تواصل معنا

آخر الأخبار

طنجة وتطوان تستقبلان أولى دفعات حافلات النقل الحضري الحديثة.. فهل تكون كأس إفريقيا فرصة للقطيعة مع التجارب السابقة؟

وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬أشرفت‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬ضمن‭ ‬أولى‭ ‬محطات‭ ‬برنامج‭ ‬وطني‭ ‬سيُكلف‭ ‬11‭ ‬مليار‭ ‬درهم

شهد‭ ‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬المتوسطي،‭ ‬يوم‭ ‬27‭ ‬أكتوبر‭ ‬2025،‭ ‬وصول‭ ‬الدفعة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحافلات‭ ‬الجديدة‭ ‬الخاصة‭ ‬بالنقل‭ ‬الحضري،‭ ‬ضِمن‭ ‬البرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬للنقل‭ ‬العمومي،‭ ‬بواسطة‭ ‬الحافلات‭ ‬للمُدّة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2025‭ ‬و2029،‭ ‬الَّذِي‭ ‬تشرف‭ ‬عليه‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬بشراكة‭ ‬مع‭ ‬السلطات‭ ‬المحلية‭ ‬والمؤسَّسات‭ ‬المُفوّضة‭ ‬للتدبير‭. ‬وتندرج‭ ‬هذه‭ ‬العملية‭ ‬ضمن‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬طموحة‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحديث‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬وتحسين‭ ‬جودتها‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المدن‭ ‬المغربية،‭ ‬استجابة‭ ‬لتطلُّعات‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬تنقُّل‭ ‬مريح‭ ‬وآمن‭ ‬ومستدام‭.‬

ووصلت‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬125‭ ‬حافلةً‭ ‬جديدةً‭ ‬قادمة‭ ‬من‭ ‬الصين،‭ ‬عبر‭ ‬ميناء‭ ‬طنجة‭ ‬المتوسط،‭ ‬نُقلت‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطريق‭ ‬السيّار‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬طنجة‭ ‬وأصيلة،‭ ‬قصد‭ ‬إخضاعها‭ ‬للمسات‭ ‬التقنية‭ ‬الأخيرة،‭ ‬قبل‭ ‬دخولها‭ ‬الخدمة‭ ‬رسميًّا‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬المدينة،‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬المقبلة،‭ ‬قبل‭ ‬أيّام‭ ‬قليلة‭ ‬على‭ ‬انطلاق‭ ‬كأس‭ ‬إفريقيا‭ ‬للأمم‭ ‬الَّتِي‭ ‬يحتضنها‭ ‬المغرب‭ ‬سنة‭ ‬2025،‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬يتجاوز‭ ‬تأثيرها‭ ‬التظاهرة‭ ‬القارية،‭ ‬لتُؤمّن‭ ‬خِدْمات‭ ‬نقلة‭ ‬أفضل‭ ‬للساكنة‭ ‬المحلية‭.‬

*جــيــل‭ ‬جـديد‭ ‬مــن‭ ‬الحــافـــلات

وتُشكّل‭ ‬هذه‭ ‬الدفعة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬صفقة‭ ‬أكبر،‭ ‬تضمُّ‭ ‬نحو‭ ‬280‭ ‬حافلة‭ ‬ستستفيد‭ ‬منها‭ ‬مدينتا‭ ‬طنجة‭ ‬وأصيلة،‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬دفعات‭ ‬متتالية،‭ ‬إذ‭ ‬تضمُّ‭ ‬الثانية‭ ‬155‭ ‬حافلة‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬Yutong‭ ‬ستصل‭ ‬يوم‭ ‬2‭ ‬نونبر‭ ‬المقبل،‭ ‬بينما‭ ‬جرى‭ ‬شحن‭ ‬دفعة‭ ‬أخرى‭ ‬تضمُّ‭ ‬56‭ ‬حافلة‭ ‬عبر‭ ‬ميناء‭ ‬الدار‭ ‬البيضاء،‭ ‬وجرى‭ ‬نقلها‭ ‬برًّا‭ ‬نحو‭ ‬طنجة،‭ ‬ومعها‭ ‬68‭ ‬تُوجّهت‭ ‬إلى‭ ‬تطوان‭. ‬وبالنسبة‭ ‬لمدينة‭ ‬تطوان،‭ ‬فستستقبل‭ ‬بدورها‭ ‬دفعتها‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الحافلات‭ ‬الجديدة،‭ ‬الَّتِي‭ ‬يصل‭ ‬مجموعُها‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬195‭ ‬حافلةً،‭ ‬ضِمن‭ ‬البرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬نفسه،‭ ‬الَّذِي‭ ‬يروم‭ ‬إعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬منظومة‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخِدْمات‭ ‬المُقدّمة‭ ‬للمواطنين‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬الشمال‭.‬

وتُشرف‭ ‬شركة‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬‮«‬طنجة‭ ‬موبيليتي‮»‬‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬عقد‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديد،‭ ‬الَّذِي‭ ‬سيدخل‭ ‬حيّز‭ ‬التنفيذ‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬الجارية،‭ ‬مباشرةً‭ ‬بعد‭ ‬انتهاء‭ ‬عقد‭ ‬التدبير‭ ‬السابق‭ ‬المبرم‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬‮«‬ألزا‮»‬‭ ‬الإسبانية‭ ‬الَّذِي‭ ‬جرى‭ ‬تمديده‭ ‬استثنائيًّا‭ ‬ليُغطّي‭ ‬المُدّة‭ ‬الانتقالية،‭ ‬حيث‭ ‬ستتولَّى‭ ‬الشركة‭ ‬المُفوّضة‭ ‬الجديدة‭ ‬تسيير‭ ‬الأسطول‭ ‬العصري‭ ‬للحافلات،‭ ‬وَفْق‭ ‬نموذجٍ‭ ‬حديثٍ‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬الكفاءة‭ ‬والشفافية‭ ‬وجودة‭ ‬الخِدْمة‭.‬

وتتميّز‭ ‬الحافلات‭ ‬الجديدة‭ ‬بمواصفات‭ ‬تقنية‭ ‬متطوّرة‭ ‬تجعلها‭ ‬ضمن‭ ‬الجيل‭ ‬الحديث‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬الصديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬فهي‭ ‬مزودة‭ ‬بأنظمة‭ ‬تكييف‭ ‬وتدفئة‭ ‬داخلية‭ ‬تضمن‭ ‬راحة‭ ‬الركاب‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الفصول،‭ ‬وشاشات‭ ‬TFT‭ ‬رقمية‭ ‬لبثّ‭ ‬المعلومات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالخطوط‭ ‬والمحطات،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬كاميرات‭ ‬مراقبة‭ ‬لضمان‭ ‬الأمن‭ ‬داخل‭ ‬الحافلات‭ ‬وخارجها،‭ ‬وخدمة‭ ‬‮«‬واي‭ ‬فاي‮»‬‭ ‬مجانية‭ ‬على‭ ‬متنها،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬تجهيزات‭ ‬خاصة‭ ‬لتسهيل‭ ‬الولوج‭ ‬بالنسبة‭ ‬للأشخاص‭ ‬في‭ ‬وضعية‭ ‬إعاقة،‭ ‬كما‭ ‬تتوفر‭ ‬هذه‭ ‬الحافلات‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬ذكيّة‭ ‬للمساعدة‭ ‬على‭ ‬القيادة‭ ‬ومواكبة‭ ‬حركة‭ ‬السير،‭ ‬ما‭ ‬سيُسهم‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬انسيابية‭ ‬النقل‭ ‬وتقليص‭ ‬حوادث‭ ‬السير‭ ‬داخل‭ ‬المجال‭ ‬الحضري‭.‬

ويندرج‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬ضمن‭ ‬البرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬الجديد‭ ‬للنقل‭ ‬الحضري‭ ‬العمومي‭ ‬بواسطة‭ ‬الحافلات،‭ ‬الَّذِي‭ ‬يستهدف‭ ‬37‭ ‬سلطة‭ ‬مُفوّضة‭ ‬تشمل‭ ‬84‭ ‬مدينة‭ ‬وتجمعًا‭ ‬حضريًّا‭ ‬عبر‭ ‬المملكة‭. ‬ويشمل‭ ‬البرنامج‭ ‬اقتناء‭ ‬نحو‭ ‬3800‭ ‬حافلة‭ ‬حديثة‭ ‬الصنع‭ ‬مزودة‭ ‬بتجهيزات‭ ‬ذكية‭ ‬تواكب‭ ‬متطلّبات‭ ‬المدن‭ ‬المغربية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التنقُّل‭ ‬المستدام‭ ‬والتحوُّل‭ ‬الطاقي،‭ ‬في‭ ‬انسجام‭ ‬تامّ‭ ‬مع‭ ‬التوجيهات‭ ‬الملكية‭ ‬السامية‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬إرساء‭ ‬حكامة‭ ‬جديدة‭ ‬لقطاع‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬تخدم‭ ‬رفاه‭ ‬المواطن‭ ‬وجودة‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الحضري‭.‬

ويُرتقب‭ ‬أن‭ ‬يُشكّل‭ ‬دخول‭ ‬هذه‭ ‬الحافلات‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬مدينتي‭ ‬طنجة‭ ‬وتطوان،‭ ‬نقلةً‭ ‬نوعيّةً،‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للنقل‭ ‬العمومي‭ ‬بشمال‭ ‬المملكة،‭ ‬إذ‭ ‬سيُسهم‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬التقليدية‭ ‬وتحسين‭ ‬ربط‭ ‬الأحياء‭ ‬السكنية‭ ‬بالمراكز‭ ‬الحضرية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬ضمان‭ ‬تنقُّل‭ ‬مريح‭ ‬وآمن‭ ‬للساكنة‭ ‬والزوّار،‭ ‬كما‭ ‬يُنتظر‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬المشروع‭ ‬دورًا‭ ‬محوريًّا‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الاستعدادات‭ ‬الجارية‭ ‬لاستقبال‭ ‬التظاهرات‭ ‬الرياضية‭ ‬الكبرى‭ ‬الَّتِي‭ ‬يحتضنها‭ ‬المغرب،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬كأس‭ ‬إفريقيا‭ ‬للأمم‭ ‬2025،‭ ‬بما‭ ‬يُعزّز‭ ‬صورة‭ ‬المغرب‭ ‬بوصفه‭ ‬وجهةً‭ ‬رائدةً‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬الحضريَّة‭ ‬المستدامة‭.‬

مشروع‭ ‬بـ11‭ ‬مليار‭ ‬درهم

وصول‭ ‬الأسطول‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬حافلات‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬إلى‭ ‬مدينتي‭ ‬طنجة‭ ‬وتطوان،‭ ‬قبل‭ ‬شهرين‭ ‬من‭ ‬احتضان‭ ‬المغرب‭ ‬كأس‭ ‬أمم‭ ‬إفريقيا‭ ‬2025،‭ ‬يُعدُّ‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬التحوُّل‭ ‬النوعي،‭ ‬الَّذِي‭ ‬تشهده‭ ‬المملكة،‭ ‬خلال‭ ‬المُدّة‭ ‬الممتدة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬2025‭ ‬و2029،‭ ‬ويتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بدينامية‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬عمومًا،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أطلقت‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬برنامجًا‭ ‬وطنيًّا‭ ‬جديدًا‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬القطع‭ ‬مع‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة،‭ ‬الَّتِي‭ ‬اتَّسمت‭ ‬بالتفاوت‭ ‬في‭ ‬جودة‭ ‬الخِدْمات‭ ‬وصعوبات‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬القطاع،‭ ‬وذلك‭ ‬عبر‭ ‬مقاربة‭ ‬جديدة‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬النجاعة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والعدالة‭ ‬المجاليَّة‭ ‬وتحسين‭ ‬ظروف‭ ‬تنقُّل‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المدن‭ ‬المغربية‭.‬

البرنامج‭ ‬الَّذِي‭ ‬أعلنه‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬عبد‭ ‬الوافي‭ ‬لفتيت،‭ ‬أمام‭ ‬غرفتي‭ ‬البرلمان‭ ‬خلال‭ ‬عدّة‭ ‬محطّات‭ ‬هذه‭ ‬السنة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬ويونيو‭ ‬الماضيين،‭ ‬يُمثّل‭ ‬رؤية‭ ‬شاملة‭ ‬لتحديث‭ ‬منظومة‭ ‬النقل‭ ‬الجماعي‭ ‬داخل‭ ‬المدن،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثمار‭ ‬ضخم‭ ‬تصل‭ ‬كلفتُه‭ ‬الإجمالية‭ ‬إلى‭ ‬11‭ ‬مليار‭ ‬درهم،‭ ‬ويشمل‭ ‬اقتناء‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬3746‭ ‬حافلةً‭ ‬جديدةً‭ ‬بمُواصفات‭ ‬عصرية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تجهيز‭ ‬المستودعات‭ ‬ومحطات‭ ‬التوقُّف‭ ‬ومراكز‭ ‬الصيانة،‭ ‬واعتماد‭ ‬أنظمة‭ ‬رقميَّة‭ ‬لتتبع‭ ‬العقود‭ ‬وإدارة‭ ‬العمليات‭ ‬اليوميَّة‭.‬

هذه‭ ‬المقاربة‭ ‬الجديدة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬وظيفتي‭ ‬الاستثمار‭ ‬والاستغلال،‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬أوضحه‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬إجابة‭ ‬عن‭ ‬استفسارات‭ ‬برلمانية،‭ ‬إذ‭ ‬تتكلَّف‭ ‬الدولة‭ ‬والسلطات‭ ‬المُفوّضة‭ ‬بشراء‭ ‬الحافلات‭ ‬والقيام‭ ‬بكل‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المادية‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بالبنية‭ ‬التحتية،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تتولَّى‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬مهامّ‭ ‬التسيير‭ ‬والتدبير‭ ‬الميداني‭ ‬للخدمة،‭ ‬وفق‭ ‬عقود‭ ‬دقيقة‭ ‬ومراقبة‭ ‬إلكترونية‭ ‬مستمرّة‭.‬

ويرى‭ ‬المتتبعون‭ ‬لتدبير‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭ ‬المحلي،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التوجّه‭ ‬يُمثّل‭ ‬تحوّلًا‭ ‬في‭ ‬فلسفة‭ ‬تدبير‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬داخل‭ ‬مدن‭ ‬المملكة‭ ‬وأقاليمها،‭ ‬بعدما‭ ‬كان‭ ‬العبء‭ ‬المالي‭ ‬والتقني‭ ‬للاستثمار‭ ‬يثقل‭ ‬كاهل‭ ‬الشركات‭ ‬المفوضة،‭ ‬ما‭ ‬أدَّى‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬إلى‭ ‬إفلاسها‭ ‬أو‭ ‬تراجع‭ ‬جودة‭ ‬الخدمة،‭ ‬فبفضل‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬الجديد،‭ ‬تتحمَّل‭ ‬الدولة‭ ‬الجزء‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬استدامة‭ ‬الخدمة‭ ‬ويحميها‭ ‬من‭ ‬التقلبات‭ ‬الاقتصادية‭.‬

ويشمل‭ ‬البرنامج‭ ‬37‭ ‬سلطة‭ ‬مُفوّضة،‭ ‬و18‭ ‬جماعة‭ ‬ترابية،‭ ‬و12‭ ‬مؤسسة‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬الجماعات،‭ ‬و7‭ ‬مجموعات‭ ‬جماعية،‭ ‬بما‭ ‬يغطي‭ ‬84‭ ‬مدينة‭ ‬وتكتلًا‭ ‬عمرانيًّا‭ ‬عبر‭ ‬التراب‭ ‬الوطني،‭ ‬وقد‭ ‬وُقّعت‭ ‬اتفاقيات‭ ‬التمويل‭ ‬بين‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬والجهات‭ ‬والجماعات‭ ‬المعنية،‭ ‬وفق‭ ‬تركيبة‭ ‬مالية‭ ‬متوازنة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬مساهمة‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الثلث،‭ ‬وصندوق‭ ‬مواكبة‭ ‬إصلاحات‭ ‬النقل‭ ‬الحضري‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬الثلثين،‭ ‬مع‭ ‬رفع‭ ‬المساهمة‭ ‬السنوية‭ ‬لوزارتي‭ ‬الداخلية‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والمالية‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬إلى‭ ‬ثلاثة‭ ‬مليارات‭ ‬درهم،‭ ‬بدل‭ ‬مليارين‭ ‬سابقًا،‭ ‬في‭ ‬خطوة‭ ‬تعكس‭ ‬الإرادة‭ ‬الحكومية‭ ‬في‭ ‬ضمان‭ ‬تمويل‭ ‬مستدام‭ ‬لهذا‭ ‬الورش‭ ‬الوطني‭ ‬الكبير‭.‬

وتتوُّزع‭ ‬مراحل‭ ‬تنزيل‭ ‬البرنامج‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل‭ ‬متتالية،‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬همت‭ ‬6‭ ‬سلطات‭ ‬مفوضة،‭ ‬وتشمل‭ ‬23‭ ‬مدينةً‭ ‬وتكتلًا‭ ‬عمرانيًّا،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬طنجة‭ ‬وتطوان،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مراكش‭ ‬وفاس‭ ‬وأكادير‭ ‬وابن‭ ‬سليمان،‭ ‬حيث‭ ‬أعلنت‭ ‬طلبات‭ ‬العروض‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالمساعدة‭ ‬على‭ ‬الإشراف‭ ‬على‭ ‬المشروع،‭ ‬وتعيين‭ ‬مكاتب‭ ‬الدراسات،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬طلبات‭ ‬العروض‭ ‬الخاصة‭ ‬باقتناء‭ ‬1317‭ ‬حافلة،‭ ‬فازت‭ ‬الشركات‭ ‬المتقدمة‭ ‬بـ968‭ ‬منها،‭ ‬أي‭ ‬بنسبة‭ ‬73%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الصفقات،‭ ‬فيما‭ ‬جرى‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬طرح‭ ‬طلبات‭ ‬العروض‭ ‬المتبقية‭ ‬لتغطية‭ ‬349‭ ‬حافلةً‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬التعاقد‭ ‬بشأنها‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬العروض‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬مطابقتها‭ ‬الشروط‭ ‬التقنية‭ ‬والمالية،‭ ‬أما‭ ‬المرحلتان‭ ‬الثانية‭ ‬والثالثة‭ ‬فستشملان‭ ‬باقي‭ ‬المدن‭ ‬والتكتلات‭ ‬الحضرية‭ ‬خلال‭ ‬فترتي‭ ‬2025‭ – ‬2026‭ ‬و2027‭ – ‬2029‭ ‬على‭ ‬التوالي،‭ ‬لتعميم‭ ‬البرنامج‭ ‬بصورة‭ ‬كاملة‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬2029‭.‬

نقل‭ ‬حديث‭ ‬لنصف‭ ‬سكان‭ ‬الجهة

وفي‭ ‬جهة‭ ‬طنجة‭-‬تطوان‭-‬الحسيمة،‭ ‬الَّتِي‭ ‬تُعدُّ‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬المناطق‭ ‬المستفيدة‭ ‬في‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى،‭ ‬يكتسي‭ ‬البرنامج‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬التحولات‭ ‬العمرانية‭ ‬الكبرى‭ ‬الَّتِي‭ ‬تشهدها‭ ‬مدنها‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فالأمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بأكبر‭ ‬مدينتين‭ ‬بالجهة،‭ ‬واللتين‭ ‬تضم‭ ‬العمالتين‭ ‬اللتين‭ ‬تنتميان‭ ‬إليهما‭ ‬حوالي‭ ‬2,2‭ ‬مليون‭ ‬نسمة‭ ‬من‭ ‬أصل‭ ‬4‭ ‬ملايين‭ ‬نسمة‭ ‬هو‭ ‬تعداد‭ ‬ساكنة‭ ‬الجهة‭ ‬ككل،‭ ‬وفق‭ ‬نتائج‭ ‬الإحصاء‭ ‬العام‭ ‬للسكان‭ ‬والسكنى‭ ‬لسنة‭ ‬2024‭.‬

فطنجة‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أصبحت‭ ‬قطبًا‭ ‬صناعيًّا‭ ‬وسياحيًّا‭ ‬بامتياز،‭ ‬وصارت‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شبكة‭ ‬نقل‭ ‬حضري‭ ‬حديثة‭ ‬تواكب‭ ‬توسّعها‭ ‬المجالي‭ ‬ونموها‭ ‬السكاني‭ ‬المتسارع،‭ ‬وتعد‭ ‬تجربة‭ ‬الحافلات‭ ‬الجديدة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬رؤية‭ ‬شمولية‭ ‬لتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬الحضرية،‭ ‬إذ‭ ‬أطلقت‭ ‬طلبات‭ ‬العروض‭ ‬لاقتناء‭ ‬الحافلات‭ ‬المُخصّصة‭ ‬للمدينة‭ ‬وتعيين‭ ‬مكتب‭ ‬الدراسات‭ ‬المكلف‭ ‬بتتبع‭ ‬المشروع،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬التنسيق‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬المكلفة‭ ‬بتدبير‭ ‬المرفق‭ ‬لضمان‭ ‬جاهزية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬ومستودعات‭.‬

أما‭ ‬مدينة‭ ‬تطوان،‭ ‬فهي‭ ‬الأخرى‭ ‬مقبلة‭ ‬على‭ ‬إدماج‭ ‬نظام‭ ‬نقل‭ ‬جديد‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬أسطول‭ ‬حديث‭ ‬من‭ ‬الحافلات‭ ‬المجهزة‭ ‬بكل‭ ‬وسائل‭ ‬الراحة‭ ‬والسلامة،‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬الساكنة‭ ‬مع‭ ‬خِدْمات‭ ‬متقادمة‭ ‬وغير‭ ‬منتظمة،‭ ‬وسيكون‭ ‬لهذا‭ ‬البرنامج‭ ‬وقعٌ‭ ‬مباشرٌ‭ ‬على‭ ‬تحسين‭ ‬تنقل‭ ‬الطلبة‭ ‬والموظفين‭ ‬والطبقات‭ ‬النشيطة،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النمو‭ ‬العمراني‭ ‬الَّذِي‭ ‬تشهده‭ ‬المدينة‭ ‬وضواحيها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يُرتقب‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬الحسيمة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدينامية‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬لاحقة،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬ربط‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭ ‬والصغرى‭ ‬في‭ ‬الجهة‭ ‬بشبكة‭ ‬نقل‭ ‬حضري‭ ‬فعالة‭ ‬ومترابطة‭.‬

وتراهن‭ ‬الحكومة‭ ‬أيضًا‭ ‬على‭ ‬إدخال‭ ‬نظم‭ ‬رقمية‭ ‬متقدمة‭ ‬في‭ ‬تدبير‭ ‬القطاع،‭ ‬تشمل‭ ‬أنظمة‭ ‬التذاكر‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وأنظمة‭ ‬المساعدة‭ ‬على‭ ‬الاستغلال،‭ ‬ولوحات‭ ‬رقمية‭ ‬لإعلام‭ ‬المرتفقين‭ ‬بتوقيت‭ ‬مرور‭ ‬الحافلات،‭ ‬هذه‭ ‬الابتكارات‭ ‬ستجعل‭ ‬خدمة‭ ‬النقل‭ ‬أكثر‭ ‬شفافية‭ ‬وفعالية،‭ ‬وستسهل‭ ‬عملية‭ ‬المراقبة‭ ‬والتتبع‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬السلطات‭ ‬المفوضة،‭ ‬مما‭ ‬يحد‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬العشوائية‭ ‬الَّتِي‭ ‬ميّزت‭ ‬بعض‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة،‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬اعتماد‭ ‬المنصات‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬تتبع‭ ‬العقود‭ ‬سيتيح‭ ‬رصدا‭ ‬فوريا‭ ‬لمستوى‭ ‬الالتزام‭ ‬ببنودها،‭ ‬وضمان‭ ‬تدخل‭ ‬سريع‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تسجيل‭ ‬أي‭ ‬خلل‭.‬

التحول‭ ‬الَّذِي‭ ‬سيشهده‭ ‬القطاع‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬التقني‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬الحكامة‭ ‬المالية‭ ‬والمؤسساتية،‭ ‬وفق‭ ‬معطيات‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬المشرفة‭ ‬على‭ ‬الورش،‭ ‬فاعتماد‭ ‬نموذج‭ ‬تمويلي‭ ‬جديد‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬الفاعلون‭ ‬الجهويون‭ ‬والمحليون‭ ‬يعزز‭ ‬مبدأ‭ ‬اللامركزية‭ ‬والجهوية‭ ‬المتقدمة،‭ ‬ويمنح‭ ‬السلطات‭ ‬الترابية‭ ‬دورا‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية‭ ‬للنقل‭ ‬داخل‭ ‬مجالاتها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬مساهمة‭ ‬الجهات‭ ‬في‭ ‬تمويل‭ ‬المشروع‭ ‬بنسبة‭ ‬الثلث‭ ‬ستدفعها‭ ‬إلى‭ ‬الحرص‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬تدبيره‭ ‬وضمان‭ ‬استدامته‭ ‬وجودة‭ ‬خدماته‭.‬

قطيعة‭ ‬مع‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة

وينسجم‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬تمامًا‭ ‬مع‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التنموية‭ ‬الكبرى،‭ ‬الَّتِي‭ ‬تشهدها‭ ‬جهة‭ ‬طنجة‭-‬تطوان‭ – ‬الحسيمة،‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬إطلاق‭ ‬مشاريع‭ ‬ضخمة‭ ‬كتوسيع‭ ‬الميناء‭ ‬المتوسطي،‭ ‬والمدينة‭ ‬الصناعية‭ ‬الذكية‭ ‬‮«‬طنجة‭ ‬تيك‮»‬،‭ ‬وتوسعة‭ ‬شبكة‭ ‬الطرق‭ ‬السيارة‭ ‬والمناطق‭ ‬اللوجستيكية،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المشاريع‭ ‬المستقبلية‭ ‬المرتبطة‭ ‬باستضافة‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬فالنقل‭ ‬الحضري‭ ‬الجيد‭ ‬يشكل‭ ‬أحد‭ ‬الأعمدة‭ ‬الأساسية‭ ‬لجاذبية‭ ‬الاستثمار‭ ‬وتحسين‭ ‬تنافسية‭ ‬الجهة،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬حيث‭ ‬الضغط‭ ‬اليومي‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬يتزايد‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مطرد،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تجديد‭ ‬أسطول‭ ‬الحافلات‭ ‬بمركبات‭ ‬عصرية‭ ‬واقتصادية‭ ‬سيُسهم‭ ‬في‭ ‬تقليص‭ ‬الانبعاثات‭ ‬الملوثة‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الهواء‭ ‬في‭ ‬المدن‭ ‬الكبرى‭.‬

وأكد‭ ‬الوزير‭ ‬لفتيت،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬البرنامج‭ ‬يُشكّل‭ “‬قطيعة‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭”‬،‭ ‬لأن‭ ‬الدولة‭ ‬لن‭ ‬تكتفي‭ ‬بتمويل‭ ‬شراء‭ ‬الحافلات،‭ ‬بل‭ ‬ستتكفل‭ ‬أيضًا‭ ‬بكلّ‭ ‬مكونات‭ ‬الاستثمار،‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬التوقُّف‭ ‬إلى‭ ‬مراكز‭ ‬الصيانة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تُمنح‭ ‬الشركات‭ ‬المفوضة‭ ‬عقودَ‭ ‬استغلال‭ ‬مُحدّدة‭ ‬بشروط‭ ‬دقيقة‭ ‬تضمن‭ ‬استمرارية‭ ‬الخدمة‭ ‬وجودتها،‭ ‬هذا‭ ‬النموذج‭ ‬سيمكن‭ ‬من‭ ‬تقليص‭ ‬كلفة‭ ‬الخدمة‭ ‬على‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية،‭ ‬وتخفيف‭ ‬الأعباء‭ ‬المالية‭ ‬عنها،‭ ‬بما‭ ‬يتيح‭ ‬توجيه‭ ‬الموارد‭ ‬المتبقية‭ ‬إلى‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬كتهيئة‭ ‬الطرق‭ ‬والبنيات‭ ‬الأساسية‭ ‬الداعمة‭ ‬للنقل‭ ‬الحضري،‭ ‬ويعد‭ ‬بإنهاء‭ ‬إكراهات‭ ‬المراقبة‭ ‬والمتابعة‭ ‬الَّتِي‭ ‬عاشتها‭ ‬طنجة‭ ‬وتطوان‭ ‬مع‭ ‬شركات‭ ‬التدبير‭ ‬المفوض‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عقود‭.‬

والمرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬الَّتِي‭ ‬شُرِعَ‭ ‬في‭ ‬تنفيذها‭ ‬بكلّ‭ ‬من‭ ‬طنجة‭ ‬وتطوان‭ ‬ستتيح‭ ‬دخول‭ ‬1317‭ ‬حافلة‭ ‬جديدة‭ ‬إلى‭ ‬الخدمة‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المدن‭ ‬المعنية‭ ‬قبل‭ ‬نهاية‭ ‬السنة‭ ‬الجارية،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬تشغيل‭ ‬باقي‭ ‬الحافلات‭ ‬تدريجيًّا‭ ‬إلى‭ ‬حدود‭ ‬سنة‭ ‬2026،‭ ‬كما‭ ‬ستعرف‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬إطلاق‭ ‬أنظمة‭ ‬رقمية‭ ‬متطورة‭ ‬خاصة‭ ‬بتدبير‭ ‬التذاكر‭ ‬والمساعدة‭ ‬على‭ ‬الاستغلال،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المنتظر‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬الشركات‭ ‬الفائزة‭ ‬بهذه‭ ‬الصفقات‭ ‬قريبا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الورش‭ ‬يمهد‭ ‬لنقلة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬النقل‭ ‬الحضري،‭ ‬حين‭ ‬سيتكامل‭ ‬مع‭ ‬مشاريع‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬الباص‭ ‬واي‮»‬‭ ‬الَّذِي‭ ‬تجري‭ ‬الدراسات‭ ‬الخاصة‭ ‬به‭ ‬حاليًا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يُرتقب‭ ‬أن‭ ‬تواكب‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬هذا‭ ‬الورش‭ ‬الوطني‭ ‬ببرامج‭ ‬تكوين‭ ‬وتأهيل‭ ‬لفائدة‭ ‬الأطر‭ ‬المحلية‭ ‬والمشغلين‭ ‬وممثلي‭ ‬الشركات‭ ‬المفوضة،‭ ‬قصد‭ ‬ضمان‭ ‬انسجام‭ ‬الرؤية‭ ‬وتوحيد‭ ‬أساليب‭ ‬التسيير‭ ‬والمراقبة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تحفيز‭ ‬الشباب‭ ‬على‭ ‬ولوج‭ ‬مهن‭ ‬النقل‭ ‬والخدمات‭ ‬المرتبطة‭ ‬به،‭ ‬ويُنتظر‭ ‬أن‭ ‬يخلق‭ ‬البرنامج‭ ‬آلاف‭ ‬مناصب‭ ‬الشغل‭ ‬المباشرة‭ ‬وغير‭ ‬المباشرة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬تصنيع‭ ‬وتجهيز‭ ‬الحافلات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الاستغلال‭ ‬والتسيير‭ ‬اليومي‭.‬

النقلة‭ ‬الَّتِي‭ ‬سيعرفها‭ ‬قطاع‭ ‬النقل‭ ‬الحضري،‭ ‬عبر‭ ‬الحافلات،‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬تحديث‭ ‬للأسطول‭ ‬أو‭ ‬تحسين‭ ‬للشكل‭ ‬الخارجي،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬شاملة‭ ‬لمنظومة‭ ‬التنقل‭ ‬الحضري‭ ‬بالمغرب‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬أكثر‭ ‬حداثة‭ ‬وشفافية‭ ‬واستدامة‭. ‬فالفصل‭ ‬بين‭ ‬التمويل‭ ‬والتدبير،‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬والجماعات‭ ‬والشركات،‭ ‬وتوظيف‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬التتبع‭ ‬والمراقبة،‭ ‬كلها‭ ‬عناصر‭ ‬تُؤسّس‭ ‬لمرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الخدمات‭ ‬العمومية،‭ ‬أساسها‭ ‬الكفاءة‭ ‬والجودة‭ ‬بدل‭ ‬التدبير‭ ‬الارتجالي‭ ‬وردّ‭ ‬الفعل‭.‬

وبذلك،‭ ‬يمكن‭ ‬القول،‭ ‬إنَّ‭ ‬جهة‭ ‬طنجة‭-‬تطوان‭-‬الحسيمة‭ ‬أصبحت‭ ‬صلب‭ ‬هذا‭ ‬التحوُّل،‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬لها‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬وطنية‭ ‬نموذجية‭ ‬في‭ ‬النقل‭ ‬الحضري،‭ ‬ستُسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬صورة‭ ‬المدن‭ ‬المغربية‭ ‬وتعزيز‭ ‬جاذبيتها‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والسياحية،‭ ‬ومع‭ ‬اكتمال‭ ‬مراحل‭ ‬البرنامج‭ ‬في‭ ‬أفق‭ ‬سنة‭ ‬2029،‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬القليلة‭ ‬الَّتِي‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬نقل‭ ‬حضري‭ ‬عصرية‭ ‬ومنسقة‭ ‬ومُمأسسة،‭ ‬تستجيب‭ ‬لحاجيات‭ ‬المواطنين‭ ‬وتنسجم‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭.‬

تابعنا على الفيسبوك