تواصل معنا

مقالات الرأي

أعقل المجانين لا يزن الكلام

في مشهد مشهور للزعيم الكوميدي، عادل إمام بمسرحية «شاهد ما شفش حاجة» يقول للقاضي: عارف آخر نفق العباسية؟ والقاضي يرد: نعم أعرفه. عادل إمام: هناك محل قصب! القاضي: أجل، ماله؟ عادل إمام يردّ: لديه شراب سيئ، لا تشرب منه.. حوار عادي في مسرحية عادية.. لكن الغريب أنّه كان يوجد فعلًا محلٌ لبيع عصير القصب، آخر نفق العباسية، وكان عصيرُه سيئًا جدًّا، الأغرب أنّه عندما حقَّقت المسرحية نجاحًا جماهيريًّا وانتشارًا واسعًا، استاء صاحب المحل، وفكَّر في رفع قضية على المسرحية، لكنّه تفاجأ بشيءٍ غير عادي، ازدياد عدد الزبائن الكبير القادمين من مناطق بعيدة فقط، لتجربة عصيره السيئ. صاحب المحل -الَّذِي كان على وشك الإفلاس وإغلاق محله- بفضل المسرحية، ازداد عدد زبائنه، وحقَّق أرباحًا طائلةً، وافتتح فروعًا جديدة لعصيره السيئ.

الخدمة الَّتِي قدّمها عادل إمام لصاحب المحل، هي نفس الخدمة الَّتِي نُقدّمها نحن لجموع الحمقى والجهلة في وسائل التواصل، عندما نهتمّ بهم ونُعلق لمنشوراتهم السيئة.. فلا تجعلوا من الحمقى مشاهيرَ.

مؤخرًا دوَّن المدعو عبد السلام رضوان، تدوينات أشبه بتلك الخرجات، الَّتِي يشمئز منها العوام لضعف محتواها، ولعدم أهلية الحكم فيها لأهل الاختصاص، فانتقد أوّل ما انتقد مؤسّسات التربية الوطنية وشبهها بأوصافٍ يستحيي أيُّ مقام عن ذكرها، ثُمّ انتقل بنفس سرعة التهوّر إلى الإفتاء أو إبداء الرأي، أو لا أدري، كيف يصف لنفسه هَذِهِ الخرجات بالحديث حول كيفية الصلاة على النبي العدنان، ناعتًا من يسيّد سيد الكون بالأحمق والجاهل.

وهنا كان، لا بُدّ من التطرّق إلى الحديث، ولو من باب إيضاح الأمور، حتّى لا يصبح أمثالُه مصدرًا للعلم والفتوى وتصدّر المشهد، وحتّى لا تتحول وسائل التواصل إلى منصات يعول عليها في نشر الوعي الصحيح بين الناس.

ما قام به الأخير، شبيه بالمحتويات الفارغة المنشورة هنا وهناك، وبما أنَّ المعني ينسب لنفسه الصلاح، وله أتباع ومريدون داخل هَذِهِ المنصات، وسبق له أن أحدث رجّات في هَذَا المجال، وجب التطرّق للموضوع ومعالجة مثل هَذِهِ الظواهر، الَّتِي تنتشر بين الناس، مُعتمدةً على العوام الَّذِينَ لا يفرقون بين شيخٍ وفقيهٍ وداعية ومفتٍ، وبين طالب الشهرة من باب قلّة الأدب والتهكم على خلق الله وخلط الجدّ بالهزل.

تابعنا على الفيسبوك