مجتمع
الاستغلال الجنسي للأطفال.. أسئلة معلقة وظاهرة تتمدد

منذ أن تفجَّرت قضية الطفل عدنان، الَّذِي تعرض للاغتصاب والقتل على يد مغتصبه، تزايد بشكل ملحوظ تسليط الضوء على توقيف أشخاص بتهم تتعلق بالاستغلال الجنسي للأطفال. إذ بعد يوم واحد من العثور على جثة الطفل عدنان، جرى الإعلان عن اعتقال شخصٍ يبلغ من العمر 36 سنة، للاشتباه بتورطه في قضية تتعلق بالتغرير بطفل قاصر يبلغ من العمر 11 سنة ومحاولة تعريضه لهتك العرض.
وغير بعيد عن مدينة طنجة، وبالضبط في منطقة «زميج» الَّتِي اهتزَّت على وقع حادث اغتصاب «فقيه» لطالباته القاصرات داخل مدرسة قرآنية، وتعود تفاصيل الحكاية لسنوات، حيث اتّهم الشخص المذكور باغتصاب وافتضاض بكارة فتيات قاصرات.
واليوم تبرز للوجود قضية الطفل الذي قتل صديق والده وسلم نفسه بعدما اتهم المقتول بأنه قد حاول اغتصابه، لتلقي هذه القضية الضوأ على هذه الظاهرة التي انتشرت بشكل غيرب داخل مجتمعاتنا التي من المفروض أنها محافظة.
على الرغم من الانخراط الواسع للمغرب في المنظومة الدولية والأممية للطفل والمشاركة في إعداد الاتّفاقيات الدولية والبروتوكولات المعلقة بالحقوق الفئوية خاصة بالأطفال منها، وتجريم الاستغلال الجنسي للأطفال، بحيث جاء المُشرّعُ المغربيُّ في الفرع السادس من القانون الجنائي المتعلق بانتهاك الآداب، ومعاقبته على أفعال هتك عرض أو محاولة هتكه المرتكب على كل طفل أو طفلة يقل سنه عن 18 سنة بعقوبة حبسية تتراوح بين سنتين وخمس سنوات، طبقًا للفصل (484) من القانون الجنائي. إلا أنَّ ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال ما زالت في ارتفاع.
ووَفْق ما كشف عنه تقرير أصدرته رئاسة النيابة العامة العام الماضي، تصدّرت الاعتداءات الجنسية الجرائم المرتكبة ضدّ الأطفال في المغرب، بنسبة 46%.
وحسب التقرير الَّذِي يُغطّي سنة 2020، بلغ عدد الاعتداءات الجنسية ضد الأطفال 2261 حالة، وتحتلُّ الصدارة ضمن الجرائم المرتكبة ضدّ الأطفال عمومًا، بنسبة 46 في المئة. في حين وصل عدد المتابعين بجريمة الاعتداء على الأطفال إلى 5424 متابعًا سنة 2020، بانخفاض بلغ 18 في المئة، مقارنة مع سنة 2019، الَّتِي توبع فيها 6291 شخصًا.
وأصبحت ظاهرة الاستغلال الجنسي تتفاقم وتقضُّ مضجع الأسرة المغربية عامة والأسر الطنجاوية خصوصا، وتثير القلق والفزع في قلوب الآباء والأمهات، لأنَّها جريمة ضد براءة الطفولة، ما يترك جروحًا وندوبًا في نفس وعقل وجسم الطفل، ويكون لها تأثيرٌ سلبيٌّ على حاضره ومستقبله.
ويرى مختصون، أنَّ ظاهرة الاستغلال الجنسي للأطفال ليست وليدة اليوم أو محصورة في مجال جغرافي محدد، بل هي قديمة تضرب بجذورها عبر التاريخ، وهي واسعة النطاق اعتبارًا لكونها عالميّة ودوليّة، لكنها عرفت في نهاية القرن العشرين وبداية هَذَا القرن انتشارًا واسعًا.
كما أنَّ تمدد الظاهرة اليوم يُؤكّد ضرورة التصدي المواجهة في ظل ارتفاع عدد الضحايا من الأطفال الَّذِينَ يعانون صدمات نفسية شديدة، وغالبًا ما يكون الجاني قد أسيء إليه بنفس الطريقة سواء كانت إساءةً جسديّةً أو جنسيّةً أو عاطفيّةً أو ربّما عانى الإهمال وهو طفل، لأنّ أقلّ تحرّش بالطفل يخلق لديه حالة من الرّغبة في الانتقام بنفس الأسلوب لما يصيبه من عاهة مستديمة طوال حياته، كما أنّ الطفل المعتدى عليه يكون مستسلمًا دون إرادته، شاعرًا بالخوف والعجز عن مجرّد البوح بما يحدث له للآخرين خوفًا من العقاب الَّذِي سيناله، والنتيجة هو أن يعمّم هَذَا التحرش والرعب الَّذِي يصيبه على جميع مواقف حياته.
