُشرّعَ لم يذكر نهائيًا كلَّ من سولت له نفسه، بل حدّد مفهومَ الصحفي على سبيل الحصر، بيد أنَّ أغلب الفاعلين والمتضرّرين من هَذِهِ الظواهر الغريبة للربح السريع يتساءلون بخصوص ماهية الجهة المسؤولة عن وقف هَذَا الزحف البشري المتصاعد والمستمر؟! ومن له الحقّ في تحريك دعاوٍ قضائيّة تجاه هَؤُلَاءِ؟ وما دور وزارة الشباب والثقافة والتواصل؟! وهل يحق لكلّ من هبّ ودبّ أن يُنصّب نفسه صحفيًا أو مصلحًا اجتماعيًا وهو بعيد بدول أخرى لا يعلم من الواقع إلا ما يسطّره له الغير؟
إن كانت الهواتف متاحة للأطفال والمراهقين، ناهيك عن العاطلين عن العمل، والمدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة مستجدّات الآخرين، وخلق الجديد ليقال بالجلسات الفارغة هي الأسباب الَّتِي جعلت من المدعين أنّهم مؤثرون، ولا يصمتون عن فضح المستور من وجهة نظرهم، مُستعملين جمل السبّ والقذف ونعت الناجحين بأسوأ النعوت.
هَؤُلَاءِ الآخرون خصّ لهم القانون مجموعةً من العقوبات، حيث إنّه وحسب الفصل (264) من القانون الجنائي، فإنه يُعدُّ إهانةً، ويعاقب بهَذِهِ الصفة قيام أحد الأشخاص بتبليغ السلطات العامة عن وقوع جريمة يعلم بعدم حدوثها أو بتقديم أدلةٍ زائفةٍ مُتعلقةٍ بجريمة خيالية أو التصريح لدى السلطة القضائية بارتكابه جريمةً لم يرتكبها ولم يساهم في ارتكابها.
فانّ كانت الصحافة مُؤسّسة مقنّنة بمرسوم يضمن لها الحرية طبقًا لأحكام الفصل (28) من الدستور، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية.
فحرية الفكرِ والرأي والتعبير مكفولة للجميع طبقًا للفصل (25) من الدستور. تمارس هَذِهِ الحقوق والحريات طبقًا للدستور وَفْق الشروط والشكليات الواردة في هَذَا القانون ووَفْقًا للقانون رقم (89.13) المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيّين المهنيّين والقانون رقم (90.13) المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة. فهي أيضًا تُكبّل هَذَا المجال بقيودٍ قانونيّةٍ صارمةٍ، رغم أنّ الدولة التزمت من خلال مقتضيات المادة (7) من قانون الصحافة والنشر بضمانها هَذِهِ الحرية عبر ترسيخ الديمقراطية وتعدّدية الإعلام والعمل على الالتزام بها. حيث تستفيدُ قطاعات الصحافة والنشر والطباعة والتوزيع من الدعم العمومي، بناءً على مبادئ الشفافية وتكافؤ الفرص والحياد؛ بهدف تنمية القراءة وتعزيز التعددية ودعم مواردها البشرية. وتحدد شروط وكيفيات الاستفادة من الدعم المذكور أعلاه، بنص تنظيميّ وَفْق معايير موضوعية مع الاحترام المطلق لاستقلالية المقاولات الصحفية المستفيدة من الدعم. حيث تلتزم السلطات العمومية بتوفير الضمانات القانونيّة والمؤسساتيَّة لحماية الصحافيات والصحافيين من الاعتداء أو التهديد في أثناء مزاولتهم مهنتهم. وتحترم قرينة البراءة وكلّ ضمانات المحاكمة العادلة في قضايا الصحافة والنشر وَفْقًا لأحكام الدستور والقوانين الجاري بها العمل. بيد أنَّ العمل الصحافي يتعرّض مؤخرًا إلى مضايقات عبر أناسٍ يستثمرون بوسائل التواصل الاجتماعي هدفهم المال وفقط، للعلم فالقانون المؤطر للمجال الصحفي حدّد شروطًا أساسيّةً لمدير النشر، فمَن سيحدد شروط المؤثرين عبر التواصل الاجتماعي؟ وكيف يمكن تقنين هَذِهِ الظاهرة؟ وهل سنجد تفاعلًا إيجابيًّا من طرف المُشرّع والسلطات المغربية للوقوف على هَذَا التعدّي السافر على مهنة النبلاء؟ أم سيظل «البوز» الإلكتروني ظاهرة للاسترزاق كالتسوّل بالشوارع في تزايد لا رادع لهما سوى التجنب والترفع؟!
