مقالات الرأي
إعدام مغتصب عدنان ليس نهاية الاغتصاب

انتهت قضيةُ الطفل عدنان المغتصب، وَفْق سيناريو أرضى الجميع، معاقبة الجاني بالإعدام وسجن باقي الأفراد المُتورّطين، حسب العادلة في التستّر على جرم مشهود، أفضى إلى جريمتي القتل والاغتصاب، جريمتان تفاعلا معهما المجتمعُ المغربيُّ بمختلف أطيافِه؛ نظرًا لحجم الفاجعة المرتكبة في حقّ طفلٍ بريء، لا يُفرّق بين مغتصب وطالب مساعدة.
الحكم إعدامًا على المتهم في هَذِهِ القضية، ليس إعدامًا للظاهرة، بل محاولة للردع وتنفيذًا لمقتضيات القانون، الَّذِي يُجرّم مثل هَذِهِ الأفعال، ليبقى الدورُ الآن على باقي المؤسَّسات الأخرى، الَّتِي تتفاعل حسب ظرفية النازلة ولا تُكلّف نفسها عناء التتبّع ورصد مثل هَذِهِ الحالات، الَّتِي وعلى الرغم من الاستنكار الكبير في أوساط المجتمع، فما زالت العديدُ من الجرائم المسجلة –في ذات السياق– تظهر هنا وهناك بين الحين والآخر، الشيء الَّذِي يدفع بالجميع إلى تحمّل مسؤولياته في الحدّ من ظاهرة اغتصاب الطفولة والتكثيف من الجهود؛ رغبةً في معالجتها وأملًا للحدّ منها في المقبل من الأيَّام.
حدث الطفل عدنان لن ينتهي بانتهاء مرتكبيه، بل إنَّ مجتمع اليوم يضمّ مُتهمين كُثرًا مثل قاتل عدنان، كما يضمّ أطفالًا أبرياء تُمارس في حقّ طفولتهم جرائمُ مختلفةٌ تتراكم لتصل إلى حدّ الاغتصاب والقتل والتنكيل، مسؤولية الحدّ من الظاهرة المنتشرة لا تقع على مؤسَّسة دون أخرى، بل تقع على الجميع أفرادًا ومؤسّساتٍ.
اغتصاب الطفولة لا يكون دائمًا مرتبطًا بهتك العرض أو الاستغلال الجنسيّ، بل في حرمانه من أمورٍ عديدةٍ تُسْتَغلّ بشكل ملغوم من طرف المتربصين بالأطفال.
قضية الطفل عدنان، قضية كلّ طفل مغربيّ عانى أو ما زال يعاني اليوم من ممارسات يعاقب عليها القانون ويُجرّمها المجتمعُ، لكنَّها تظلّ غامضةً بالنسبة لطفل لم يسمع من ذي قبل عن «البيدوفيليا»، أو التحرش الجنسيّ، أو التفريق بين المعاملة اللطيفة من الأهل والأسرة وأشخاص أجانب على الرغم من العلاقات الَّتِي تربطهم به.
إعدام الجاني في قضية الطفل عدنان ليس حلًّا، بالنسبة لظاهرة آخذة في التغوّل داخل المجتمع، تحصد يوميًّا ضحايا، بعضهم يكون له حظّ الإنصات والمعالجة، فيما فئات أخرى تُفضّل الصمتَ؛ خوفًا من الفضيحة والعار، خاصّة بعض أن رُصِدت حالات داخل الوسط الأسريّ، الشيء الَّذِي يتطلّب وقفةً مُطولةً مع مسبّبات هَذِهِ الأحداث ليس بهدف الحدّ منها أو القضاء عليها، بل في البحث عن دوافعها ومعالجتها من منظور مُختلفٍ تكون فيه العدالة آخر باب يُطرق.
