سياسة
الانتخابات البرلمانية تضعف «البام» بشمال المملكة وتدفع عددًا من القياديين إلى التمرد

لم يكن أحد يتوقّع حجم التمرّد الحاصل داخل حزب، كان في يوم من الأيام مُقرّبًا من «الدولة»، خصوصًا أمام اقتراب إجراء الانتخابات المقبلة، الَّتِي من المنتظر أن تجرى بحر السنة الجارية، الأمر الَّذِي جعل عددًا من المتتبّعين يجزمون بأنّ حزب «الأصالة والمعاصرة» لا يرقى لأن يكون حزبًا مؤسّساتيًا مهيكلًا، وله مناضلون يشعرون بحرارة الانتماء إلى تنظيمهم.
إنّ طبيعة البنية التنظيمية لهَذَا الحزب، جعل منه حزبًا هشًا غير قادر على ترتيب أموره الداخلية والتغلّب على بعض المشاكل، وتلبية طموحات الأعضاء ورغباتهم، خصوصًا أنّه يضمّ أسماء انتخابيّة بامتياز، لا تقبل التفاوض من أجل التنازل عن طموحاتها، الأمر الَّذِي برز بشكل قوي هَذَا الأسبوع بجهة طنجة تطوان الحسيمة، بعدما أعلنت قيادة حزب «الجرار»، الأسماء الَّتِي حازت التزكية بعددٍ من المدن.
فعبد اللطيف وهبي، لم يستطع الجمع بين الحفاظ على أسماء وازنة في عددٍ من المدن أمثال محمد الحمامي بطنجة، وتوفيق الميموني بشفشاون، وما بين أسماء جديدة قديمة كانت مُقرّبة من «وهبي» ولها طموحات، وإن فشلت في بعض الأحيان في الطريقة التدبيرية للمهامات الَّتِي يتولونها.
- البام يخطئ الاختيار بتطوان والشاون وطنجة
حسم حزب الأصالة والمعاصرة، الأربعاء الماضي، اختيار مرشحيه للانتخابات التشريعيّة المقبلة بمدن الشمال، حيث منحت اللجنة الوطنيّة للانتخابات، التزكية لعبد الرحيم بوعزة، ليكون وكيلًا للائحة «الجرار» في إقليم شفشاون، ونور الدين الهروشي في تطوان، وعادل الدفوف بطنجة، فيما اختير العربي المرابط وكيلًا للائحة إقليم المضيق الفنيدق، والعربي المحرشي وكيلًا للائحة وزان.
وحسب استطلاع واتصالات بعددٍ من المتابعين والمهتمّين بالشأن الحزبيّ والانتخابي في الشمال، أجرته جريدة «لاديبيش»، فإنّ عددًا منهم يعتبر أن لجنة الانتخابات بحزب الأصالة والمعاصرة، اختارت رهاناتٍ صعبةً في شفشاون وتطوان وطنجة، حيث تبقى حظوظ وكلاء هذه اللوائح ضعيفة؛ في حين وُفّقت في اختيار «المرابط» الَّذِي يمكن القول إنّ مقعده محسومٌ في عمالة المضيق الفنيدق، وكذلك الأمر بالنسبة للعربي المحرشي في وزان.
- الشاون.. تخلَّى عن الميموني لصالح بوعزة
توفيق الميموني، لن يغفر لـ«وهبي» اختيار «بوعزة»، وسيجد وكيل لائحة البام في شفشاون «عبد الرحيم بوعزة» –حسب متابعين– نفسه وحيدًا في المنافسة معزولًا عن المساندة من رفاقه، خاصّةً من الغاضبين كرئيس جماعة متيوة «المعتصم أمغوز»، الَّذِي يحظى بدعم ومساندة عددٍ لا يستهان به من رؤساء الجماعات والمستشارين بالإقليم، خاصّةً أنّه يحظى بدعم أغلب الباميين بالإقليم، كما أنّ «توفيق الميموني» البرلماني الحالي عن حزب الجرار ورئيس لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالبرلمان، لن يغفر لـ«وهبي» اختيار «بوعزة» الَّذِي وصف أحد رؤساء الجماعات المهمين بشفشاون اختياره بالقول: «إذا كانت اللجنة قد اختارت الأخ بوعزة لتمثيلنا في البرلمان فنحن نقترح عليها أن تصوّت عليه بدلنا وبدل المواطنين يوم الاقتراع».
وهبي بهَذَا يكون قد وضع حدًا لاستمرار توفيق الميموني، الَّذِي يُعدُّ من أبرز الأطر السياسيّة بالجهة بحزب «الجرار»، كما وضع حدًا لوجود رئيس جماعة متيوة، حيث تُؤكّد جُلّ المعطيات على أنّه حظي بتزكية ودعم من طرف الاتحاد الدستوري ليكون وكيلًا للائحة الانتخابات التشريعيّة.
جُلّ المتتبّعين يُؤكّدون، أنّ البام سيفقد مقعدًا برلمانيًا مُهمًّا بمدينة الشاون، خصوصًا بعض الغضب الحاصل في الحزب والانشقاقات، الَّتِي عمّقها الاتّحاد الدستوري.
- تطوان.. تزكية برلماني لم يكمل تعليمه الابتدائي
وفي تطوان لا يختلف الأمر كثيرًا عن شفشاون، حيث يعتقد أغلب المُنتمين لحزب الأصالة والمعاصرة بالإقليم، أنَّ اختيار من يصفونه بـ«مول الشكارة» المشكوك في محتواها، زاد من أزمة الحزب وضعفه، على الرغم من أنّه يتوفر على أطر مُشرّفة وتستطيع تمثيل الحزب بالإقليم والدفاع عن برنامجه أمام المواطنين بالشكل الَّذِي يعكس ما يروج عن حزب «الرفاق»، لكن لجنة الانتخابات الوطنية ارتأت رهنه في المجال التشريعي لشخص لم يكمل تعليمه الابتدائي ومتابع أمام القضاء بالعديد من الملفات الشائنة المرتبطة بتعويضات العمال ونزاعات حول أراضي الحبوس، إضافة إلى شبهات قوية بالبناء العشوائي وتشويه المجال العمراني.
- طنجة.. تزكية المال على حساب القاعدة الانتخابية
لم يكن أحدٌ يتوقّع أن القيادة الوطنية للحزب بمعية أمينها العام عبد اللطيف وهبي، ستُفضّل رجل الأعمال عادل الدفوف، على حساب المُتمرّس في العملية الانتخابية محمد الحمامي.
اختيار الدفوف على حساب محمد الحمامي، لم يكن اختيارًا سهلًا، حيث أجرت الأمانة الجهوية لحزب الأصالة والمعاصرة بجهة طنجة تطوان الحسيمة، لقاءً ماراثونيًا من أجل إقناع الحمامي بالتنازل لصالح عادل الدفوف، الَّذِي سبق أن كان وصيف لائحة البام في الانتخابات التشريعيّة، ولم ينجح كما لم ينجح في تسييره لنادي اتحاد طنجة لكرة القدم.
فحسب عددٍ من المُهتمّين بالشأن المحليّ، فإنَّ اختيار الدفوف، ربما كان مرتبطًا بالمال أكثر من أيّ معايير أخرى، خصوصًا أنَّ الكل يعول عليه في الصرف على حملة الحزب بالإقليم، خصوصًا بعد ابتعاد عرَّاب الحزب ومموله بالجهة «الإدريسي»، إلا أنّه بالمقابل تم التخلي عن قاعدة انتخابية جد مُهمّة، الَّتِي يحظى بها محمد الحمامي بأكبر مقاطعة في المغرب «مقاطعة بني مكادة»، خصوصًا أنَّ الحمامي سبق أن تولّى رئاسة مقاطعة بني مكادة، كما يشغل منصب نائب برلماني بمجلس المستشارين.
- البام يفقد جماعة أصيلة
لم يستطع عبد اللطيف وهبي، بمعية الأمين العام الجهوي للحزب بشمال المملكة، أن يُحافظوا على قلعة مدينة أصيلة، الَّتِي سبق أن حسموا في جماعتها، بعد حصد غالبية المقاعد، إلا أنَّ رغبة «معالي الوزير» محمد بنعيسى، في العودة لدعم حزب التجمع الوطني للأحرار، سيضعف شوكة البام بهَذِهِ المدينة.
فخلال سنة 2015 حصل الحزب في مدينة أصيلة، الَّتِي تعمل بنظام الترشّح الفردي على الحصول على 22 مقعدًا من أصل 25، قبل أن يضمَّ بنعيسى، الَّذِي ترشح مستقلًا، مقعده لحزب البام في تحالف مسبق بينهما.
- جماعة الساحل الشمالي
فقد حزب الجرار بهَذِهِ الجماعة أربعة مستشارين جماعيين ينتمون إليه، بعدما أعلنوا عن التحاقهم بحزب الاتّحاد الدستوري، خلال اجتماع جمعهم مع الكاتب المحلي للحزب بأصيلة «زبير بن سعدون»، الأمر الَّذِي يضعف الحزب، الَّذِي كان يتقوّى بالجماعات القروية، خصوصًا أنّه يعرف جيدًا أنّه غير قادر على حسم المقاعد بالمدن الكبرى.
فقدان مقاعد بجماعة الساحل الشمالي، تُساهم في إضعاف شوكة الحزب بمجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة، خصوصًا أن البام، يُمني نفسه في استمرار قيادته هَذِهِ المؤسَّسة الجهوية؛ حيث إنّه يمتلك أسماء قوية على المستوى الجهوي أمثال العربي المحرشي.
- وزان.. المحرشي وضمان مقعد برلماني
لا أحد –لحدود الساعة– يشكك في قدرة شخصية العربي المحرشي المُثيرة للجدل، على حسم مقعد برلماني بمدينة وزان، خلال الانتخابات التشريعية المقبلة، الَّتِي من المنتظر أن تُنظّم خلال بحر هَذِهِ السنة.
وهبي انتصر للمنطق في إقليم وزان، ودفع بالمحرشي الَّذِي يُرشّحه عددٌ من المتتبعين بالشأن السياسي، لكي يصبح رئيسًا للجهة، خلفًا لزميلته في الحزب فاطمة الحسَّاني، وبهَذَا تكون جُلّ الخلافات الَّتِي عاشها الحزب مع العربي المحرشي، خلال الفترات السابقة خصوصًا في عهد حكيم بن شماش قد تمّ طويها ونسيانها.
- إقليم المضيق الفنيدق
لم يحدث أي تغيير في إقليم المضيق الفنيدق، حيث زُكِّيَ المرابط، الرجل القوي بالإقليم والقادر على منح حزبه مقعدًا برلمانيًا بشكل سهل وسلس، فلا أحد كان يتوقّع أن يكون لوهبي ومن معه في لجنة الترشيحات والتزكيات رأيٌ آخر. وبهَذِهِ الخطوة قد يضمن «البام» على الأقل بهَذَا الإقليم مقعدًا برلمانيًا، فيما قد يخسر عددًا من المقاعد البرلمانية، على رأسها طنجة وتطوان وأيضًا الشاون.
