تواصل معنا

القانون والناس

مسطرة الاعتقال الاحتياطي واقعًا وقانونًا

  إنَّ الحقَّ في الحرّيَّة من المبادئ الأساسيَّة، الَّتِي من المفروض أن يتمتّع بها الفردُ في المجتمع الدوليّ، بل إنَّ هَذَا الحقَّ، هو عنصرٌ من العناصر الأساسيّة، الَّتِي تشكّل النظام العامّ الديمقراطي العالمي. ومن واجب الدول التكفّل بحماية جميع الأفراد، بل إنَّ هَذَا الواجب يصبح أكثر قدسيةً واحترامًا لحماية أفراد الشعب من تعسّف وانتهاكات السلطات، لتلك الحقوق عبر القبض عليهم أو تقييد حرياتهم، دون مسوغٍ قانونيٍّ أو مبررٍ شرعيٍّ عادلٍ.

 إن كان اعتماد قرينة البراءة هو الأساس، فهَذَا الأمر لا يمنع من ممارسة البحث والتحقيق والمحاكمة، الَّتِي ينبغي أن تكون مُنصبّة على الأفعال، ولا تنطوي بالمقابل على المعني بها الَّذِي يتعيّن أن يبقى بريئًا وغير معتقلٍ إلا في حالاتٍ استثنائيَّةٍ، وهو ما يجعل الاعتقال الاحتياطي في الحقيقة، إجراء ماسًا بأصل البراءة لأنّه يُقرّر عقوبات قبل إصدار مُقرّر نهائي، خصوصًا متى كان اللجوء إليه دون حدود أو قيودٍ مُقرّرة بشكلٍ دقيقٍ، ما يجعل اللجوء إليه بشكل غير مُبرّرٍ أمرًا يوجب التعويض.

 فهل خطورة الأفعال، هي الَّتِي تُحدّد اعتقال المتهم أمّ النيابة العامة من حقّها تشريع القوانين واستعمال الاستثناء بدل القاعدة؟ وهل هي ملزمة بتطبيقها القانون على النحو الَّذِي ارتضاه المُشرّع أم لها الحقّ في الخروج عن ذلك بذريعة استقلالها؟

إن كان اللغطُ الَّذِي صادف شيزوفرينيا القرارات المتّخذة لبعضِ القضايا المعروضة على أنظار محاكم المملكة، الَّتِي تباينت بين المتابعة في حالة سراح والمتابعة في حالة اعتقال لنفس الفعل الجرميّ، أثارت تساؤلاتٌ عديدةٌ للفاعلين القانونيّين والمواطن البسيط على حدّ سواء، حول اعتماد النيابة العامّة في اتّخاذ قراراتها على ضمانات الحضور أم حضور الضمانات؟ وهل يمكن للمتضرّر، ردّ اعتباره أم أنَّ الله وحده كفيل به؟ وهل يمكن للمشرّع المغربيّ وضع قوانين واضحةٍ ومساطير مُفصّلة لضمان أنَّ العدل وتطبيق القانون أم أنَّنا نسير عبر المزيد من التخبّطات واللاعقلانية القرارات؟

حسب مقتضيات المادة (66)، من قانون المسطرة الجنائيَّة، فإنّه يتمّ الاحتفاظ بشخص إذا تطلّبت ضرورة البحث ذلك، فيتمّ وضعه تحت الحراسة النظريَّة لمدّة لا تتجاوز 48 ساعة، تحسب ابتداءً من ساعة توقيفهم، وتُشعر النيابة العامة. يتعيّن على ضابط الشرطة القضائيّة إخبار كلّ شخص تمّ القبض عليه أو وُضع تحت الحراسة النظرية فورًا وبكيفية يفهمها، بدواعي اعتقاله وبحقوقه، ومن بينها حقّه في التزام الصمت. يمكن بإذن كتابي من النيابة العامّة لضرورة البحث، تمديد مدة الحراسة النظريّة لمرّة واحدة هي أربع وعشرون ساعة.

إذا تعلّق الأمر بالمسّ بأمن الدولة الداخليّ أو الخارجيّ، فإنَّ مدة الحراسة النظرية تكون ستًا وتسعين ساعة قابلة للتمديد مرّةً واحدةً، بناء على إذن كتابيّ من النيابة العامّة.

يحقّ للشخص الَّذِي ألقي القبض عليه، أو وضع تحت الحراسة النظريّة الاستفادة من مساعدة قانونيَّة، ومن إمكانية الاتّصال بأحد أٌقربائه، وله الحقّ في تعيين محامٍ، وكذا الحقّ في طلب تعيينه في إطار المساعدة القضائيّة.

تقوم الشرطة القضائية فورًا بإشعار المحامي المُعيّن مع إخبار النقيب بذلك. وإذا طلب المعني بالأمر تعيين محامٍ في إطار المساعدة القضائيّة تقوم الشرطة القضائية فورًا بأشعار النقيب الَّذِي يتولى تعيين هَذَا المحامي.

يتمُّ الاتّصال بالمحامي قبل انتهاء نصف المدّة الأصلية للحراسة النظريَّة. ويمكن لممثل النيابة العامة، كلما تعلّق الأمر بوقائع تكون جناية واقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يُؤخّر بصفة استثنائيَّة، اتّصال المحامي بموكله بناءً على طلب من ضابط الشرطة القضائية على ألَّا تتجاوز مدّة التأخير اثنتي عشرة ساعةً، ابتداءً من نصف المدّة الأصلية للحراسة النظرية.

يتبع

تابعنا على الفيسبوك