سياحة
طنجة تفرض «الانضباط العمراني» في محيط المدينة الرياضية وتراهن على صورة سياحية راقية
في خطوة تعكس حرص السلطات المحلية على إنجاح أوراش البنيات التحتية الرياضية الكبرى، قررت مدينة طنجة التشبّث بقرارها القاضي بعدم السماح ببناء طوابق إضافية أو تغييرات معمارية عشوائية في محيط المدينة الرياضية الواقعة قرب ملعب ابن بطوطة (الملعب الكبير). ويأتي هذا التوجّه بالتزامن مع استعداد المغرب لاحتضان كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، ما يجعل طنجة في قلب الاهتمام الدولي كواجهة رياضية وسياحية.
القرار الذي اتّخذته لجنة التعمير والجماعة الحضرية، بدعم من سلطات الولاية، يهدف إلى حماية جمالية المشروع وضمان انسجامه مع المعايير الدولية المعمول بها في المدن الرياضية الكبرى.
مصادر محلية أكدت لجريدة «لاديبيش» أنَّ المخطط العمراني يراعي خلق فضاء متكامل يضم مرافق تدريبية، ومساحات خضراء، ومرائب سيارات واسعة، وطرقا مُنظّمة لتفادي الاكتظاظ خلال المباريات والفعاليات الكبرى. ويرى متتبعون، أنَّ هذا الإجراء الصارم سيُسهم في تعزيز صورة طنجة كمدينة حديثة قادرة على استقبال آلاف المشجعين والرياضيين من مختلف أنحاء العالم.
فغياب الطوابق العشوائية حول المدينة الرياضية سيحافظ على الرؤية البانورامية للملعب والقرية الرياضية، ويمنح الزوّار انطباعًا بأنهم أمام مشروع متكامل يراعي أدق التفاصيل، تماما كما هو الحال في أبرز العواصم الرياضية.
من جهته، أوضح مصدر من قسم التعمير بالمدينة، أنَّ القرارات المتّخذة جاءت بعد دراسات تقنية وهندسية، خلصت إلى أن أي بناء مرتفع قرب المنشآت قد يُؤثّر في حركة المرور، ويعرقل تدفق الجماهير، فضلًا عن إمكانية إفساد المنظر العام الذي يعد جزءًا من جاذبية المدينة الرياضية. وأضاف أن توفير مرائب سيارات منظمة وذات سعة كبيرة سيحدّ من ظاهرة الوقوف العشوائي التي كانت تشوّه محيط ملعب ابن بطوطة في الماضي.
عدد من الفاعلين في المجال الرياضي اعتبروا أن طنجة باتت نموذجًا يحتذى به في التخطيط للمشاريع الرياضية الكبرى. فالمدينة الرياضية ليست مجرد ملعب ضخم، بل هي فضاء متعدد الاستعمالات يضم قاعات مغلقة للتداريب، مساحات مخصصة للرياضات الجماعية والفردية، ومرافق ترفيهية تعزز حضور العائلات والجمهور.
وتعليقًا على هذه الخطوة، قال أحد الفاعلين الجمعويين لـ«لاديبيش» إنَّ طنجة بهذه القرارات تحمي مستقبلها الرياضي وتستثمر في صورتها السياحية، خاصة أنَّ كأس العالم 2030 سيكون فرصة تاريخية لتسويق المدينة كوجهة عالمية.
وأكد أنَّ التجارب السابقة أظهرت كيف يمكن للبناء العشوائي أو غياب التنظيم العمراني أن يفقد المشاريع الكبرى بريقها، مضيفًا أنَّ السلطات هذه المرة بدت حازمة في الحفاظ على جودة الإنجاز.
من جانبهم، عبَّر عدد من سكان الأحياء المجاورة عن ارتياحهم لهذه التدابير، معتبرين أن تهيئة المرائب والطرق المحيطة سيسهل حركتهم اليومية ويجنبهم الفوضى التي كانت ترافق بعض المباريات المهمة. وقال أحدهم: «لم نكن نتصور أن مشروع المدينة الرياضية سيغير هذا الحي بهذا الشكل. الآن نشعر أننا جزء من حدث وطني ودولي، ونتمنى أن تنعكس هذه الجهود على باقي أحياء طنجة».
ومع اقتراب موعد كأس إفريقيا للأمم السنة المقبلة، تسابق طنجة الزمن لتكون في مستوى التحدي. فإضافة إلى المدينة الرياضية، تشهد العاصمة الشمالية عمليات تهيئة للطرقات، وتحسين خدمات النقل العمومي، وتوسيع شبكة الفنادق لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار.
قرار منع الطوابق وبناء المرائب الواسعة، وإن بدا تفصيلًا عمرانيًّا بسيطا للبعض، غير أنَّه يمثل “بحسب خبراء” خطوة استراتيجية تعكس رؤية شمولية تجعل من طنجة نموذجًا في التخطيط الحضري المرتبط بالرياضة. وهي رسالة واضحة بأن المغرب عازم على تقديم صورة مشرقة للعالم حين يستقبل كبار نجوم كرة القدم والملايين من المشجعين خلال أكبر التظاهرات الكروية.
بهذه الخطوات، تثبت طنجة أنَّ الاستثمار في الرياضة ليس مجرد بناء ملاعب، بل مشروع حضري متكامل يحترم الجمالية، يعزز البنية التحتية، ويضع راحة الجماهير وسلامتهم في المقام الأول.


