سياحة
أبناء «الجوهرة الزرقاء» يشجبون قرارات الحكومية الأخيرة

خلَّف قرار إغلاق المدن المغربيّة، لمدّة ثلاث أسابيع المتزامنة مع رأس السنة، مع الساعة الثامنة ليلًا وفرض حظر التجوال مع الساعة التاسعة ليلًا، مع تشديد إجراءات السفر ردود أفعال مُتباينة للمواطنين المغاربة، في جُلّ المدن المغربيَّة، حيث اعتبروا أنَّ القرار لا يتوفّر على مبرر حقيقي لاتّخاذه.
وباعتبار أنَّ مدينة شفشاون «الجوهرة الزرقاء» مدينة سياحية يعشقها كلُّ المغاربة يلجون إليها لقضاء عطلتهم، والاستمتاع بالفضاءات المُبهرة ولجمال طبيعتها، حاولنا في «لاديبيش24» التقرّب من ساكنة المدينة واتّخاذ انطباعاتهم، خصوصًا أنَّ مدينتهم تنتعش في مثل هَذِهِ الفترات.
فلا أحد من ساكنة المدينة كان يتوقّع هَذَا القرار، بالرغم من تسجيل المدينة بعضَ الحالات القليلة المُصابة بفيروس «كورونا» المستجد، لكن هَذَا القرار كان صادمًا لعددٍ مُهمٍّ من السكَّان.
أنور المجاطي.. القرار صادم
أنور المجاطي.. ابن مدينة الشاون، يعمل بإحدى دور الضيافة بالمدينة، يكشف لجريدة «لاديبيش24» في تصريح خصّ به جريدتنا، أنَّ الكلَّ كان يستعد لفترة رأس السنة، استعد جيّدًا لاستقبال الناس في وضعية جيّدة وتوفير لهم خِدْمات في المستوى المطلوب، لكن القرارَ كان صادمًا جدًّا، لتنضاف هَذِهِ الفترة إلى الأشهر السابقة، وليبقى المواطن الشاوني يصارع الأزمة وحده في ظلّ غياب أيّ مدخول آخر، يمكن أن يساعده على مصاريف الحياة، خصوصًا أنَّ من يتّخذ مثل هَذِهِ القرارات لا يُفكّر نهائيًا في حلول داعمة للمواطنين.
أنور يضيف، لا أحد في هَذِهِ الظروف سوف يقصد الشاون، وبالتالي ضاعت علينا بعض الأيام الَّتِي كان من الممكن أن نعوّض فيها ولنا بنسبة ضئيلة الأشهر العشر الماضيّة، الَّتِي لم نعمل فيها بشكل نهائي.
موسى القاسمي.. ليس بقطع أرزاق الناس سوف نواجه فيروس كورونا
موسى القاسمي، قال «اعتدنا على مثل هَذِهِ القرارات ولا نمنّي النفس في شيء آخر، فشكرًا لكلّ من يبدع في اتّخاذ قرارات لا تراعي فيها وضعية المواطنين، شفشاون مدينة صغيرة جدًّا، تقوم على السياحة، عند ما تُشدّد إجراءات الدخول للمدينة، يعني أنَّ جزءًا كبيرًا من ساكنة سوف ينقطع مدخولها «الحرفيون/أصحاب الصناعة التقليدية/الفنادق ودور الضيافة ومنازل الكراء/المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية….»، فمثل هَذَا القرار يجب أن يُوازيه قراراتٍ داعمةً لفئات واسعة من المواطنين سوف يتضرّرون أكثر مما هم عليه حاليًا.
ويضيف قد نتفهم خلفية القرار المُتمثّلة في مخافة انتشار الفيروس أكثر في صفوف المُواطنين بسبب احتفالات رأس السنة، لكن مُواجهة الأمر لا تكون بقطع أرزاق الناس، تكون بحلول منطقيّة، فالجائحة استمرّت لأزيد من عشرة أشهر، كان بالإمكان أن تُفكّر الدولة في حلول منطقية تُراعي وضعية مواطنيها. فتعزيز البنيات التحتية في قطاع الصحي وتعزيز الاقتصاد الوطني وخلق آليات داعمة اجتماعيًا للناس مع توعيتهم، والتواصل معهم بوضوح وشفافية هي الطريقة الوحيدة الَّتِي يمكن أن نتجاوز بها كلّ الأزمات.
موسى ابن شفشاون، المُوظّف بالعاصمة الرباط، يتأسف على الوضع الَّذِي تعيشه مدينته الشاون، ويُعدُّ أن المدينة لا تتوفر –للأسف− على رجالات تناضل وتترافع من أجلها، فالسياسيّون غارقون في الدفاع عن مصالحهم ومصالح تنظيماتهم السياسية بعيدًا عن معاناة من صوّتوا عليهم ومنحوهم ثقتهم.
منصف العمرتي.. لهَذَا نطلب الهداية لمَن يتخذ مثل هَذِهِ القرارات
منصف ابن الشاون، البالغ من العمر 35 والعامل بإحدى الوكالات البنكية بطنجة، يكشف لموقع «لاديبيش24»، خبايا معاناة أسرته القاطنة بإحدى القرى التابعة لإقليم شفشاون.. «لا أخفيكم سرًا أنّه لولا الدعم البسيط الَّذِي أقدّمه أنا وأختي لأسرتي، لكان مصيرهم الموت من الجوع، والدي يعمل كفلاحٍ صغيرٍ جدًّا ويقطن رفقة خمسة إخوتي صغار ووالدتي بإحدى القرى المحسوبة على إقليم الشاون، لكنَّها معزولة تمامًا عن الإقليم؛ بسبب البعد وصعوبات الطريق، فمدخوله الوحيد هو بعض المحاصيل الصغيرة الَّتِي يزرعها ويحصدها بنفسه في الأسواق الأسبوعية بالإقليم، إلا أنَّ الأمر أصبح صعبًا مع مثل هَذِهِ القرارات، الَّتِي حقًا لا تُفكّر نهائيًا في المواطن البسيط.
ويضيف منصف لموقع «لاديبيش24»، أنا لا أعارض نهائيًا القرار، لكن أعارض قرارات اعتبرها ظالمة، فكورونا لا تنتشر ليلًا فقط ولا تعالج بالكلام، لهَذَا نطلب الهداية لمن يتّخذ مثل هَذِهِ القرارات.
رشيد الحليمي صانع تقليدي.. كنا ننتظر هَذِهِ العطلة بفارغ الصبر
رشيد الحليمي، رجل في عقده الخامس، رب أسرة مكونة من زوجة وستة أطفال، يعمل في محل يعد فيه جلابيب الصوف، ويقوم ببيعها للناس، أكَّد في تصريح خص به موقع «لاديبيش24»، أنَّ هَذِهِ العطلة أي عطلة رأس السنة كان ينتظرها بفارغ الصبر؛ لأنَّ مدينته تعرف إقبالًا لعدد من عشَّاقها، وأعد العديد من المنتوجات لعرضها وبيعها لسيّاح المدينة، إلا أنَّ القرار كان صادمًا بالنسبة لي وبالنسبة العديد من الحرفيين.
الحليمي، يضيف لنا بنبرةٍ كُلّها حزنٍ وأسف، عشنا 10 أشهر عجاف، محلاتنا شبه مغلقة والمنتوجات لا أحد يشتريها، وعن هَذِهِ المعاناة عشنا تجاهلًا تامًا للمسؤولين محليًا ووطنيًا فقطاع الصناع التقليديّين والحرفيّين، لم يعرف أيَّ دعمٍ يُذكر حتّى دعم الرميد رغم هزالته لم نستفد منه، واليوم نتفاجأ بقرارٍ آخر فما عسانا نفعل، في مثل هَذِهِ الظروف.
الحليمي، يعبر بلسان حاله زملائه، كل واحد منا له أسرة ومصاريف، مَن يتكفل بذلك من يتكفل بأداء الكراء والماء والكهرباء وكراء المحل التجاريّ والضرائب ومصاريف المنزل ووووو……
بالمقابل موقع «لاديبيش24» أخذت تصريحات بعض زوَّار الشاون بخصوص الموضوع فكان تصريحهم على الشكل التالي:
بولعيش عبد الحميد، قاطن بمدينة الدار البيضاء منذ أزيد من 20 سنة، وهو يقضي ليلة رأس السنة بمدينة شفشاون، فهو متيم بها وعاشق لهدوء الجوهرة الزرقاء وجمالها، يُؤكّد أنَّ هَذِهِ القرارات قاسيةٌ على ساكنة مدينة الشاون، الَّتِي تعيش الفقر والتهميش، والسياحة هي مدخولهم الوحيد وقاسية على زوّار المدينة، خصوصًا في ظل هَذِهِ الجائحة حيث لم يعد للناس متنفس آخر.
ويضيف بولعيش، كان لزامًا على الدولة أن تأخذ إجراءات أخرى تُحافظ فيها على سلامة المواطنين، لكن في نفس الوقت تُراعي مصالحهم وتُراعي وضعيتهم وظروفهم.
ويُعدُّ بولعيش، أنَّ مدينة مثل شفشاون لا تُسجّل نسبًا كبيرةً في الإصابات يسهل محاصرة الفيروس بها بقرارات وقائية، لكن في الوقت نفسه، يمكن أن نسمح للناس بزيارتها وبفتح المحلات وعدم الإغلاق مع الثامنة ليلًا، إذا ما شُدّدت المراقبة على الإجراءات الاحترازيَّة المُتمثّلة في مسافة الأمان وعدم الاكتظاظ والتعقيم وارتداء الكمامة، والتحسيس وتوعية الناس وعدم امتلاء البنيات التحية للفنادق بمئة في المئة، واحترام الشروط في المقاهي والمطاعم وفي وسائل النقل العموميّة.
من جهتها، اعتبرت ابنة طنجة، مريم العنكوري، الَّتِي دأبت على زيارة شفشاون كلّ سنة، أنَّها كانت قد وعدت أطفالها بقضاء عُطلة رأس السنة بشفشاون، لكن مع هَذِهِ الإجراءات أصبح الأمر شبه مُستحيلٍ ولم يعد بإمكانها أن تفي بوعدها.
واعتبرت العنكوري، أنَّ هَذِهِ القرارات تساهم في خلق ضغطٍ كبيرٍ على الناس في ظل غياب متنافسات حقيقيّة، خصوصًا مع طول مدّة انتشار الفيروس ببلادنا، فلا يعقل أنَّ أطفالًا صغارًا لا يجدون مكانًا يلعبون فيه ولا متنفسًا يتنزهون فيه، فنفسية الطفل تتأثر بشكلٍ كبيرٍ، لهَذَا يجب اليوم الاهتمام بهؤلاء واتّخاذ قرارات تكون منطقية.
