تواصل معنا

القانون والناس

مسطرة الاعتقال الاحتياطي واقعًا وقانونًا.. تمتمة

يتمّ الاتّصال بالمحامي، قبل انتهاء نصف المدّة الأصليَّة للحراسة النظرية. ويُمكن لممثّل النيابة العامّة، كلما تعلّق الأمر بوقائع تكون جناية واقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يُؤخّر بصفة استثنائيَّة، اتّصال المحامي بموكله، بناءً على طلب من ضابط الشرطة القضائيَّة على ألَّا تتجاوز مدّة التأخير، اثنتي عشرة ساعة، ابتداءً من نصف المدّة الأصليَّة للحراسة النظريَّة، لكن إن كان حضورُ المحامي إلزاميًا، وكان المعتقل قاصرًا أو أصمَ أبكمَ، فحسب مقتضيات المادة (316) من قانون المسطرة الجنائيّة، الَّتِي نصت على أنه: تكون مؤازرة المحامي إلزامية في الجنايات أمام غرفة الجنايات وتكون إلزامية أيضًا في القضايا الجنحية في الحالات الآتية:

1- إذا كان المتهم حدثًا يقل عمره عن ثمانية عشر عامًا أو أبكم أو أعمى أو مصابًا بأيّ عاهة أخرى من شأنها الإخلال بحقّه في الدفاع عن نفسه.

2- في الأحوال الَّتِي يكون فيها المتهم مُعرّضًا للحكم عليه بالابتعاد.

3- في الحالة المنصوص عليها في الفقرة الرابعة من المادة (312) أي أنّه إذا كان المتهم في وضعية صحية يتعذّر عليه فيها حضور الجلسة، ووجدت أسباب خطيرة لا يمكن معها تأجيل الحكم في القضية، فإنَّ المحكمة تكلّف بمقتضى مُقرّر خاص ومعلّل أحد أعضائها، بمساعدة كاتب الضبط لاستنطاق المتهم في المكان الَّذِي يوجد به.

مما يعد معه المحامي ووجوده ملزمًا لحفظ ضمانات المحاكمة العادلة، بيد أنّه من يضمن السيرورة العادلة لمسطرة الاعتقال والاستنطاق، قبل وصول الملف إلى يد القضاة؟ هل يمكن اعتبار محضر الضابطة القضائيَّة مجرد حبرٍ على ورق في حالة المتهم الأبكم، وعدم وجود من يُوصّل كلامه أم أنَّ المحضر يعتدّ به إلى أن يثبت ما يخالفه؟

هل المادتان (289) و(290) من قانون المسطرة القضائيَّة، تفعّلان بهَذَا الصدد أم أنَّهما مجرد مادتين تكتمل بها إعداد الموادّ اللازمة لإصدار قانون مُعيّن؟

لا يعتد بالمحاضر والتقارير الَّتِي يُحرّرها ضباطُ وأعوان الشرطة القضائيَّة والمُوظّفون والأعوان المُكلّفون ببعض مهامّ الشرطة القضائيَّة، إلا إذا كانت صحيحة في الشكل وضمن فيها محرّرها وهو يمارس مهامّ وظيفتهما عاينه أو تلقاه شخصيًا في مجال اختصاصه.

اعتقال الأبكم إلى حين إصدار الحكم واعتماد ترجمة شخص مُعيّن دون أدائه اليمين القانونيَّة، هل يمكن اعتباره تعسفًا في حقّ المتهم الأبكم مع الضرب بعرض الحائط قرينة البراءة وضمانات المحاكمة العادلة، أم أن يمينه مجرد استئناس ليس إلا؟

المادة (120) من قانون المسطرة الجنائية تنصّ على أنّه إذا كان الترجمان غير مُحلّف، وجب أن يُؤدّي أمام قاضي التحقيق يمينًا على أن يُترجم بأمانة، وإذا أثيرت في أثناء القيام بالترجمة نزاع يتعلّق بأمانتها، فلقاضي التحقيق أن يُقرّر ما إذا كان من الملائم تعيين ترجمان آخر، فهل العمل القضائي يفعل هَذَا الترخيص الَّذِي سطَّرته المسطرة الجنائيَّة لتفادي عدم إحقاق العدل وإنزال الظلم بمتهم بريء.

في حين نصت المادة (121) على أنّه تُوجّه الأسئلة كتابةً إذا كان الشاهد أصمَ أو أبكمَ، فاذا كان لا يعرف الكتابة، يُساعده شخص اعتاد التحدّث معه، فإن لم يكن من يساعده حاضرًا، فأي شخص قادر على التفاهم معه، وتسري على هَذَا الشخص المقتضيات المنصوص عليها في الفقرتين اللتين سُطّرتا أعلاه، ويضمن في المحضر اسم الترجمان العائليّ والشخصي وسنه ومهنته ومحل سكنه واليمين الَّتِي أداها، ويُوقّع المحضر الترجمان نفسه أو يضع بصمته أو يشار إلى تعذّر ذلك، مما يجعل الفاعلُ القانونيُّ يتساءل محل الدفوعات الشكليَّة في لفت نظر القاضي حول الخروقات، الَّتِي تنتهج ضد من لا حول لهم ولا قوة، خصوصًا أنّه يُعْتَقل ويُوضَعُ بالحراسة النظريَّة، واعتبار محاضر الضابطة القضائيَّة كتابًا مُقدّسًا لا يجب المساس به، فهل يمكننا في القريب العاجل إيجاد تفعيل مسطري سليم للقانون، ومراقبة فعلية لمن خوَّلت له السلطة إحقاق الحقّ، وإنزال العدل، أم أنّه سيظلُّ الواقع والقانون خطّين مُتوازيّين لا يلتقيان أبدًا؟

تابعنا على الفيسبوك