تواصل معنا

سياحة

صيف طنجة 2025.. بين توسيع فضاءات المشي واستمرار فوضى السير والجولان بالمدينة

مع‭ ‬حلول‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬تصبح‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة‭ ‬الوجهة‭ ‬السياحيَّة‭ ‬المفضلة‭ ‬لدى‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السياح‭ -‬مغاربة‭ ‬وأجانب‭- ‬وتستقطب‭ ‬أعدادًا‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الزوار‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الفصل‭ ‬بالتحديد؛‭ ‬ما‭ ‬يسهم‭ ‬ذلك‭ ‬مباشرةً‭ ‬في‭ ‬مضاعفة‭ ‬الحركيَّة‭ ‬داخل‭ ‬فضاءات‭ ‬وشوارع‭ ‬المدينة‭ ‬بشكل‭ ‬ملحوظ‭. ‬

ويُؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬ازدحام‭ ‬مروري‭ ‬خانق،‭ ‬خاصَّةً‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬الرئيسيَّة‭ ‬مثل‭ ‬شارع‭ ‬الحريَّة،‭ ‬شارع‭ ‬المكسيك،‭ ‬وساحة‭ ‬9‭ ‬أبريل،‭ ‬إذ‭ ‬تشهد‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬اكتظاظًا‭ ‬طوال‭ ‬اليوم،‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬والفاعلين‭ ‬المحليين‭ ‬إلى‭ ‬المطالبة‭ ‬بإجراءات‭ ‬أكثر‭ ‬جديَّة،‭ ‬مثل‭ ‬منع‭ ‬السيارات‭ ‬مؤقتًا‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬حواجز‭ ‬تنظيميَّة‭ ‬خلال‭ ‬أوقات‭ ‬الذروة‭ ‬الصيفيَّة‭.‬

لكن‭ ‬ورغم‭ ‬هذه‭ ‬المطالب،‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬السلطات‭ ‬تعتمد‭ ‬حلولًا‭ ‬توصف‭ ‬بأنَّها‭ ‬مؤقتة‭ ‬وغير‭ ‬كافيَّة‭. ‬ومن‭ ‬جهتها‭ ‬تقدم‭ ‬الجهات‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬إدارة‭ ‬السير‭ ‬في‭ ‬طنجة‭ ‬مبرّرات‭ ‬مختلفة‭ ‬لعدم‭ ‬اتِّخاذ‭ ‬خطوة‭ ‬منع‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬حواجز‭ ‬دائمة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭.‬

وأبرز‭ ‬هذه‭ ‬المبرّرات‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬تُعدُّ‭ ‬شرايين‭ ‬رئيسيَّة‭ ‬تربط‭ ‬بين‭ ‬أحياء‭ ‬ومناطق‭ ‬حيويَّة‭ ‬في‭ ‬المدينة،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬إغلاقها‭ ‬قد‭ ‬يُؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬تعطيل‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬بالكامل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬تضمُّ‭ ‬عددًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬من‭ ‬المحلات‭ ‬التجاريَّة‭ ‬والمقاهي‭ ‬والفنادق،‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬اعتمادًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬على‭ ‬حركة‭ ‬السيارات‭ ‬لجلب‭ ‬الزبائن،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنّ‭ ‬تقييد‭ ‬الحركة‭ ‬فيها‭ ‬قد‭ ‬يُؤثّر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭.‬

وحسب‭ ‬مصادر‭ ‬لجريدة‭ “‬لاديبيش‭” ‬فإنَّ‭ ‬وجهة‭ ‬النظر‭ ‬الرسميَّة‭ ‬تستند‭ ‬كذلك‭ ‬إلى‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭ ‬تُستخدم‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬العمومي‭ ‬وسيارات‭ ‬الأجرة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬سيارات‭ ‬الإسعاف‭ ‬والطوارئ،‭ ‬وأي‭ ‬قرار‭ ‬بمنع‭ ‬السيارات‭ ‬قد‭ ‬يُؤدّي‭ ‬إلى‭ ‬إرباك‭ ‬خدمات‭ ‬الطوارئ،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهله‭.‬

ويرى‭ ‬بعض‭ ‬المراقبين،‭ ‬أنَّ‭ ‬المشكلة‭ ‬الحقيقيَّة‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬رؤية‭ ‬حضريَّة‭ ‬مدروسة‭ ‬لتدبير‭ ‬الفضاء‭ ‬العمومي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬طنجة،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تبنّت‭ ‬فيه‭ ‬مدنٌ‭ ‬مغربيَّة‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬مراكش‭ ‬والرباط،‭ ‬نماذج‭ ‬للنقل‭ ‬المستدام‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬حركة‭ ‬السيارات‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الفضاءات‭ ‬العامة،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬طنجة‭ ‬متأخرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُخصّص‭ ‬بعض‭ ‬الشوارع‭ ‬للمشاة‭ ‬فقط‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬الصيف،‭ ‬أو‭ ‬اعتماد‭ ‬وسائل‭ ‬نقل‭ ‬بديلة‭ ‬كالدراجات‭ ‬الكهربائيَّة‭ ‬أو‭ ‬حافلات‭ ‬صغيرة‭ ‬صديقة‭ ‬للبيئة،‭ ‬لكن‭ ‬للأسف‭ ‬تبقى‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬مجرد‭ ‬اقتراحات‭ ‬غير‭ ‬مفعلة‭.‬

ومن‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬الفاعلين‭ ‬الجمعويين‭ ‬بالمدينة،‭ ‬فإنَّ‭ ‬الحل‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬اعتماد‭ ‬مقاربة‭ ‬تشاركيَّة‭ ‬تشمل‭ ‬السلطات‭ ‬المحليَّة،‭ ‬التجار،‭ ‬السكان،‭ ‬وجمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني،‭ ‬إذ‭ ‬ينبغي‭ ‬للأطراف‭ ‬التشاور؛‭ ‬لوضع‭ ‬حلول‭ ‬متوازنة‭ ‬تحقق‭ ‬انسيابيَّة‭ ‬المرور،‭ ‬وتحافظ‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصاديَّة‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭ ‬المستهدفة‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬البنيَّة‭ ‬التحتيَّة‭ ‬للنقل‭ ‬العمومي،‭ ‬مثل‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬الحافلات‭ ‬وتوفير‭ ‬بدائل‭ ‬نقل‭ ‬جماعي‭ ‬مريحة‭ ‬وسريعة،‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬دورٌ‭ ‬كبيرٌ‭ ‬في‭ ‬تخفيف‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الشوارع‭.‬

ولا‭ ‬شكّ‭ ‬أن‭ ‬اتِّخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬جريئة‭ ‬مثل‭ ‬منع‭ ‬دخول‭ ‬السيارات‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬شوارع‭ ‬طنجة‭ ‬خلال‭ ‬الصيف‭ ‬يتطلَّب‭ ‬إرادة‭ ‬قويَّة‭ ‬ووعيًّا‭ ‬بأهميَّة‭ ‬تطوير‭ ‬نموذج‭ ‬حضري‭ ‬مستدام،‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬بداية‭ ‬لتحويل‭ ‬طنجة‭ ‬إلى‭ ‬مدينة‭ ‬أكثر‭ ‬ملاءمة‭ ‬للعيش،‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬مكانتها‭ ‬كوجهة‭ ‬سياحيَّة‭ ‬عالميَّة‭.‬

وتبقى‭ ‬مسألة‭ ‬السير‭ ‬والجولان‭ ‬اختبارًا‭ ‬حقيقيًّا‭ ‬لمدى‭ ‬استعداد‭ ‬طنجة‭ ‬لتبني‭ ‬مشاريع‭ ‬ومخططات‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬المؤقتة‭ ‬التي‭ ‬تنتهي‭ ‬بانتهاء‭ ‬الموسم‭ ‬الصيفي‭.‬

تابعنا على الفيسبوك