تواصل معنا

مقالات الرأي

إنهم يدعون لعهد جديد يحث على التصويت واختيار المرشح الأفضل

أنوار المجاهد

صدق أرسطو عندما قال: «يسهل خداع الشباب؛ لأنهم يستعجلون الأمل»، قول يصدق على ما يجري حاليًا داخل المشهد الحزبي في المملكة المغربيّة؛ لكون قادة الأحزاب السياسيّة المغربيّة يتقنون هَذَا الفنَّ، توزيع صكوك الأمل هنا وهناك، معتمدين في ذلك على فلسفة «الغميق» الَّتِي تعني مجموع الأفكار السياسيّة المثالية، وتتّخذ من السنطيحة، والتقزدير، وقسوحية الوجه» نسقًا لها. يستعجل الشباب المغربي الأملَ في غدّ مشرق مليء بالنتائج وليس الوعود، الَّتِي بقيت نائمة حتّى بعدما استيقظ أهل الكهف وكلبهم. أهل الكهف في المغرب ليسوا إلا قادة 37 حزبًا أو يزيد العدد قليلًا، فالأحزاب في وطني تنبت كشجيرات توت العُلّيق، خصوصًا أنّ هَذِهِ الأحزاب نصفها تقريبًا يستفيد من الدعم العموميّ المخول لها سنويًا من طرف الدولة، للمساهمة في تنظيم مؤتمراتها وندوات تأطير وتكوين الشباب والشابات، غير أنها (أي الأحزاب) في علاقتها بالممارسة السياسية تبدو بعيدة عنها بُعد الأرض عن القمر، فالغدُّ المشرق لهَؤُلَاءِ القادة الَّذِينَ يتقنون فنّ الخطابة وتوزيع وعود الأمل، ما هو إلا فترة محددة إنها الانتخابات، فترة رغم أنها تكتسي أهمية بالغة؛ فإنه وبغباء حُوِّلت إلا مرحلة تقنية دون روح ودون أمل في التغيير، فالسابق كاللاحق وهكذا دواليك إلى ما لا نهاية، يسهل خداع الشباب لأنهم يستعجلون الأمل، فالمُعطّلون في المغرب تحوّلت نظرتُهم العلمية للحاضر إلى نظرة استطيقية «جمالية» للمستقبل، أما العاطلون عن العمل فكلما شاهدوا سياسيًا من أهل الكهف المذكورين أعلاه (قادة الأحزاب الَّتِي تنبت كشجيرات العليق)  يفاخر بإنجازات كتقليص البطالة، وإدماج الشباب ومواكبتهم في مشاريعهم، أو يعد بتحقيق الجنة …”بلا بلا بلا” هكذا يكون الرد والتعليق عن تصريحه. فالواقع يزور أمام أعيننا لم نثق في كلام أمين عامّ حزب يسارع للاستفادة من تعويضات الأواني الفضّية والامتيازات والسفريات وغيرها؟ خصوصا أنّ المغرب سجَّل نسبة مليون ونصف مليون عاطل، بينما جزءٌ من هَؤُلَاءِ الشباب يعملون في القطاع الصناعي براتب يكفيهم ليعيشوا للشهر المقبل من أجل العمل للعيش للشهر الموالي… بينما جزء آخر «كيبريكولي»، النكوص والتراجع يشمل كلَّ القطاعات الأخرى، بدءًا من السكن مرورًا على التعليم ووصولًا إلى الصحّة، فحدّث ولا حرج، يسهل خداع الشباب المغربي بإبعاده قسرا عن السياسة عن طريق تمييع المشهد السياسي، وخلق أحزاب بشعارات وألوان مختلفة، لكن بجوهر مشترك ومشاريع مشتركة وقادة مشتركين، ما يفسره نسبة العزوف السياسي، فأقل من ثلاثة في المئة من شباب المتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة، مسجلون في اللوائح الانتخابيّة وترتفع النسبة شيئًا ما في صفوف الَّذِينَ تتراوح أعمارهم ما بين 25 و34 سنة لتبلغ 19% ومن المسجلين من لا يصوت لكنه منخرط بشكل غير مباشر في العمل السياسي. لقد خرج قادة الأحزاب مُجدّدًا قبيل أسابيع عن انطلاق الانتخابات، لكن هَذِهِ المرة توقعات بأن الشباب لن يستعجل الأمل، وبالتالي لن ينخدع ولأنه ينتظر محاسبة الفاسدين والمرتشين والكاذبين؛ فإنه بالمقابل يضمّ صوته إلى صوت الشباب الَّذِي يصارع من داخل التنظيمات الحزبيّة لطرد العقلية البالية، غير أنه لا يتّفق معهم في الطريقة، فالإصلاح لن ينجح من داخل التنظيم، لكن من خارجه إما بخلق إطار شبابي يستطيع سحب البساط من كلّ الأحزاب الكلاسيكية، أو بإعلانها ثورةً ضد التعددية المصطنعة ليسهل بذلك محاسبة ثلاثة أو أربعة أحزاب تكون مُشكِّلة للمشهد السياسي وتتبّع مدى التزامها بتنفيذ مشاريعها.

تابعنا على الفيسبوك