إقتصاد
أسواق طنجة والمضاربة.. أساليب وممارسات تذكّي لهيب الأسعار في الشهر الفضيل!

تشهد مدينة طنجة، خلال شهر رمضان، موجةً من المضاربات التي تُؤثّر بشكل ملحوظ في أسعار السلع والخِدْمات في الأسواق المحلّيَّة، إذ ازدادت شكاوى المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يُعدُّ مؤشرًا على ارتفاع الأسعار وتلاعب بعض الفاعلين في الأسعار بما يتناسب مع أجواء الشهر الفضيل.
وقد أفادت مصادر جمعوية لجريدة “لاديبيش” بأنَّ بعض تجار الأسواق الشعبية والمراكز التجارية استغلوا الظروف الدينية والاقتصادية لتحقيق مكاسب سريعة، ما أسفر عن تضخيم أسعار المواد الغذائية والمنتجات الأساسية، الأمر الذي انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين على امتداد أيام الشهر الفضيل.
ومن جهة أخرى، أوضح أحد التجّار المحليين، بأنَّ المنافسة الشرسة بين الباعة أدت إلى رفع الأسعار بشكل ملحوظ، رغم الجهود المتواصلة للجهات المعنية في مراقبة الأسواق وضبط الأسعار.
وفي الوقت الذي ينشد فيه المواطنون الحصول على سلع بأسعار معقولة، يجد الكثير منهم أنفسهم مضطرين للتعامل مع واقع اقتصادي متأزم يتطلب مراجعة مصاريفهم الشهرية والبحث عن بدائل أقل تكلفة، في ظل ارتفاع الأسعار الذي يعود إلى عدة عوامل من بينها توقع بعض كبار التجار زيادة الطلب خلال شهر رمضان، ما دفعهم إلى تعديل الأسعار بما يخدم مصالحهم.
كما يلاحظ، أنَّ بعض التجار يحاولون تبرير زيادة الأسعار بارتفاع تكاليف الإنتاج والتوزيع، غير أنَّ العديد من الأصوات تنتقد هذا التبرير باعتباره غطاءً لاستغلال هذه المناسبة الدينية لتحقيق أرباح شخصية دون اعتبار لمعاناة المستهلك، وفي خضم هذا الجدل تتصاعد مشاعر الاستياء بين المواطنين الذين لجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن قلقهم واستيائهم من الظاهرة التي أثَّرت في معيشة الأسر محليًا، مُطالبين الجهات المسؤولة بتدخل حاسم لضبط الأسعار ومنع المضاربة.
ومن جانبها، أقرت السلطات المعنية إجراءات مراقبة مشددة للأسواق خلال شهر رمضان، سعيًا لتحقيق توازن بين العرض والطلب وضمان استقرار الأسعار، غير أنَّ إقرار تلك الإجراءات لم يخل من تحديات تفرضها أساليب المضاربة والتلاعب في السوق.
ومن جهة أخرى، تعد ظاهرة رفع الأسعار في المناسبات ظاهرة ليست جديدة على مدينة طنجة، إذ تتكرّر في مواسم الأعياد والمناسبات الدينية، لكنَّها أخذت هذا العام طابعًا خاصًا نظرًا لتداخل عوامل اقتصادية متعددة أثرت في الأسعار بشكل مباشر.
وفي ظل هذا الوضع، يرى بعض الاقتصاديين، أنَّ التصدّي لممارسات المضاربين يتطلَّب تفعيل آليات رقابة أكثر صرامة، وتعزيز دور المجتمع المدني في التوعية بمخاطر هذه الممارسات، بالإضافة إلى دعم سياسات توفير المخزون الاستراتيجي للسلع الأساسية لمنع أي استغلال للطلب المتزايد خلال المواسم الخاصة، كما أنَّ تعزيز ثقافة الاستهلاك الواعي لدى المواطنين قد يساهم في الحد من تأثيرات المضاربة، إذ يمكن أن يدفع الطلب المتزن والمستهلك الواعي التجّار إلى الالتزام بتسعيرات أكثر استقرارًا.
وفي انتظار أن يلمس المواطنون نتائج الجهود الرقابيَّة، يبقى موضوع المضاربة في ظل الشهر الفضيل محور نقاش واسع بين مختلف الأطراف، ما يعكس حالةً من القلق حيال مستقبل الأسعار وتوافر السلع الأساسية خلال الفترة المقبلة، إذ يشير واقع المضاربات بطنجة إلى ضرورة إعادة النظر في آليات مراقبة الأسواق وتفعيل دور الهيئات الرقابية لتأمين حقوق المستهلكين، بما يتماشى مع روح الشهر الكريم الذي يدعو للتكافل الاجتماعي والعدالة الاقتصادية، كما ينبغي أن يكون هناك تعاون بين السلطات والمجتمع المدني لضمان شفافية المعاملات التجارية وحماية الفئات الأكثر ضعفا من تداعيات الغلاء غير المبرر.
